22-01-2012 10:37 PM
كل الاردن -
د. رحيّل غرايبة
التوافق الشعبي الأردني على شعار الإصلاح, يعد حكمة أردنية مميزة تصلح للبحث عن نموذج عربي مميز من أجل الوصول إلى الديمقراطية بطريقة توافقية سلميّة توفر على جميع الأطراف ذلك الحجم من التضحيات الذي استحقه التغيير في الأقطار المجاورة.
هذا الوصف لا يعني أنّ الإصلاح في الأردن عملية سهلة وميسورة وبدون عوائق, بل إنّ الإصلاح الحقيقي, والانتقال بالدولة نحو إطار ديمقراطي حديث يحتاج إلى جراحة عميقة وضرورية في بنية النظام السياسي; من أجل الاحتفاط بسلمية الحراك مع الاحتفاظ بالإطار الملكي للدولة.
إنّ العملية الجراحية العميقة المقصودة لا تتمثل بإجراء انتخابات نزيهة, ولا تشكيل لجنة مستقلة لادارة العملية الانتخابية, ولا بايجاد محكمة دستورية, مع كل الاحترام والتقدير لكل هذه الخطوات العادية التي لا تغير من بنية النظام ولا تطورها; لأنّ كل هذه الأمور هي أمور عادية طبيعية يقتضيها الوضع السابق بشكلٍ طبيعي روتيني, لا يمثل قفزة إبداعية ولا إصلاح مبتكر.
وإنّ مجرد (إجراء انتخابات نزيهة) لا يرقى أن يسمّى ذلك إصلاحاً, لأنّ الانتخابات في كلّ وقت وفي كل مكان وفي كل نظام مهما كان حظّه من الديمقراطية, يجب أن تكون نزيهة وخالية من التزوير, وخالية من تدخل السلطة التنفيذية, وليس مجرد إيجاد محكمة دستورية بدلاً من المجلس العالي لتفسير الدستور, وأن يعد ذلك خطوة إصلاحيّة تغييرية نحو الديمقراطية الحقيقية; لأنّ أغلب الأنظمة العربية البائدة كانت تحوي محكمة دستورية.
الجراحة العميقة تتجلّى في تغيير منهجية إدارة الدولة, من خلال التعديل الدستوري ونواة هذه العملية التغييرية تتمثل في آلية تشكيل الحكومات بحيث تصبح نتيجة طبيعية لتشكل الخريطة البرلمانية بعد الانتخابات التشريعية كل دورة تشريعية دستورية, وذلك بعد إيجاد قانون انتخابات عادل يكرّس التنافس بين الكتل السياسية والبرامج الحزبية, بالإضافة إلى انتخاب مجلس الأمّة بشقيه, وهو أعلى سلطة في الدولة, ولا ننس الخطوة الضرورية التي تجعل القضاء مؤسسة مستقلة مالياً وإدارياً.
rohileghrb@yahoo.com