04-02-2012 09:16 AM
كل الاردن -
د. رحيّل غرايبة
في مجزرة كروية مروعة تم قتل ما يزيد على (73) شخصاً وإصابة (1000) شخص في أعقاب مباراة كرة قدم في مدينة بور سعيد المصرية, جمعت الأهلي والمصري, عندما انطلقت الجماهير من عقالها في هجوم كاسح مستخدمة الألعاب النارية والحجارة والزجاج..
ونحن هنا في الأردن نتعرض كذلك لأحداث عنف مؤسفة عقب المباريات الرياضية بين بعض الأندية المتنافسة, تؤدي الى أحداث شغب وفوضى, وحرق محلات وتحطيم سيارات, اضافة الى وابل من الشتائم المقذعة, والألفاظ النابية, والعبارات المسيئة التي تثير الكراهية وتغذي التعصب, وتمعن في تفتيت النسيج الاجتماعي, وتؤدي الى إلحاق جملة من الأضرار في المجتمع كله.
إن الرياضة في حد ذاتها إبداع بشري, تم ابتكاره من اجل الترويح عن النفوس المتعبة, ومن اجل الإسهام في تربية الأجيال والشباب على معاني العزة والأخذ بأسباب القوة, وتحقيق الصحة المتكاملة للجسد في ظل الحركة الممتعة التي تطارد الكسل والخمول وكل ما يؤدي الى الركود المفضي الى الكآبة النفسية, والترهل المفضي الى جملة من الأضرار النفسية والفردية والجماعية.
ويؤدي بعض أنواع الرياضة الى إكساب الفرد جملة من المهارات الاجتماعية, الضرورية في الحياة, وتعويد الشباب على العمل بروح الفريق اضافة الى توسيع آفاق العقل عبر التعارف والسفر, واكتشاف آفاق الكون عبر الرحلات الاستكشافية واللعب الميدانية التي تربي الأفراد على تحمل المشاق, والتكيف مع الطبيعة, والقدرة على استخدام مرافق الكون, اضافة الى كم هائل من الرياضات التي يمكن ابتكارها عبر منظومة تربوية منهجية هادفة تسهم في بناء الدولة وبناء المجتمع, على أسس من الأخلاق الفاصلة والتعلق بالقيم النبيلة من خلال ترويض النفس بالرياضة المتنوعة والمختلفة التي يختص بعضها بالعقل, وبعضها بالجسم, وبعضها بالجسم والعقل معاً, وتهذيب العاطفة, واكتساب العادات الجميلة.
لكن ما نشاهده مؤداه تحقيق أهداف معاكسة لمبدأ الرياضة بالأصل, وبعضها أصبح سلاحاً بيد الجهلة لتقسيم المجتمع وتفتيته, وأصبحت الرياضة أحياناً مؤامرة على الشباب وعلى الأجيال وعلى مستقبلهم. ولذلك نحن بحاجة الى وقفة تأمل ودراسة وتقويم من وزارة الشباب ومن المؤسسات المتفرعة لرعاية الشباب وتحقيق أهداف الرياضة, إذ ليس معقولاُ أن يتم اقتطاع الضرائب من أموال الشعب لتصبح رواتب وعطايا ومكافآت لأشخاص يتبأوون مواقع التوجيه والرعاية لأبنائنا وشبابنا, ثم يكونون عاجزين عن تحقيق الأهداف الحقيقية للرياضة, وعاجزين عن زرع القيم النبيلة في نفوسهم الغضة, بل الأدهى والأمّر من ذلك أن تصرف هذه الأموال على إلحاق الضرر بالمجتمع وتفتيت النسيج الاجتماعي, وإفراغ الشباب من مضامين الانتماء الوطني الحقيقي, وتخريج أجيال جوفاء تتسم بالسطحية واللامبالاة, وعدم القدرة على البناء وعدم القدرة على بناء الحياة الاجتماعية الصحية السليمة, وعدم القدرة على إعدادهم ليكونوا مواطنين صالحين في مجتمعهم الكبير.
rohileghrb@yahoo.com