أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025


اصل الفساد الكبير وفصله
17-12-2011 07:57 AM
كل الاردن -


alt

ناهض حتر
   

ليست مصادفة ان محاكمة الفاسدين هي المهمة الاساسية المطروحة على جدول اعمال الحراك الشعبي. ففي هذه المهمة بالذات, تتجسد كل مرامي الاحتجاج على تدهور وضع الفئات الشعبية من الاكتفائية المميزة لسيكولوجية المواطن الاردني, وما يرتبط بها من تقاليد الستر والكرامة والمحترمية, الى الفقر والفقر المدقع والقلق المتنامي من التردي الاجتماعي لدى الفئات الوسطى لصالح الصعود غير المبرّر لطبقة جديدة من الاثرياء الذين احتكروا الثروة والنفوذ.

في الوعي الشعبي يرتبط الفساد الكبير بالنيوليبراليين الذين يسميهم الشعب ساخرا ب" الديجيتال". وهذا الربط صحيح بصورة جوهرية. فالنيوليبرالية...

(1)تعادي الدولة والاجراءات البيروقراطية والقيود الدستورية والقانونية, باعتبارها جميعا من معيقات " النمو" الذي يتطلب تسريعه, وفق النيوليبراليين, تجاوز " الجمود" الدولتي. وحالما يحدث ذلك, تبدا التجاوزات الادارية والمالية وينفتح المجال واسعا للفساد والافساد,

(2) وتؤمن بالخصخصة كعقيدة شاملة لا كضرورة فنية, مما يتطلب التخلّص من المؤسسات الاقتصادية الحكومية وموجودات الدولة من دون قيود. فالخصخصة, عند النيوليبراليين, مهمة عاجلة للتخلص من دور الدولة الاقتصادي, وليست برنامج معالجة مديدة لتكوين وتفعيل قطاع خاص وطني. وخلال التنفيذ المتعجل لمهمة الخصخصة تتحول في الواقع الى سلوك غير رشيد من البيع المتهاون والتفكيك غير المسؤول ولهفة التكييش. وفي كل ذلك مجال واسع للفساد والافساد,

(3) وتؤكد على اولوية المشاريع الكبرى بحجة قدرتها على تحريك وتسريع "النمو". وبما ان دور الدولة, عند النيوليبراليين, هو دور انسحابي, فانه من الطبيعي الا يتم استخدام موارد الدولة في مشاريع صناعية او زراعية , بل في مشاريع البنى التحتية غير اللازمة او الخدمية غير المتوافقة مع الاحتياجات الاقتصادية الوطنية او الاجتماعية. وفي هذا النوع من المشاريع الضخمة الموازنات المدارة خارج القيود البيروقراطية, فرص كبيرة للفساد والافساد,

(4)وتركّز على اولوية جذب الاستثمارات الاجنبية. وتفرض بهذا الشان حزمة من التسهيلات والاعفاءات المغرية للمستثمرين. وتلعب هذه الحزمة القانونية والادارية والاجرائية, دورا اساسيا في تعظيم مكانة الكمبرادور ( وكلاء المصالح الاجنبية) على حساب الدولة والبرجوازية المحلية. وينشئ هذا النهج, مجالا حيويا للفساد والافساد داخل الثلاثي المتشابك من المسؤولين والمستثمرين الاجانب والكمبرادور,

(5) ومن الواضح ان تلبية متطلبات النيوليبرالية المار ذكرها, تستوجب احلال رجال الاعمال محلّ محترفي السياسة في المناصب, او, بالمقابل, تحويل السياسيين الى رجال اعمال. وفي هذا المزج بين البزنس والنفوذ السياسي والامني, يتشكل الفساد كمنهج وكفئة اجتماعية تكمن في قلب الطبقة الجديدة من الحيتان والقطط السمان.

يدرك الوعي الشعبي, بصورة عفوية, التكوين الاجتماعي السياسي للفساد. ولذلك, تجد ان الحراك الشعبي لا يركّز على العناصر الجنائية لملفات الفساد, بل على رموزها السياسية. وهو اتجاه صحيح. فما هو جنائي يختص به القضاء, لكن ما هو سياسي من الفساد هو محور السجال. ولذلك, فان محاكمة الفاسدين ينبغي ان تتحول الى محاكمة للنيوليبرالية بمجملها, واعلان فشلها والتخلي عنها. واذا لم يحدث هذا, فان وجبة جديدة من كبار الفاسدين ستظهر كل خمس سنوات, ذلك ان النيوليبرالية هي بذاتها ماكنة لانتاج الفساد..0

ynoon1@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-12-2011 11:16 AM

الكل يتحدث عن الخصخصة و مساوئها و لكن الكل ينسى ان الشركات نفسها عندما كانت عمومية و تدار بسواعد و عقول النشامى كانت تخسر من شدة حسن الادارة و التخطيط و نظافة الايد. و بعد الخصخصة اصبحت تدر الملايين!!!! على راي المثل تراب و بيخسر.

2) تعليق بواسطة :
17-12-2011 12:02 PM

لكي نفهم سبب خسائر الشركات العامة يجب النظر الى طرق تعامل الدولة مع هذه الشركات. فاذا كانت تكلفة انتاج طن الفوسفات مثلا هي 30 قرشا فانه يصبح تحت ادارة الدوله 30 دينار بسبب المسميات الاقتطاعيه الماليه المختلفه. واذا كان السعر العالمي هو 25 دينار/طن فالمحصله هي خساره ولكن خساره محاسبيه فقط اما فعليا فهو ربح صافي يدخل خزينة الدولة.
هذا يحصل في معظم الدول وليس فقط في الاردن ولكن بنسب مختلفه. وماذا يهم اذا كانت الاموال ترفد الخزينة وبالتالي المواطن فعليا ولتذهب المحاسبه الى الجحيم. ولكن المشكله كانت في امتطاء النيوليبراليين صهوة الخسارة المفتعلة لاقناع الشعب بمبدأ الخصخصة وان الدوله هي المستفيدة من التخلص من هذه الشركات الخاسره محاسبيا فقط.

3) تعليق بواسطة :
17-12-2011 01:05 PM

هنالك سوء اختيار لعنوان المقالة , فالعنوان يوحي بشئ والمتن يوحي بشئ اخر لا علاقة له بالتوصيف الحقيقي والواقعي باصل المشكلة في الأردن , ولا تعدوا نوعا من المناكفات الآيديولوجية لتيارات سياسية متناحرة فكريا , انا لست ليبراليا ولا اقول انه ليس من حق الكاتب ان ينتقد النيوليراليين الذين نهبوا البلد , لكن العنوان بعيد عن المتن, الأحرى القول ( سبب الفساد وفصله) لأن النيوليبرالية جزء من منظومة الفساد وسبب من اسبابها وليست الكل (في الأردن) على الأقل, لأن مفهوم الفساد واسع ولا يقتصر على الإقتصادي منه بل يتعداه للسياسي والإجتماعي و الفكري ايضا

4) تعليق بواسطة :
17-12-2011 01:59 PM

سأبوح لكم بسر ربح الفوسفات بعد الخصخصة حتى تفهموا كيف تتم سرقة الوطن:
قبل الخصخصة كانت رسوم التعدين 7.5دينار/ طن فوسفات وعندما أرادوا اتمام صفقة الخصخصة قامت لجنة التخاصية بقيادة البهلوان وأبو حمور بتخفيض رسم التعدين الى دينار واحد؟!! وعلى فرض ان انتاجنا من الفوسفات يتراوح بين 4 - 5 ملايين طن سنويا فان المبلغ الصافي كربح للشركة يكون 30 مليون دينار سنويا أي تقريبا نصف المبلغ الذي تم بيع الفوسفات به 78 مليون واذا ما اضفنا الى ذلك ارتفاع الطلب العالمي على الفوسفات والسماد وارتفاع اسعاره نجد بالنتيجة ان الخصخصة لم تفعل شيئا في الشركة بل ان ارقام الانتاج هي نفسها قبل وبعد الخصخصة اضافة الى امور اخرى يتعذر ذكرها هنا, أعرف ان كلامي خطير لكن ما هو الا جزء بسيط وصغير من تصرفات الفاسدين الذين نهبوا البلد. وللحديث بقية

5) تعليق بواسطة :
17-12-2011 02:35 PM

اذا كلامك صحيح معناه أنهم باعوا الشركة ببلاش لأن المستثمر المفترض استرد الذي دفعه في سنتين من رسوم التعدين والأرباح التي حققتها الشركة خلال سنوات الخصخصة والتي تقارب المليار دينار هي اربح صافية، على هذه الكلام يجب اعدام كل من شارك في هذه السرقة

6) تعليق بواسطة :
17-12-2011 05:10 PM

الى رقم 5
نعم هي كذلك . فمن نتائج الخصخصة انهاء خدمات الكثير من الموظفين . واحتكار السوق والتهرب من الضرائب . هذا بالاضافة الى السعر الذي بيعت فيه هذه الشركات وهو سعر لا يضاهي قيمة الموجودات الفعلية للشركات.

7) تعليق بواسطة :
17-12-2011 07:40 PM

تحليلك رائع اشكرك وكم انا معجبة بتعليقاتك

8) تعليق بواسطة :
17-12-2011 09:08 PM

عندما نعرف مصيبة بيع البوتاس سوف تنسون موضوع الفوسفات مختصر مفيد عليكم ان تساْلوا طيب الذكر باسم عوضالله لعله يفيدكم كيف قام ببيع نصف حصةالحكومه بسر الفلافل

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012