27-12-2011 08:30 AM
كل الاردن -
حماده فراعنه
يحق لعزام الأحمد ولموسى أبو مرزوق أن يحتفلا بإنجازهما ، ويفرحا على " عقد " المصالحة وصولاً إلى الشراكة التدريجية التي توجت بإعلان اللجنة القيادية لمنظمة التحرير ، وإعادة تشكيل لجنة الأنتخابات المركزية ، وهما حدثين أفرزتهما المصالحة والشراكة بعد تغيير الصفة اللازمة بين فتح وحماس من طرفي الخلاف إلى " طرفي الأتفاق " كما سبق وأن وصفتهما في مقال سابق .
صحيح أن العوامل الموضوعية السائدة والتطورات السياسية الجارية في العالم العربي ، هي التي فعلت فعلها في دفع طرفي الخلاف فتح وحماس ليكونا طرفي الأتفاق ، سواء ما تم التوصل إليه ، تم بإرادتهما أو خارج رغبتهما ، ولكنه الفعل والتطور والمناخ السياسي الذي فرض نفسه ، وهيأ الجو للأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ولأبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس ، لصنع المقدمات الذاتية ، في مفاوضات ثنائية علنية وغير علنية أثمرت ، برعاية مصرية ، عن صنع اللقاء الأهم الذي جرى في القاهرة يوم 24/11/2011 ، بين الرئيس محمود عباس وبين خالد مشعل تحت العناوين الثلاثة : التفاهم السياسي والأنتخابات والأتفاق على الأجراءات ، وما تم إستكماله مساء يوم الأربعاء 21/12/2011 في القاهرة ، بإعلان اللجنة القيادية ، وإعادة تشكيل لجنة الأنتخابات .
فتح وحماس ، صنعتا " العقد " الحدث ، والأتفاق الشراكة ، وباقي المكونات الفلسطينية ، هي " الجاهة " التي باركت الأتفاق وأشهرته ، بإستثناء بعض التدخلات المعلنة من قبل نايف حواتمه الذي ركز على أهمية قانون التمثيل النسبي الكامل ، وعبد الرحيم ملوح الذي ركز على أهمية الأجراءات التنظيمية لترسيم ما تم الأتفاق عليه ، إضافة إلى ما قاله بسام الصالحي وطلال ناجي وأخرين بإتجاه التثنية والترحيب والأسهام الجدي في إتمام المصالحة وترسيمها .
أبو مازن وافق أبو النوف على التمثيل النسبي الكامل ، بينما تجاهل خالد مشعل مطالبة الجبهة الديمقراطية ، وتثنية حركة فتح عليها ، والجميع قبل بإقتراحات الجبهة الشعبية لأنها مضمون خارطة الطريق ، للتراجع عن مظاهر الأنقلاب ، وإنهاء الأنقسام ، والعمل على إستعادة وحدة العناوين الثلاثة : وحدة البرنامج ، ووحدة المؤسسة التمثيلية ووحدة الأداة الكفاحية المعطلة .
خالد مشعل أقر بوجود الأخطاء ، ولكنه طالب بإلحاح لعدم التركيز عليها وعدم التوقف عندها ، وعدم ذكرها ، لأنها ستشكل إدانة له أو لغيره ، وستفجر خلافات عند التقييم ، وهو يسعى لتجاوز المرحلة ، لأنه وغيره ، وما يمثل وما يمثلون ، سواء أصحاب فكر المفاوضات ، أو أصحاب فكر المقاومة ، قد وصلا إلى طريق مسدود ، وكلاهما فشل في وضع أصبعه على الجرح ، وإذا أدرك الجرح ، فلم يسعفه الحال للتوصل إلى المعالجة ، وإن كانت إجتماعات القاهرة هي مقدمات المعالجة إن تم التوصل فعلاً وحقاً إلى الأقرار بالقواسم المشتركة نحو الثالوث الضروري : وحدة البرنامج والمؤسسة والأداة الكفاحية .
ما أفرزته إجتماعات القاهرة من تشكيل اللجنة القيادية لمنظمة التحرير وإعادة تشكيل لجنة الأنتخابات المركزية مهم ، حتى ولو رأها البعض على أنها نتائج متواضعة ، ولكن الأغلبية المشاركة ، من القوى والفصائل والمستقلين إعتبرت ما تم إنجازه بمثابة " خطوة سياسية وطنية هامة ، أدت إلى توسيع الأطار القيادي الفلسطيني ، من خلال إنضمام حركتي حماس والجهاد ، وإعادة تفعيل عضوية الجبهة الشعبية – القيادة العامة ومنظمة الصاعقة ، وبحيث بات التمثيل الفلسطيني شاملاً لعموم مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية " وفق فهد سليمان عضو المجلس المركزي الفلسطيني ، المشارك في إجتماعات القاهرة .
إعادة تشكيل لجنة الإنتخابات المركزية برئاسة حنا ناصر ، بقرار جماعي وبلا تحفظ من أي طرف ، إقرار بالدور الوطني والمهني رفيع المستوى الذي سبق وأن أدته اللجنة في المرحلة السابقة ، وإقرار بنزاهة الرجل وخياراته ، والرهان عليه وعلى أدائه مرة أخرى ، مثلما جاء تأكيد إختياره على دور المستقلين الوطنيين الفلسطينيين في تأكيد قرار الشراكة وأهميته ، وأن لا تكون مقتصرة على الحزبيين ونفوذهم وتسلطهم ، فإذا كانت الفصائل والأحزاب هي عظم الثورة والأنتفاضة والحركة السياسية ، فإن المستقلين لحمها وشحمها والدماء التي تجري في عروقها ، مما يعكس أهمية التحالف بين مكونات الحركة السياسية الفلسطينية وتياراتها المتعددة ، من فكرية وإجتماعية ودينية وحزبية وبما فيها من مستقلين دفعوا ولا زالوا ثمن خيارهم في خندق الوطن ومصالحه وتطلعات شعبهم .
مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية التي إجتمعت في القاهرة ، لم تكتمل ، بغياب سلام فياض لأكثر من سبب جوهري أولاً لأنه رئيس وزراء حكومة فلسطين ، فهي العنوان المعترف به عربياً ودولياً ، وثانياً لم يكن الرجل طرفاً في الصراع بين فتح وحماس ، وثالثاً لأنه المستقل حقاً ، مثله في ذلك مثل حنان عشراوي وحنا ناصر ومنيب المصري ، وهو يقف في طليعتهم ليس بسبب وظيفته كرئيس لوزراء حكومة فلسطين ، بل لأنه صاحب برنامج وطني جمع بين مسألتين غابت عن ذهن وفكر وحضور وإهتمام أكثر من نصف الحاضرين في إجتماعات القاهرة وهما :
1- الأحتياجات الضرورية لشعب الضفة والقدس والقطاع من تعليم وسكن ووظائف ودعم صمود .
2- التطلعات الوطنية نحو الأستقلال والحرية .
فصائل المقاومة على أغلبها تتحدث عن الكفاح والنضال والأستقلال ، ولكنها تغفل الشق الأول من البرنامج وهو إحتياجات أهل الضفة والقدس والقطاع من إقتصاد وتنمية ، وكأن العامل الأول نقيض للثاني ، مع أنه مكمل له ، وكلاهما دعم الصمود وتوفير الأحتياجات ، ما هو إلا الأرضية التي تسهم في نضال الشعب نحو التطلع إلى الكرامة والأستقلال والحرية ، ولذلك غياب سلام فياض ، هو غياب للبرنامج المعلن ، وغياب لشخصية وطنية مستقلة بارزة تستحق الأحترام في هذا الأجتماع الوطني الوحدوي المطلوب .
h.faraneh@yahoo.com