16-12-2011 10:06 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
ربط الله تعالى وحدة الامة بعقيدة التوحيد ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون ، وزاوج الاسلام في تصوره للوجود بين حقيقتين: وحدانية الخالق وتنوع الخلق وتعددهم ، وكلتا الحقيقتين تؤكدان على الوحدة ، وتتحركان باتجاه اقرارها والحث عليها ، باعتبارها هبة من الله واحدى لطائفه بمخلوقاته ، فقد اقتضت حكمته تعالى ان يقوم كل شيء بالوحدة ، ابتداء من المنظومة الكونية ، بما فيها من اجرام ونجوم وكواكب ، اذا خرج جزء منها عن دائرة الوحدة والانسجام اختل النظام كله ، وانتهاء بالطبيعة والانسان ، وما اودعه الله فيهما من انظمة وسنن وقوانين لا تقوم الا على الوحدة ولا تتقدم الا بها.
هذا هو التصور الاسلامي لمفهوم الوحدة في كافة اطرها ، الكونية والانسانية ، وهو ذات التصور فيما يتعلق بالافراد والامم ، لكن من حقنا اليوم ان نتساءل عن غيبة هذا المفهوم وانسحابه من دوائر وعينا وحياتنا ، وان نتساءل ايضا عن الوحدة العلمية كيف يمكن للامة ان تنهض اليها ، وما هي مواصفاتها ، وهل هي فريضة وفيما اذا خطابنا الوحدوي قد نجح في اقناع الشعوب والحكومات بثقافة الوحدة ، وكيف يمكن تطوير هذا الخطاب ليتناسب مع مقاصد الاسلام وصالح الناس وضرورات العصر وحاجاته.
ان الانحراف في فهم العقيدة والعروبة ، يفضي بالضرورة الى الانحراف في فهم الوحدة وادراك مضامينها واهدافها ، كما ن التطرف - بأشكاله - ضد الوحدة ، فلا وحدة بالقوة ، ولا بالانحياز الى القطرية والمذهبية ، ولا بالتعصب ، ولا باقصاء الخصوصيات ولا باعدام الاختلاف ورفض التنوع ، ولا بالجمود على الهياكل الوحدوية ، والعزلة عن تجارب العالم وانجازاته ، ولا بتكرار النماذج الفاشلة التي انتهت اليها امتنا في حقب لها ضروراتها ودوافعها ، وانما تكون الوحدة بخلق وابداع ما يناسبها من بيئة اجتماعية وفكرية واقتصادية ، وباعادة النظر في كثير من البدهيات والمنطلقات التي توهمنا ان الوحدة لا تقوم بغيرها ، كتلك التي تربط الوحدة بالاندماج الكلي ، بدل التكامل ، او بالاقتصاد وحده كطريق للوحدة...الخ.
باختصار ارجو ان يجد موضوع الوحدة العملية لامتنا ومجتمعاتنا ما يناسبه من فقه جديد وما يتطلبه من تدبير وتفكير ، للخروج من دائرة الحلم التي استغرقنا فيه الى دائرة الفعل والعمل.. فالوحدة التي نتصورها اليوم على صورة ما انتهى اليه فكرنا ، غير تلك الممكنة التي تحتاجها شعوبنا.