01-01-2012 10:30 PM
كل الاردن -
عمر كلاب
يقول الكواكبي “ إن بين الاستبداد السياسي والاستبداد الديني مقارنة لا تنفك ومتى وجد احدهما في أمة جرّ الآخر اليه , وإذا صلح احدهما صلح الثاني “ . والاسلام كدين حي وديناميكي كما يقول صادق العظم , يتكيف مع بيئات مختلفة وظروف تاريخية متغيرة بسرعة , وهو قادر على التماشي مع ابرز انماط الدول ومختلف اشكال التنظيم الاجتماعي والاقتصادي التي ظهرت في تاريخ البشرية , من الملكية الى الجمهورية , من القبيلة الى الامبراطورية , فهو صالح لكل زمان ومكان بحكم الوعد الالهي .
ديمومة الدين الاسلامي وحياته المستمرة , تجعله اكبر من ان يُحشر في حزب او جماعة او تنظيم , ولكن الاحزاب والجماعات يستطيعون الاستفادة من ديناميكية الدين ومواكبته للمتغيرات والتغييرات , حسب رأي صادق العظم , وهذا ما فعلته الحركة الاسلامية وتنظيمها العالمي تحت اسم جماعة الاخوان المسلمين وما فرّخته الجماعة من أحزاب تحمل أسماء حركية , من نهضة الى عمل الى حرية وعدالة وباقي الاسماء الحركية .
ووفق هذا المقتضى النظري السريع , يصبح من الضرورة قراءة حراك الجماعة واحزابها بوصفها احزابا ديناميكية تخضع لمنطق النقد السياسي واشتراطاته وليست محصّنة لا بالنص الديني ولا بنظريات العلم الاكاديمي المجرد , وكل من يحاول إلباس الاحزاب الإسلاموية رداء المقدّس الديني يكون واهما او انتهازيا بل اخطر انواع الانتهازيين فالامام ابوحنيفة النعمان يقول “ لأن يأكل الرجل من الدف والمزمار خير له من ان يأكل من الدين “ .
فالاستبداد السياسي من هذا المنطق والواقع النظري هو اكثر البيئات ملاءمة لنشاط وحراك الجماعات الاسلاموية وفيه مسارب مفتوحة لهم ولنشاطهم اما بالتوافق الضمني او المسكوت عنه , او بالتفاعل والتحالف المعلن , وليس مفاجأة او فجاءة تاريخية ان يرث الاسلامويون انظمة الاستبداد وقد اثبتت الوقائع صدق مقولة الكواكبي ومفارقته الاجتماعية السياسية .
من هذا التأصيل يجب الالتفات الى فعالية الجماعة والحزب في مسيرة الجمعة الماضية بعد ما بات يعرف بـ “ أحداث المفرق “ التي كانت نشاطا سياسيا , افرز صداما عشائريا حدث وسيحدث كثيرا , لولا الاعتداء المدان على مقر حزب جبهة العمل الاسلامي في المحافظة .
فالعرض العسكري- وما سبقه من بيان شبابي حمل مفهوم المغالبة والاستعراض الايحائي لنماذج اقليمية- يقول ان الحركة تعمل بالسياسة روحا ومنهجا , فهي تدع الشباب لقول ما لا تودّ ان يسجل عليها, وسرعان ما تتجاوزه بالاستنكار او بعدم العلم , اذا ما لاقى إدانة شعبية او قراءة ملامسة لواقع الحدث ورسائله وعلى طريقة الحليف الايراني السابق , بالتقيّة حينا وأحايين بعدم العلم وتجاوز القرار التنظيمي , ناسية او متناسية انها حزب منضبط سبق لها ان عاقبت كل من تجرأ على مخالفة القرار الحزبي حتى لو بلغ سدّة المجلس النيابي او الوزاري والتاريخ ما زال يذكر اسماءَ كثيرة وكبيرة وقع عليها العقاب وليس شبابا في بواكير نشاطهم السياسي .
ليس المطلوب من الحزب ان يغلق مقاره ويتفرغ للعمل الدعوي حسب مقتضى تبعيته لجماعة الاخوان المسلمين حسب التراخيص الرسمية ولكن مطلوب منه ان يكشف برامجه السياسية دون لباس الدين وامتياز شيطنة المخالفين وان يعلن انه يتعامل مع المشهد المحلي وفق قواعد اللعبة السياسية وليس القواعد الشرعية أسوة بالاحزاب الاخرى , لأن هذا حق مجتمعي وليس حقا حزبيا .
omarkallab@yahoo.com