18-12-2011 08:29 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
احد المسؤولين في النظام السوري خرج عن “حرجه” وقال لي بصراحة: سوريا تمضي نحو المجهول، ومن يتحمل مسؤولية ذلك هو النظام الذي ما زال يرفض ما قدمناه له من نصائح، ويصر على الخيار “العسكري” وعلى “وهم” ان ما يحدث في سوريا مؤامرة.. وليس “ثورة” لشعب يريد ان يتحرر من الظلم والاستعباد.
فاجأني الرجل الذي التقيته قبل مدة في عاصمة عربية بهذه المواقف، وقلت له: لدينا في الاردن من لا يزال يرى فيما يحدث في سوريا “مؤامرة” ويدافع بشراسة عن النظام فابتسم –بمرارة- وقال: ما يصلكم من اخبار عن “المأساة” التي يتعرض لها الشعب السوري لا يتجاوز 20% من الواقع، ولو سمح لوسائل الاعلام العالمية او لمراقبين محايدين ان يدخلوا الى المناطق الملتهبة لكان الامر مختلفا، والصدمة اشد، لكن -للاسف- ما زال البعض مقتنعا بالرواية التي يقدمها النظام فيما لا يوجد لدى “الناس” الا وسائل بسيطة لتصوير الاحداث ونقلها او احصاء عدد الشهداء او المعتقلين وغير ذلك من تفاصيل.
قلت له: ارجوك، ضعني في الصورة الحقيقية، هل ما يحدث مؤامرة؟ وهل هناك عصابات مسلحة؟ وما هي توقعاتك للمستقبل؟ اخذ الرجل نفسا عميقا وقال: منذ بداية الاحداث في “درعا” وما حصل من تجاوزات من قبل المسؤولين الامنيين ونحن نحاول مع “النظام” ان يتقدم خطوات عملية وحقيقية لارضاء الناس وتحقيق مطالبهم، قلنا للرئيس: اذهب الى انتخابات رئاسية مبكرة وستكون فرصة “انتخابك” مرة اخرى كبيرة، فرفض، قلنا له: اسحب القوات العسكرية من المدن والارياف، فرفض، نصحناه بان يحاسب المسؤولين الذين “قتلوا” الناس فقال لنا: لم يقدم ضد احدهم اي شكوى.. الآن نحن ندرك تماما ان النظام وصل الى طريق مسدود، وان كثيرا من المناطق اصبحت خارج السيطرة، وان الضحايا الذين يسقطون بالعشرات كل يوم يدفعون الناس الى الاصرار على الثورة.
اضاف: قبل شهور كانت نسبة المتعاطفين مع النظام تصل الى 40% معظمهم من “الاقليات” ومن الاغلبية السنية ايضا، اما الآن فقد تراجعت كثيرا وحتى المدن التي لم تخرج مثل دمشق وحلب اصبحت تغلي من الداخل، ربما ينتظرون اللحظة المناسبة للانضمام الى الثورة، وهذه اللحظة مرتبطة بموقف “الجيش” وما يمكن ان يحدث فيه من انشقاقات.. وهي –للعلم- تتصاعد بشكل متسارع وربما تسمع قريبا عن انشقاقات على المستوى السياسي، فلا احد في سوريا –حتى نحن المحسوبين على النظام- لديه اي امل بنهاية “الازمة” وفق حسابات النظام وتصوراته بل اننا بتنا مقتنعين تماما بان الطريق الذي يسير فيه النظام الان سيفضي بنا الى “المجهول” وبالتالي لا مصلحة لسوريا في الاستمرار بهذه المواجهة او المفاصلة واعتقد –قال الرجل- بان الرهان الآن على الشعب لا على النظام.
لم يُخف المسؤول “خوفه” من حرب اهلية لكنه اكد انه لا مصلحة للنظام فيها الآن، نظرا لما ستشكله من خطر عليه، كما ان الناس اكثر تماسكا وحذرا من التورط فيها، وفيما يتعلق بامكانية “التدويل” قال: هذا وارد، ولكن ليس في المدى القريب فالظروف الدولية لم تنضج بعد للتخدل مع تأكيده –دائما- على رفض هذا الخيار.
فهمت مما قاله المسؤول ان النظام اوشك ان يفقد تأييد اغلبية السوريين. وحتى “المتعاطفون” معه تراجعوا فيما بقي المقربون منه والمستفيدون من بقاء الوضع على مواقفهم، اما خوفا منه او انتظارا لما ستؤول اليه الاحداث مستقبلا، كما فهمت منه ان احدا لا يستطيع الآن ان يدافع عن النظام، وان الوجوه القليلة التي نراها ونسمعها على الشاشات تتحدث باسمه هي كل ما يستطيع ان يقدمه بعد ان نأى اغلبية “المؤيدين” له سابقا عن هذا الطابق المخجل.. قلت في نفسي: يا ليت اخواننا من جماعة “المؤامرة” يسمعون ويعتبرون ايضا.