أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025


المسلمون.. وامتحان الوحدة
16-12-2011 10:06 AM
كل الاردن -

alt
 حسين الرواشدة

 
ربط الله تعالى وحدة الامة بعقيدة التوحيد ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون ، وزاوج الاسلام في تصوره للوجود بين حقيقتين: وحدانية الخالق وتنوع الخلق وتعددهم ، وكلتا الحقيقتين تؤكدان على الوحدة ، وتتحركان باتجاه اقرارها والحث عليها ، باعتبارها هبة من الله واحدى لطائفه بمخلوقاته ، فقد اقتضت حكمته تعالى ان يقوم كل شيء بالوحدة ، ابتداء من المنظومة الكونية ، بما فيها من اجرام ونجوم وكواكب ، اذا خرج جزء منها عن دائرة الوحدة والانسجام اختل النظام كله ، وانتهاء بالطبيعة والانسان ، وما اودعه الله فيهما من انظمة وسنن وقوانين لا تقوم الا على الوحدة ولا تتقدم الا بها.

هذا هو التصور الاسلامي لمفهوم الوحدة في كافة اطرها ، الكونية والانسانية ، وهو ذات التصور فيما يتعلق بالافراد والامم ، لكن من حقنا اليوم ان نتساءل عن غيبة هذا المفهوم وانسحابه من دوائر وعينا وحياتنا ، وان نتساءل ايضا عن الوحدة العلمية كيف يمكن للامة ان تنهض اليها ، وما هي مواصفاتها ، وهل هي فريضة وفيما اذا خطابنا الوحدوي قد نجح في اقناع الشعوب والحكومات بثقافة الوحدة ، وكيف يمكن تطوير هذا الخطاب ليتناسب مع مقاصد الاسلام وصالح الناس وضرورات العصر وحاجاته.

ان الانحراف في فهم العقيدة والعروبة ، يفضي بالضرورة الى الانحراف في فهم الوحدة وادراك مضامينها واهدافها ، كما ن التطرف - بأشكاله - ضد الوحدة ، فلا وحدة بالقوة ، ولا بالانحياز الى القطرية والمذهبية ، ولا بالتعصب ، ولا باقصاء الخصوصيات ولا باعدام الاختلاف ورفض التنوع ، ولا بالجمود على الهياكل الوحدوية ، والعزلة عن تجارب العالم وانجازاته ، ولا بتكرار النماذج الفاشلة التي انتهت اليها امتنا في حقب لها ضروراتها ودوافعها ، وانما تكون الوحدة بخلق وابداع ما يناسبها من بيئة اجتماعية وفكرية واقتصادية ، وباعادة النظر في كثير من البدهيات والمنطلقات التي توهمنا ان الوحدة لا تقوم بغيرها ، كتلك التي تربط الوحدة بالاندماج الكلي ، بدل التكامل ، او بالاقتصاد وحده كطريق للوحدة...الخ.

باختصار ارجو ان يجد موضوع الوحدة العملية لامتنا ومجتمعاتنا ما يناسبه من فقه جديد وما يتطلبه من تدبير وتفكير ، للخروج من دائرة الحلم التي استغرقنا فيه الى دائرة الفعل والعمل.. فالوحدة التي نتصورها اليوم على صورة ما انتهى اليه فكرنا ، غير تلك الممكنة التي تحتاجها شعوبنا.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012