أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025


العنف ومفهوم الكرامة
15-12-2011 08:13 AM
كل الاردن -

 alt

سميح المعايطة

هناك تعبير للأستاذ حسني عايش عند الحديث عن العنف بان هناك مفهوما خاطئاً للكرامة لدى بعض الفئات , وهو تعبير دقيق وبخاصة عندما ندقق في أسباب بعض المشكلات التي تحدث في بعض الجامعات أو خارج الجامعات نجد أنها ناتجة عن فهم خاطىء أو غير كامل للكرامة .

إحدى المشاجرات الكبرى قيل إن سببها أن شخصاً « جحر « في شخصٍ آخر, والجحر معناه نعرفه جميعا وهو أن يركز أحدنا بصره في شخص آخر بطريقة لا تخلو من التحدي, فكان هذا معناه أن فهماً خاصاً للكرامة لدى الشخص المجحور دفعه للدخول في الطوشة واستدعاء أنصاره من الخارج, وأيضاً كان الشخص الذي مارس الجحر يعتقد أن ما فعله مس بكرامة الآخرين وإعلاء لكرامته.

وأحياناً تكون المشكلة لأن فتاة من عائلة يراها شخص من نفس اسم العائلة أو القرية تجلس مع شخصٍ آخر فيعتبر هذا مساً بكرامته, مع أنه لا يعارض فكرة جلوس الشباب مع الفتيات في الجامعات, وربما تكون له صديقة أو محاولة مع فتيات لكسب ودهن. او يكون معيار الكرامة ان يجلس شاب في جامعة على مقعد يعتقد اخر انه مخصص له.

الكرامة شيء مقدس وهي معيار اجتماعي وسياسي رفيع, فالشهيد يقدم روحه لأن كرامته تأبى عليه أن يرى أرضه محتلة, والرجل قد يقتل آخر إذا رأى اعتداء منه على جار أو شخص ضعيف, فنصرة المظلوم مفهوم من مفاهيم الكرامة, والكرم كرامة لأنه يرفض أن يدخل بيته ضيفه ولا يجد التكريم, والكريم يرفض الضيم, إنه مفهوم رفيع لكننا نحوله إلى مصدر لسلوكيات مرفوضة إذا شوهنا المعنى أو حولناه إلى قيمة للاستعلاء على الآخر أو الإستقواء على الضعيف, أو الاستعراض.

ربما نحن بحاجة إلى حملة لنقول فيها لأنفسنا إن من مفاهيم الكرامة أن يرفض أحدنا أن يضع على جوانبه هواتف خلوية ونظارات شمسية وباكيت الدخان ويقف على مربعات الشوارع وهو بلا عمل أو يرفض العمل إلا كما يريد. ولا بد لنا أن نُعلم أنفسنا وأجيالنا أن التسامح جزءٌ من مفاهيم الكرامة لأن قصص تاريخنا البعيد والقريب تقول لنا إن الكرام «والشيوخ» والزعماء هم أهل التسامح, وإن الكرامة خلق وليست حالة عصبية أو مسدسا نضعه على الخصر لنطلق منه الرصاص في هوشة مع صديق أو مشاركة في مشاجرة قد لا نعلم سببها.

نحن في المجتمع نُعلم أبناءنا أحياناً مفاهيم خاطئة حينما ننفخ في عقولهم أنكم أبناء فلان أو علان, وأنتم أفضل من عائلة كذا أو لكم من الأصول, وهناك تعبئة بالاتجاه الخاطىء تجعل أحدنا لو اضطر أن يقف على الدور لدفع فاتورة أن يبحث عن أي وسيلة لتجاوز الدور لأنه من الفئة أو العائلة الفلانية, وكأن الالتزام بالدور مخالف لمفهوم الكرامة.

يجب أن نعلم أنفسنا وأجيالنا الكرامة لكن بمفهومها الحقيقي والايجابي, فالكرامة تفرض على أي منا أن يكون متفوقاً, وأن يكون شهماً وكريماً وأميناً وليس فاسداً, لأن الفساد نقيض الكرامة, والاعتداء على أعراض الناس لا كرامة فيه, والتعصب السلبي مفهوم لا علاقة له بالكرامة.

لنتوقف عندما نقول لأبنائنا, ما هي الكرامة التي يجب أن يحافظوا عليها وما هي المعايير الوهمية للكرامة, أو لنقل إننا بحاجة إلى ثقافة مجتمعية تساعدنا على التخلص من بعض الظواهر السلبية

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012