وصل الى دمشق، اليوم الخميس، قادما من القاهرة وفد بعثة المراقبين العرب للإعداد لزيارة البعثة فيما يمثل أول تحرك من جامعة الدول العربية بعد توقيع سوريا على بروتوكول بعثة المراقبين لمتابعة الأوضاع في البلاد. وكان قد أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أن الجامعة ستستضيف مؤتمراً موسعاً بشأن سوريا بداية العام المقابل. وأعلن المغرب اليوم أنه سيشارك في بعثة المراقبين، التي أمل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن يكون عملها «موضوعياً ومنسقاً» مع الحكومة السورية. وكانت أنباء قد تحدثت عن خلاف داخل لجنة صياغة الدستور يتعلق بمدة ولاية الرئيس، فيما دعا نشطاء إلى التظاهر غداً في جمعة «بروتوكول الموت».
أكد الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، اليوم، أن الوفد الأول لبعثة المراقبين العرب غادر الى دمشق، معلناً أن الجامعة ستستضيف مطلع العام الجديد مؤتمراً موسعاً للمعارضة السورية، بعدما دعا المجلس الوطني السوري، أمس، الى اجتماعات طارئة للجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي، متحدثاً عن «مجازر» يرتكبها النظام، إثر إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل حوالى 250 شخصاً في محافظة إدلب.
وقال العربي للصحفيين إن «وفداً من الجامعة العربية يضم اثنين من الأمناء المساعدين، هما سمير سيف اليزل ووجيه حنفي، توجه بالفعل الى دمشق»، مضيفاً إن رئيس بعثة المراقبين العربي، احمد محمد مصطفى الدابي، سيصل السبت المقبل الى العاصمة السورية.
واوضح العربي أن وفد مقدمة بعثة المراقبين «سيجري مباحثات مع كافة المسؤولين السوريين، لترتيب جميع التفاصيل الخاصة بالبعثة، التي تضم مراقبين مدنيين وعسكريين عرباً فقط»، مشيراً إلى أن «مهمة البعثة هي التحقق من تنفيذ الحكومة السورية لتعهداتها، بموجب خطة العمل العربية التي وافقت عليها الحكومة السورية، وتوفير الحماية للمدنيين العزل، والتأكد من وقف كافة اعمال العنف من أي مصدر كان، والإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة».
واضاف العربي إن المهمة تنص ايضاً على «التأكد من سحب واخلاء جميع المظاهر المسلحة من المدن والأحياء السكنية التي تشهد حركات احتجاجية، والتحقق من منح الحكومة السورية رخص الاعتماد لوسائل الاعلام العربية والدولية، والتحقق من فتح المجال امامها للتنقل بحرية في جميع انحاء سوريا، وعدم التعرض لها حتى تتمكن هذه الأجهزة من رصد ما يدور حولها من احداث»، مؤكداً أن «حماية البعثة هي مسؤولية الدولة المضيفة، وهذا اسلوب متبع في جميع مناطق العالم».
وكشف العربي أن الجامعة العربية ستتلقى في 26 كانون الاول/ديسمبر الجاري «مقترحات من المعارضة السورية بشأن رؤياها للمرحلة المقبلة»، ثم «تستضيف الجامعة العربية في الاسبوع الاول من كانون الثاني/يناير مؤتمراً موسعاً للمعارضة السورية».
من ناحية أخرى، دعا ناشطون سوريون معارضون الى التظاهر غداً تحت شعار «بروتوكول الموت»، في اشارة الى بروتوكول المراقبين العرب الذي وقعته سوريا، الاثنين الماضي، مع الجامعة العربية، معتبرين ذلك «مناورة» من النظام.
وكتب الناشطون على صفحتهم على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» «بروتوكول الموت، رخصة مفتوحة للقتل»، مشيرين إلى أن النظام «استغل توقيع البروتوكول لتكثيف عملياته العسكرية «الهمجية» التي يخوضها ضد المدن المتمردة منذ بدء حركة الاحتجاج».
في هذا السياق، اعلنت وزارة الخارجية المغربية، اليوم، في بيان لها أن المغرب قرر ارسال وفد «رفيع المستوى» الى سوريا للمشاركة في بعثة مراقبي الجامعة العربية، المكلفة متابعة الأوضاع في ذلك البلد.
واوضحت الوزارة أن «الوفد المغربي سيتوجه الاسبوع المقبل الى سوريا لمدة غير محددة، وفي اطار مهمة محددة جيداً»، مضيفةً إن الأمر سيجري «طبقاً لقرارات الجامعة العربية والبروتوكول بشأن الوضع القانوني ومهمات بعثة مراقبي المنظمة العربية الى سوريا».
من جهته، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم، عن أمله في أن يكون عمل بعثة مراقبي على تنفيذ الخطة العربية لتسوية الأزمة في سوريا موضوعياً، ومنسقاً مع الحكومة السورية، وذلك للمساعدة على وقف العنف في البلاد بسرعة، وحل الأزمة من قبل السوريين من دون تدخل خارجي.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن بيان للخارجية أن لافروف تناول في مكالمة هاتفية أجراها معه الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، الوضع في منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز على جهود الجامعة للمساعدة على تحقيق الاستقرار في سوريا، عبر إيفاد مراقبين إليها وفقاً لبروتوكول بعثة المراقبين، الذي وقعه الجانبان في 19 كانون الأول/ديسمبر الجاري.
وأشارت إلى أن «الجانب الروسي أعرب عن أمله في أن يساعد العمل الموضوعي للمراقبين، بالتنسيق مع الحكومة السورية، على وقف العنف في هذا البلد في أسرع وقت، وحل الأزمة بجهود السوريين دون تدخل أجنبي».
من جهة أخرى، شهدت لجنة إعداد الدستور الجديد في سوريا خلافات بين أعضائها، على تحديد مدة ولاية رئيس الجمهورية، بعدما كانت الأمور متجهة لإبقائها كما وردت في المادة 85 من الدستور الحالي، أي سبعة أعوام ميلادية، من دون الإشارة إلى مسألة تجديدها من عدمه.
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصادر مطلعة أن أحد «أعضاء اللجنة تحفظ خلال اجتماعها الثلاثاء الماضي على إبقاء مدة الولاية كما هي، وتقدم بمذكرة رسمية بهذا الشأن إلى رئاسة اللجنة، مطالباً فيها بأن تكون المدة خمس سنوات أو ستاً، وأن يجري تقييد تجديد الولاية بـولايتين متتابعتين».
كذلك طالب العضو، الذي رفضت المصادر الإفصاح عن اسمه، بأن تكون مدة الولاية «خمس سنوات كفرنسا، أو أربعاً كالولايات المتحدة والبرازيل». وقال «ليس هناك بلد في العالم مدة الولاية فيه سبع سنوات، إلا تركيا»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه لا «يحق للرئيس التركي تجديد هذه الولاية».
وأوضحت المصادر أن هذا العضو «تكلم مع عدد آخر من أعضاء اللجنة، الذين درسوا الفكرة ووجدوها صائبة، وتصب في مصلحة الوطن، فطلبوا إعادة بحث الأمر مجدداً، وكان لهم ما أرادوا»، لافتةً إلى أن الأمر «سيجري اليوم وعلى الأغلب سنتوصل إلى اتفاق».
ميدانياً، قتل 19 شخصا، بينهم 12 مدنيا، اليوم، في سوريا بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد ان تسعة مدنيين قتلوا في حمص، غالبيتهم في حي بابا عمرو برصاص قوات الامن، الذين اطلقوا النار بالمدفعية الثقيلة، موضحا ان العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود الكثير من الجرحى في حالة حرجة.
واضاف المصدر نفسه «استشهد مواطنان اثنان اثر اطلاق الرصاص عليهما خلال مداهمة قرية حيش (بمحافظة ادلب شمال غرب البلاد على الحدود التركية) من قبل قوات عسكرية وامنية صباح اليوم الخميس».
وفي درعا «استشهد مواطن خلال مداهمات نفذتها القوات النظامية السورية في بلدة طفس بحثا عن مطلوبين للسلطات الامنية»،
الى ذلك، قتل اربعة جنود نظامين واثنان من المنشقين خلال مواجهات قرب حاجز في حي بابا عمرو في حمص بحسب المرصد.
وفي محافظة ادلب، قتل جندي وجرح ثمانية اخرون في هجوم شنته مجموعات من المنشقين ضد حواجز لقوات الامن وجرح عدد من السكان بينهم طفل في العاشرة من العمر باصابات حرجة وفق المرصد.
كذلك، تم سماع اطلاق نار كثيف وانفجارات في خان شيخون بمحافظة ادلب بعد اقتحامها من قبل الجيش بالدبابات وناقلات الجند صباح الخميس، وفق المنظمة نفسها ايضا.
وفي هذه المنطقة، دارت مواجهات بين قوات الامن ومنشقين في شمال بلدة خربة غزالة «مع توافد نحو 25 حافلة كبيرة محملة بعناصر الامن الى المنطقة»، كما اشار المرصد.
من هو محمد الدابي؟
يملك محمد أحمد مصطفى الدابي، الذي عينته الجامعة العربية رئيساً لبعثة مراقبيها في سوريا، خبرة عسكرية وامنية ودبلوماسية، اكتسبها خلال مسيرة مهنية امتدت اكثر من اربعين عاماً في بلده السودان.
ولد الدابي في مدينة بربر بولاية نهر النيل شمال العاصمة الخرطوم في شباط/فبراير 1948، والتحق عام 1969 بالعمل في الجيش السوداني، ضابطاً برتبة ملازم، ومن ثم تدرج حتى وصل الى رتبة فريق، قبل ان يغادر الخدمة العسكرية عام 1999.
وتولى الدابي ادارة الاستخبارات العسكرية للجيش السوداني في 30 حزيران/يونيو 1989، يوم انقلب عمر البشير على الحكومة في السودان، وبقي في هذا المنصب حتى 21 اب/اغسطس 1995.
بعدها تقلد منصب مدير الأمن الخارجي بجهاز الامن السوداني في تموز/يوليو 1995 حتى تشرين الثاني/نوفمبر 1996، حين عين نائباً لرئيس اركان الجيش السوداني للعمليات الحربية، وبقي في هذا المنصب حتى شباط/فبراير 1999، وهي فترة تزامنت مع بعض اشرس المواجهات في الحرب الاهلية بين شمال السودان وجنوبه.
وبين شهري شباط/فبراير واب/اغسطس من العام نفسه عمل الدابي ممثلا لرئيس الجمهورية لولايات دارفور مسؤولاً عن الامن فيها، مع تفويضه صلاحيات رئيس الجمهورية قبل اندلاع التمرد في الإقليم عام 2003.
وبعد انتهاء مسيرته العسكرية عين سفيراً في قطر بين عامي 1999 و2004، ليعود بعدها الى السودان، حيث عين مساعداً لممثل رئيس الجمهورية لدارفور.
وعقب صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1591، الذي فرض عقوبات على عدد من المسؤولين السودانيين المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب في دارفور، وعلى رأسهم الرئيس السوداني عمر البشير، عين الدابي «منسقاً وطنياً» للحملة السودانية المناهضة لهذا القرار.
وفي عام 2007 تولى الدابي منصب مفوض الترتيبات الامنية لدارفور، عقب توقيع الحكومة السودانية اتفاق سلام أبوجا مع حركة تحرير السودان، جناح مني مناوي، إحدى حركات دارفور المتمردة، وهو يشغل منذ آب/أغسطس 2011 منصب سفير في وزارة الخارجية السودانية.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)