أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 08 كانون الثاني/يناير 2025


الآن فهمتكم : أعيدوا لنا (الوطن) نسامحكم
20-12-2011 08:24 AM
كل الاردن -

alt
 حسين الرواشدة
 
 

 

لا تستطيع أن تمنع نفسك من الضحك والبكاء معاً، تضحك - بمرارة - على الخيبة التي تحولت الى واقع، وتبكي على "وطن" أجهز عليه الفاسدون والسماسرة.. وتكاد تصرخ مع الفنان موسى حجازين: نسامحكم، لكن اعيدوا لنا الوطن.

على خشبة "الكونكورد" يتألف "سمعة" منسجماً مع النص الذي ابدعه الزميل أحمد الزعبي في مسرحية "الآن فهمتكموهناك تستطيع ان تفهم ماذا حدث للاردنيين، وكيف انقلبت حياتهم: الفساد الذي ضرب مفاصل الدولة وشلّ حركتها، الحكومات التي تشكل بالسحب على اوراق اليانصيب، الكذب الذي يمارسه المسؤول على الناس، البلد الذي جرى تقسيمه تبعاً لمزاج الحكومات على ايقاع "صرخات" الجالسين في مقاعد الكرة والملاعب.

يا إلهي، نكتشف الآن بأننا "عراة" تماماً أمام مرآة بحجم "الكارثةتصفعنا صرخات موسى حجازين وهو يروي قصة الاردنيين مع الذين ضحكوا عليهم، وسرقوا أعمارهم، ومع "رغيف الخبز" الذي يعجن في اسرائيل ويخبز في نيويورك، ومع المؤسسات التي بيعت والمقابر التي تحولت الى "مولات"، ومع "عجائب الفساد السبعيصعفنا وهو يبكي "بعد فوات الآوان" على "بيت" لم نفهم ما يجري فيه، وأبناء تمردوا على "زلمة" البيت، وزوجة كسرت عصا الطاعة.

ومثلما يفاجئنا "أبو صقر" العائد الى المسرح بعد انقطاع، بتصوير "حالة" الاردني (والعربي عموماً) الذي استيقظ على ربيع أخضر، انكسرت منه حواجز الخوف، وسقطت فيه اوراق التوت عن أنظمة الاستبداد، يضعنا ايضاً أمام "كوميديا" سوداء نحتار معها: هل نبكي أم نضحك، هل نتفاءل بهذا "الوعي" الشعبي الذي خرج من قمقمه، أم نتشاءم من صعوبة تجاوز "الخراب".. هل نشعر "بالقهر" ازاء هذا المصير الذي انتهينا اليه أم "بالأمل" من القادم وما يحمله من ولادات جديدة.

لا أدري، بالطبع، ولكنني كنت أسمع خلف كل كلمة في هذا النص الواقعي الذي أبدعه الزعبي وقدمه حجازين ببراعة معنى واحداً وهو "الوطن": صورة "الوطن" المجروح والمقهور والمتعب والخائف، قيمة "الوطن" التي حوّلها البعض الى "سلعة" في شركة عابرة للقارات، وجه الوطن الذي "لوحته" شمس الحكومات الحارقة، وصفعته محاولات الاستعداء والاستعلاء التي اتقنها مسؤولون ماهرون في التضليل، ومصير "الوطن" ايضاً المرتبط بالصرخة المدوية التي اطلقها "أبو صقر" في نهاية المسرحية "الآن فهمتكم".. وفي عينيه بريق أمل بأن نلتقطها قبل فوات الأوان.

الى جانب "هواجس" الخوف على "الوطن" والاحساس "بالخيبة" من الواقع، والتحذير من القادم المجهول، يدلنا "أبو صقر" على وصفة الخروج من المحنة، وهي - باختصار -: أعيدوا لنا "الوطن" كما كنا نعرفه، كما كنا نحبه، كما كنا نشم في "رغيفه" رائحة الامهات والأجداد.. أعيدوه لنا نسامحكم..

شكراً لزميلنا المبدع حقاً أحمد الزعبي، وللفنان القدير موسى حجازين والمخرج المميز محمد الضمور، ولكل الذين "اضاءوا" المسرح بحضورهم الجميل.
 

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-12-2011 06:12 PM

فعلا عرض رائع وقد شاهدته اكثر من مره وادعوا الجميع لمشاهدته

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012