27-12-2011 12:51 PM
كل الاردن -
شحادة أبو بقر
للكلمة شرف لا يدانيه شرف في هذا الوجود غير شرف الإيمان بالخالق العظيم جلت قدرته، والكلمة إما أن تكون برداً وسلاماً وسبب رحمة وتراحم بين الناس، أو هي نار وهشيم وقطيعة بين الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله، والشعرة الفاصلة بين الطيب والخبيث من القول رهن بأخلاق صاحب الكلمة، فهو قادر على أن يطيب الكلمة أو يخبثها كما يشاء، وإرادة السماء جسدت وصف الكلمة بأعظم معنى، فهي إما كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تعطي أُكلها كل حين، أو هي كشجرة خبيثة أُجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار!.
لو ناقشنا واقع الكلمة في بلادنا اليوم، لوجدنا أن في الأمر حاجة لإعادة نظر، فهي كالرصاص الحي المنطلق في سائر الاتجاهات، ومعظمنا حانقون غاضبون يطلقون سهام الكلم غير الطيب دونما تريث أو فحص مسبق لأثر الكلمة ووقعها على النفوس المقابلة، فيشتد بيننا الجدل والتزاحم لا التراحم، وتأخذ الأمور مسارها غير الصائب صوب المجهول!.
هُنا يأتي دور العقلاء الحكماء الراشدين الذين يخافون الله في دينهم ودنياهم، وهنا تتجلى مهماتهم في إحلال الطيب محل الخبيث، ونبذ الشاذ لمصلحة الأصل، وهذا هو واجبهم وحق أوطانهم عليهم، فأن ترددوا فلا بد من التساؤل بمشروعية دينية وأخلاقية عن المبررات والأسباب وحتى النوايا، وإن فعلوا فأجرهم على الله أولاً، ولا شك في أن فعل الخير عبر كلمة خيرة، أفضل عند الله وأرقى من كل فعل سواه!.
يقول تعالى عزَّ من قائل ... "إدفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"، وإذا ما كان ذلك هو توجيه الخالق لا الخلق، فهل يصح إذن أن نمارس النقيض في زمن لم تعد فيه مصالح البلاد والعباد تحتمل المزيد من الغث والتفوه بما يؤذي مشاعر العامة، ويستفز عقولها صوب ما لا تريد!.
ندرك أن لدينا أخطاء وفساد وأحوال تتطلب النهوض بواجب الإصلاح الشامل والسريع، لكننا ندرك قبل هذا أن الإصلاح لا يتحقق بالتنازع وتبادل الاتهامات وكثرة البيانات، وإنما بالتلاقي على كلمة سواء نابعة من نيات حسنة لا أجندات خاصة فيها، ولا مطامح تتناقض مع الهيبة الكلية للدولة والمجتمع. وبغير ذلك فلن يصلح لنا حال أبداً، وسنسير بأرجلنا "لا قدر الله" نحو مجهول مرعب!.
نسأل والسؤال لم يحرم بعد ... أين هم العقلاء والحكماء والراشدون الذين عليهم واجب التصدي للانفلات الذي نعاني ... هل خلت الساحة منهم أو من كثير منهم مثلاً، أم هم يتفرجون أملاً في أن يتفاقم الموقف أكثر انتظاراً لمكسب زائل.
ختاماً ... الأردنيون كل الأردنيين بلا استثناء، شعب طيب كريم ... بكلمة طيبة يتنازل حتى عن حقه ويتخلى لك عن سيفه وراحلته وكل شيء، وبكلمة خبيثة يستل سيفه لينازلك ... فهل يدرك السياسيون والمسيسون ورواد الركب هذا! ... اللهم احم الأردن من كل شر وأنت وحدك من وراء القصد.