25-12-2011 09:15 AM
كل الاردن -
عمر كلاب
الرسالة فن اضاعه و نسيه العرب ، اما بفعل عوامل التعرية الفكرية والقحط اللغوي واما بلعنة التكنولوجيا من “شات” و غيره من ادوات التواصل حتى تحولت الرسالة وضروبها الى متحف تراثي لا يحظى بعناية احد و انقلبت الى مسخ او” مَسج “ .
شيوخي الافاضل
لا اظن احدا من جيلنا و اجيال سابقة لا يدرك الدكتور اسحق الفرحان و فضله ، فهو علامة مميزة على كل مناهجنا التربوية , و ان لم نتشرف بمعرفته الشخصية الا انه ظل مرسوما على ادمغتنا رمزا تربويا عابرا للحدود و الجغرافيا حيث استعانت بقامته التربوية اقطار عربية كثيرة .
ولا اقع في اثم الظن ان ذكرت الدكتور عبداللطيف عربيات بنفس المهابة و القيمة و القامة ، فهذا جيل ورث من الشيخ ابو قورة رحمه الله و عبدالرحمن خليفة اسكنه الله فسيح جنانه , بيتا وقورا جَمع على التقوى كثيرين و ساهم في اعلاء بنيان دولة بنيت على الهيبة و المهابة و الشرعية و المشروعية و أخص في الرسالة الكريمين عبدالمجيد ذنيبات و ابراهيم الخريسات و كل من امد الله في عمره من هذا الجيل النبيل ، بعد ان آلت امور البيت الاسلامي الى ما آلت اليه ، فصارت مقراته تحرق غضبا بعد ان كان مقره البهي في وسط المدينة , لافتة عن جماعة تعاهدت على الأخوّة تحت ظلال القرآن الكريم ، نختلف معها و لا نختلف عليها.
وما زالت ظلال روح الشيخ يوسف العظم و مذكراته عن العلاقة مع الزعيم الشيوعي فؤاد نصار حاضرة في الذهن عن العلاقة بين القوى السياسية في فضاء من الاختلاف رغم ضيق وعتمة و برد السجون , وهو امر سمح لجيلي كي يتجرأ على مخاطبة قامات وطنية بمثل حضوركم فان اصبت فلي الاجرين وان اخطأت فيكفيني الاجر الواحد و شرف مخاطبتكم .
الاساتذة الافاضل
من على ورق “ الدستور” الصحيفة و البيت العريق, اقول بأن صمتكم و غيابكم يجرح القلب بأكثر مما يجرح الذاكرة ، فما يجري داخل البيت الاخواني و افرازه الحزبي من استعجال للسجادة الحمراء بعد سجادة الصلاة ، دفع بالوارثين ان يسلكوا سلوك الانقلابيين على ذاكرة الحركة وعلاقتها مع المجتمع الاردني , الذي شكلت و تشكلت معه علاقة بنيوية لا تسمح بالخرق من طرف واحد ، فالرشاد الذي ظل ديدن الحركة ليس ملكا لهم و ليس منجزهم وحدهم، بل يشاركهم في ذلك اردنيون من شتى ألوان الطيف الاردني عربا و شركس و شيشان , قامت الحركة بهم و لهم ، فأمدّتهم بنبل الخدمة العامة وشرف الفكرة الطاهر ، وامدّوها بعرقهم وجهدهم .
حتى باغتنا الربيع و افرزت صناديق الاقتراع في اقطار عربية ميلا نحو الجماعة و احزابها اما لانعدام التجربة السابقة والذاكرة في الحكم و الحكومات ، و اما ضيقا بالانظمة القائمة و فسادها و إفسادها و ثالثة الاثافي كما يقول العرب جهد اجتماعي موصول في خدمة البسطاء و المحرومين ومواقف سياسية رأى فيها الناس صورتهم و رغباتهم .
فقرأ الاخوة الحاليون في الحركة المشهد بعين الاقليم واستعاروا لنظّاراتهم عدسة من تونس و اخرى من مصر ليقرأوا بها الحالة الاردنية ، التي ظلت على الدوام في فكر الحركة ورشادها نكهة خاصة و لها ذائقية مختلفة ، ليس اولها ان ابناء الحركة وحدهم و بخلاف اقرانهم يرتدون البدلات وربطات العنق لا جلابيب الازهر او دشاديش الوهابية الدينية. ولا اخرها علاقة مع النظام قائمة على الاحترام والتفهم لظروفه و التفاهمات على الاختلاف , وكأنهم لم يقرأوا في كتب الحركة و تاريخها ، ولم يدرسوا في مدارسها السياسية و لم يتخرجوا على ايدي جيلكم .
شيوخنا الافاضل يؤلمنا صمتكم و نحن نرى رشاد الحركة في مهب رياح التغيير المنقول لا المعقول ، و نريدكم ان تعيدوا الحركة الى اصل منبتها و الى بواكير غراس فكرتها .
فأنتم اهل المبادرة و انتم اول الفكرة و لا يصلح اخر الامر الا بما صلح اوله ، فأرشدوهم الى طريق الرشاد و ارشدونا معهم , فالصمت في هذا الزمان غير مقبول, و لكم من الاحترام اوفره .
omarkallab@yahoo.com