02-01-2012 10:32 PM
كل الاردن -
سميح المعايطة
الاخوان تنظيم منضبط وليس فيه اجنحة
يبذل قادة الاخوان المسلمين جهدا كبيرا منذ ايام لاقناع الاوساط السياسية والرسمية بان ما جرى في مسيرة الجمعة الماضية وما تضمنه بيان ما سمي بشباب الاخوان ليس خروجا بالتحرك من مرحلة العمل السلمي الى مرحلة فيها مظاهر استعراض القوة او شبه العسكرة, وقرأنا خلال الايام الماضية العديد من التبريرات والتوضيحات الاخوانية التي تحاول القول ان ما كان لم يكن خروجا عن سلمية الاعتصامات والمسيرات.
واذا كانت هذه التوضيحات المتتالية محاولة للاعتذار السياسي الا ان على قيادة الجماعة ان تدرك ان الجميع يعلمون ان الاخوان تنظيم منضبط وليس فيه اجنحة او جهات تقرر وحدها, وان شباب الاخوان لا يمكنهم اصدار بيان دون علم قيادتهم, وان ما جرى في مسيرة الجمعة من مظاهر شبه عسكرية ليس قرار افراد بل قرار مركزي, لكن الرسالة التي ارادت الجماعة ارسالها لم تكن موفقة بل تركت انطباعات سلبية بان لدى الجماعة خيارات غير سلمية يمكن ان تلجأ لها, وحتى لو كان الامر ردة فعل على احداث المفرق فان الرسالة كانت لا تخدم المسار السلمي لكل الحراك.
الامر ليس خاصا بالجهات الرسمية فحسب بل حتى لدى جهات غير رسمية, فعندما تلوح الجماعة بخيارات غير سلمية حتى لحماية نفسها فان هذا يفتح الباب لمسار غير مألوف اردنيا وهو لجوء القوى السياسية لارسال رسائل او اطلاق تهديدات للدولة بان هناك خيارات اخرى غير سلمية لدى التنظيم.وبالتالي فان مسؤولية الجماعة كبيرة في ان تحسم الامر داخليا لان ما صدر يبعث على القلق وايضا ان تكون تأكيداتها الخارجية واضحة وحاسمة وتغلق الباب كليا امام خروج الحراك عن مساره السلمي
واحدة من مشكلات العمل الحزبي غياب الثقة بين الدولة والاحزاب, وهذا يعود لاسباب تاريخية ومسارات نعلمها جميعا, لكن مثل هذه الرسائل تعزز حالة عدم الثقة ولا تخدم فكرة العمل السياسي السلمي, وتفتح الباب امام اي عملية تشكيك او وجود خيارات غير سلمية على اجندة الجماعة.
ما كنا وما زلنا نفتخر به خلال عام مضى ان كل ما جرى من مسيرات واعتصامات كانت اعمالا نظيفة دون دماء, وان الدور الوحيد للاجهزة الامنية كان حماية المتظاهرين والمعتصمين, وهذا الامر يجب ان نحافظ عليه, لكن الرسالة غير السياسية التي صدرت عن الاخوان لم تكن موفقة وتركت انطباعا ت سياسية غير ايجابية, وكل التصريحات التي نقرأها على لسان بعض قيادة الجماعة استدراكات تحتاج الى دعم وتأكيد اكثر وضوحا, لان فتح الباب امام مثل هذه الرسائل لن يقتصر على الاخوان بل سنشهد من جهات اخرى استعمالا لوسائل غير سلمية سواء كانت في مواجهة الاخوان او مواجهة جهات اخرى بما فيها الدولة.
الاخوان تنظيم مركزي وفي داخله انضباط كبير, وبالتالي فان التصريحات التي صدرت لتوضيح ما جرى ومنها اسناد الامر لشباب الجماعة وليس للقيادة لم تجد مكانا في القبول, وعلى الجماعة ان تدرك انها جهات شعبية وانهم مثلنا جميعا مواطنون حتى لو تعرضنا لاي موقف فان القانون وسيادة الدولة هي المرجع وليس التهديد باستعمال القوة حتى تحت مبرر الدفاع عن النفس.
نتمنى ان لا يكون ما صدر جزءا من تطور سلبي في ادارة الجماعة للمرحلة, وان لا يكون الامر جزءا من منهجية جديدة لان هذا يعني تحولا جذريا في كل ما يجري على الساحة الاردنية, وسنفقد ميزتنا الاردنية في التعبير الامن السلمي, وهذا يعني ترك اثار كبيرة على الامن والاستقرار, وقد يكون الاصلاح ضحية لاي تفكير من هذا النوع سواء من الاخوان او غيرهم.
العنف او التلويح به او التهديد بتغيير الادوات محطة لا يجوز ان تمر دون معالجة حقيقية, وان تكون رسالة الاخوان القادمة قوية حتى تزيل كل ما تركته الرسائل الاخيرة, لان الامر ليس خاصا بعلاقة الاخوان مع الحكومة بل بسلمية الحراك والتعبير السلمي, فهناك اكثر من طرف لا يفضل التعبير السلمي وسيفرح لو تم فتح الباب لاي منهجية جديدة. فالعنف او التهديد به نهج مرفوض من كل الجهات.