22-01-2012 10:39 PM
كل الاردن -
أحمد ابوخليل
أنْ يبدأ المتقاعدون العسكريون قبل أقل من سنتين ببيان سياسي أثار الكثير من الجدال في البلد, ثم يصلوا مؤخراً الى الاعلان عن تنظيم سياسي تحت اسم 'المؤتمر الوطني الأردني', فذلك تطور في الحياة السياسية الأردنية ينبغي أن يأخذ حقه من الانتباه.
أولاً: خلال هذا العمر القصير لظاهرة 'المتقاعدين' السياسية, حصل تبدل صاعد في حضورهم وفي أدائهم وفي تواصلهم مع الأحداث ومع المجتمع بمكوناته الشعبية والرسمية, وهم على العموم غادروا تلك الزاوية التي وضعهم الآخرون بها حيناً, ووضعوا هم انفسهم بها حيناً آخر.
ثانياً: اختيار عنوان 'المؤتمر الوطني', يشكل تحدياً ولكنه يفتح الكثير من الآفاق لهم وللعمل السياسي ككل. فالعنوان الجديد محمّل بكثير من الرموز, والشعوب قادرة في ظروف معينة على استعادة رموزها. وفكرة 'المؤتمر الوطني' هي بجدارة أحد أهم رموز تاريخ الوطنية الأردنية, ولكن الاسم لوحده لا يمكّن حامله من 'حيازة' الرمز. إن اسم 'المؤتمر الوطني' الذي انطلق عام 1928 أسس للوطنية الأردنية بأبهى صورها: وطنية واثقة متواضعة واقعية وحاضنة ومساندة للوطنيات الأخرى, وقائمة أساساً على التناقض مع الصهيونية.
ثالثاً: إن حداثة عهد 'المتقاعدين' في العمل السياسي المنظم, شكّل عنصراً إيجابياً في ميادين مهمة وخاصة فيما يتصل بأخلاقيات العمل السياسي على المستوى الشعبي. لقد حمل المتقاعدون الى العمل السياسي عناصر هامة مثل الانضباط والجدية والصدق واحترام الآخر, ولكن قبل كل ذلك حملوا صنفاً من 'الرجولة' كاد يغيب عن العمل السياسي في الأجيال الأخيرة من السياسيين والحزبيين, تلك الرجولة التي ترشد صاحبها أين يخاصم, وأين يصادق, ومتى يثبت, ومتى يكون مرناً... وبأية أدوات يقوم بذلك.
رابعاً: إن أهم ما ينتظرهم, هو الصورة العامة التي سيقدمون أنفسهم بها بعد أن انتقلوا الى عنوان سياسي اوسع, فتسمية 'المتقاعدون العسكريون' ورغم ما لها في الأردن من امتدادات تتجاوز 'الفئوية', إلا انها لم تكن كافية كصورة للتقدم نحو المجتمع. غير أنهم اليوم, وبعد اعتمادهم الصيغة التنظيمية الحزبية, أمام مسارين لصورتهم المستقبلية: مسار ضيق قد يجعل منهم في أحسن الأحوال حزباً عادياً, ومسار رحب قد يمكّنهم من الاسهام بمهمة تجديد الوطنية الأردنية وفق روح المؤتمر الوطني الأصيل.
ahmadabukhalil@hotmail.com