21-12-2011 08:34 AM
كل الاردن -
عمر كلاب
يبدو القرار الصادر عن القمة الخليجية بدعم الاردن والمغرب اقتصاديا , هو الاقرب الى المنطق السياسي والعقلي , بحكم التباينات الافقية والعمودية في السياسة والاجتماع بين دول الخليج والمملكتين الاردنية والمغاربية , خاصة بعد اكتمال مشروع الاصلاح السياسي في المغرب وانتظار الانتهاء من قوانين الاصلاح اردنيا واستكمال البنى الاصلاحية , من قانون انتخاب ومرفقاته التي تشمل الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخاب وقانون الاحزاب وما يستلزم من تشريعات تنصف التعديلات الدستورية وتتجاوب معها .
الدعم الاقتصادي وملحقاته في تطوير قوانين العمالة في دول الخليج العربي , بحيث تحظى العمالة الاردنية والمغاربية بتسهيلات في الاقامة والعقود , سيكون اضافة ايجابية لدعم المملكتين اللتين اختطتا نهجا سياسيا وسلوكا اقتصاديا مخالفا في بنيته لطبيعة المجتمع الخليجي وشكل اقتصاده الخدماتي او النفطي .
على صعيد الاجتماع فإن المجتمع الاردني مثلا خطا خطوات واسعة نحو صيغة مدنية في التكوين والتفكير بحكم تنوع فسيفسائه الديمغرافي وبحكم تعدد مشارب هذه الفسيفساء السياسية والفكرية التي تتعارض مع الجذر المجتمعي في الخليج حتى وإن تكاتف الاردن والسعودية في الجغرافيا وإن شكلت البداوة قاسما مشتركا مع نهاية الاقليم النفطي وبداية الخزّان البشري جنوب الاردن .
فالمجتمع الاردني غير قابل للاندغام الان مع تكوينات خليجية متعددة رغم اطارها الخارجي الواحد , فالبحرين تمتلك سلوكا سياسيا ومجتمعيا يقارب الكويت لكنه لا يشبهه , وتبقى قطر والامارات عوالم خاصة رغم انفتاحهما الاقتصادي , ونشاطهما الاعلامي على الملفات الخارجية , اما السعودية فهي كينونة خاصة يتزاوج فيها الدنيوي مع الديني وفق وصفة سعودية شديدة الدلالة في الخصوصية , اما عُمان فهي فاصلة عشرية في الاطار الخليجي .
المغرب بدوره يعرف ان الوحدات غير المتصلة فاشلة بالتجربة العربية وبالسياق الموضوعي , فلا يمكن وصل ما فصلته الطبيعة كما لا يمكن فصله , ويعرف ان مجتمعه الفرانكفوني وتجلياته في السياسة والاقتصاد تهضم الاستثمار الخليجي وفق قوانين السوق المغاربية لكنها لن تنجح في التعايش ان هي رحلت الى الخليج وانماطه الجيوسياسية والاقتصادية , بعد ان شق المغرب طريق اللاعودة مع جواره التونسي والليبي .
ولا يمكن الوقوع في اثم الظن المصاحب لتسرّع القرار بانضمام المملكتين الى الوحدة الخليجية وظلال هذا القرار الثقيلة على مرحلة استعادة الشعوب لدورها وغاياتها في مرحلة الربيع العربي.
وما تحتاجه المملكتان هو دعم اقتصادي يخلق فرص عمل ويساهم في سرعة دوران العجلة الاقتصادية كي تهضم تسارع الاصلاحات السياسية وتكفل للسياسة بيئة امنة تتطور وتنمو فيها من خلال اسهام هذا الدعم في انعاش الطبقة الوسطى بوصفها الطبقة الضامنة للاعتدال المجتمعي وعدم تطرف المجتمعات بالفقر وتوابعه .
المطلوب الان مأسسة الدعم وانفاقه في مشاريع حيوية تعود بالنفع على الطبقة العاملة وعلى القطاعات المبشرّة في البلدين والتي تحتاج الى اموال كي تسارع في التطور وتحقق لشعب الخليج ربحا اقتصاديا وجوارا آمنا , والجوار الآمن هو وحده الكفيل بتنعم الجار بالثروة والغنى .
القرار تجاوز عن الخطأ الاول وهذا هو الصواب بعينه والحل الانسب للخليج وللاردن والمغرب على حد سواء .
omarkallab@yahoo.com