02-02-2012 08:11 AM
كل الاردن -
ناهض حتر
شعب واحد... لا يعني, أبدا, عدم الإعتراف بالوجود السياسي لشعبين. بل يعني أن الشعب الأردني نفسه ينبغي أن يكون واحدا, من دون المساس بهويته وكينونته السياسية والمجتمعية والثقافية. وكما أدمج الشعب الأردني, في تكوينه الذاتي, الشركس والشيشان والشوام وفلسطينيي ما قبل الـ 48 , فتأردنوا, وأصبحوا جزءا من الوطنية الأردنية, كذلك, تواجهنا اليوم مهمة إدماج القسم المتأردن موضوعيا من بين الأردنيين من أصل فلسطيني, لا على اساس وحدة هويتين, بل في إطار الهوية الوطنية والسياسية الأردنية. والمدخل إلى هذه العملية التاريخية يتمثل في أمرين, الأول تنجزه الدولة من خلال الإسراع في إصدار قانون جديد للجنسية يتضمن تعليمات فك الإرتباط ويوحد المعايير القانونية للمواطنة, والثاني تنجزه الحركة الوطنية الأردنية من خلال العمل الكثيف على إستقطاب المواطنين المندمجين, مجتمعيا وسياسيا وثقافيا, بغض النظر عن أصولهم. وبخلاف ذلك, فسيظل جزء من شعبنا تحت التأثير المتداخل للتنظيمات الفلسطينية المختلفة, كما سيظل قسم كبير من أبناء شعبنا الكادحين ملتحقين, سياسيا, بالكمبرادور تحت تأثير العصبية الإقليمية.
نريد, أولا, التحديد القانوني الصارم للجنسية, ثم نريد, ثانيا, منح مواطنينا بالقانون, فرصة حقيقية لكي يصبحوا أردنيين سياسيا, من خلال الإنضواء في صفوف الحركة الوطنية الأردنية, وفي إطار برنامجها الوطني المجتمعي المربع الأركان, قوننة فك الإرتباط - بالضفة لا بالقضية - وإسقاط الطبقة الكمبرادورية ونهج الفساد النيوليبرالي وتنمية المحافظات والحكم الدستوري.
أن تكون أردنيا, لا يتحدد, فقط, بكونك تحمل الرقم الوطني في إطار القانون, بل يعني موقفا وطنيا مجتمعيا أردنيا, أي يأخذ بالإعتبار مصالح الوطن والدولة والتنمية والتقدم المجتمعي ومصالح الكادحين. وترجمة ذلك في رفض التجنيس والتوطين والكونفدرالية ..الخ والعمل على العودة السياسية والفعلية لمواطني الضفة لما بعد 88 ومواطني غزة.
الأردنيون من أصل فلسطيني لما قبل 88 هم أردنيون قانونيا. وهذا لا يتعارض مع حقهم الثابت بالعودة, والنضال من أجلها. لكن من بين هؤلاء, أيضا, من انتقلوا, موضوعيا, من هذين التعريفين القانونيين إلى الإندماج المجتمعي السياسي. وهؤلاء جزء من التكوين الأردني بغض النظر عن مآلات القضية الفلسطينية.
هذا هو الإطار الوطني الديموقراطي الوحيد لإعادة بناء الدولة الأردنية على أساس وحدة الشعب والهوية والمصالح.وهي عملية توحيد وطني جذرية متشعّبة المجالات السياسية والإدارية والاقتصادية والمجتمعية والثقافية, تمثّل معاً مشروعاً وطنياً مشتركاً يستند إلى التراث الوطني الأردني. ولذلك, فلا يمكن أن تكون متعجلة أو معدة وفق وصفات جاهزة أو في خدمة قوى انتهازية.
لا يمكن تحقيق الصهر الوطني من دون إعادة الاعتبار إلى السياسة كتعبير عن الحداثة, أي كممارسة يستطيع من خلالها المواطن والمجتمع, السيطرة على حياته وتطوّرها. ولا سيطرة كتلك, من دون السيطرة على الإقتصاد لمصلحة المجتمع والسيطرة على العلاقات الخارجية لمصلحة الدولة. الحداثة هي قدرة الفرد على المشاركة الفاعلة في تقرير مصيره ومصير مجتمعه وبلده في عملية ديموقراطية في سياق مشروع وطني ودولة وطنية. وأول عناصر الحداثة هي إندراج المواطنة في دولة وطنية موحدة. وبالمقابل, فإن المواطنة المستندة إلى المحاصصة تلغي وحدة الدولة وتحوّل الديموقراطية إلى سياق يخدم المشروع الأميركي - الإسرائيلي.
ynoon1@yahoo.com