20-12-2011 08:34 AM
كل الاردن -
سميح المعايطة
علينا أن لا ننسى في غمرة كل التفاصيل أن إدارة المرحلة بالدرجة الأولى سياسية, وأن كل التفاصيل التي حولنا سواء كانت مطلبية أو اجتماعية أو حتى ملف مكافحة الفساد تحتاج إلى رؤية سياسية شاملة لمعالجتها حتى نصل إلى حل عام , لان الوصول إلى حلول لكل التفاصيل غير ممكن بل مستحيل وبخاصة أن جزءا كبيرا من القضايا كانت نائمة منذ سنوات وعقود لكنها وجدت ظرفا سياسيا لتحتل لها مكانا في الإعلام, فأصبحت كلها مطالب مرفوعة فضلاً عن الملف الإصلاحي.
يجب أن نعالج كل ما يحتاج إلى علاج وتحديداً القضايا العامة مثل الاقتصاد والتنمية وأن نحارب الفساد, لكن علينا أن لا ننسى أن هناك المسار الشامل مسار سياسي لا يجوز الانشغال عنه بأي تفاصيل أو أعمال دورية عادية.
مسار الإصلاح الذي بدأته الدولة هو الكفيل باحتواء المشهد العام, ولا يكتمل المسار الإصلاحي إلا من خلال عملية سياسية كبرى هي الانتخابات العامة التي لا تكون غايتها إعادة تشكيل مجلس النواب بل تطبيق ما تم إنجازه وما سيتم من تشريعات وعندها نقول أننا بدأنا عملية إصلاح مؤسسية يكون جوهرها تشريعات إصلاحية توافقية وإعادة بناء المؤسسة الديمقراطية الأم وهي مجلس النواب من خلال انتخابات نيابية شاملة نزيهة تديرها الهيئة المستقلة وتكون مخرجاتها عنواناً لاحتواء كل النشاط السياسي من خلال المؤسسات الدستورية والعمل الحزبي الحقيقي المشارك في العملية الانتخابية.
مرةً بعد مرة ندعو إلى تسريع إجراء الانتخابات النيابية, وهذا يحتاج إلى إعادة جدولة المواعيد التي سيناقش فيها مجلس الأمة التشريعات الخاصة من الهيئة المستقلة وقانون الانتخاب, بحيث نكون على موعد مع انتخابات نيابية في الصيف القادم.
في حوار مع احد أبناء المعارضة المصرية مؤخراً سألته عن الأمر الذي أدى إلى لململة كثير من معالم المشهد في الشارع المصري فقال أنه إجراء الانتخابات النيابية لمجلس الشعب الذي جعل الغالبية العظمى من الناس والقوى السياسية تخرج من الشارع لأنها أدركت أن التغيير الحقيقي يتم من خلال المؤسسات وأن إجراء انتخابات تعبر عن حقيقة رأي الناس هي الطريق لأن يمارس الشعب سلطته, ولهذا لم يبق في الشارع إلا أعداد قليلة جداً هي التي تخوض اليوم بعض الصدام على أبواب رئاسة الوزراء المصرية.
الإدارة السياسية هي العنوان, وتفكيك الحالة ايجابياً واستثمار ما تم من خطوات إصلاحية على رأسها مراجعة الدستور لا يتم إلا من خلال عملية سياسية قائمة على إجراء انتخابات نيابية تتوج الحالة الإصلاحية وتدخل بنا إلى مرحلة جديدة حتى على صعيد القضايا التنموية ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة أو البدء بهذا الطريق.
تفكير ايجابي نجده في التحرك النيابي الجديد الذي يدعو لإجراء الانتخابات, لأن إجراء الانتخابات تعني تسريع الخطوات الإصلاحية التشريعية وأهمها قانون الانتخاب, ولأن السادة النواب يدركون أن الانتخابات النيابية ليس عقابا للمجلس بل استحقاق إصلاحي هدفه تبريد الساحة السياسية وتفريغ الشارع لمصلحة المشاركة في المؤسسات الدستورية واندماج الجميع في إدارة شؤون البلاد من خلال السلطتين التنفيذية والتشريعية كل حسب وزنه السياسي لدى الأردنيين.
البوصلة الأساسية للجميع سياسية, ولا يجوز أن ننشغل بأي قضايا إدارية أو أمور اعتيادية لأن هذا يعني تأجيل عملية احتواء المرحلة والانتقال لمرحلة استقرار وإصلاح جديدة.