أضف إلى المفضلة
الجمعة , 10 كانون الثاني/يناير 2025
شريط الاخبار
بحث
الجمعة , 10 كانون الثاني/يناير 2025


في مولد المصطفى صلوات الله عليه
05-02-2012 08:01 AM
كل الاردن -

alt

نصوح المجالي

ويأتي مولد نبينا، هادي البشرية، في صحراء اجدبت بالكفر، وكأنه، بذرة الخير التي اودع الله فيها، كل ما اراده من هداية للبشرية، وما اراده للانسانية من صلاح فتورق البذرة الخيرة، ويشتد عودها، ويقوى ساقها، وتصبح مروجاً وارفة خضراء، باتساع الارض، تنشر معاني الهداية والحق والعدل للبشرية.
لم يكن في يدي محمد صلوات الله عليه من سلاح يصارع به الكفر، والتخلف الا الكلمة الطيبة، والا كلمات الله، يوحى بها اليه فيغرسها النبي في النفوس لتعلو بها الهمم، وتولد معها امة الاسلام، امة خرجت من فقر الصحراء وشدتها وجدبها، لتُغني الانسانية بالقيم الروحية والانسانية.
كانت معركة النبي الاولى، انقاذ اهله عرب الجزيرة العربية من ظلمات الكفر والجاهلية، وان يشحذ هممهم، وطاقاتهم ويصقل عقولهم وارواحهم، ليكونوا القوة والجسر الذي يعبر به الاسلام، الى تخوم الجزيرة، شرقاً وغرباً، ليقيم دولة الاسلام، على انقاض امبراطوريتين تقاسمتا حكم العالم آنذاك، امبراطورية فارس في الشرق وامبراطورية روما في الغرب، وتخرج جيوش الاسلام للفتح بأقل العتاد والعدة المادية، لتهزم جيوش امبراطوريات ترسخت منذ مئات السنين، «وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى».
نصر، لا يمكن قياسه بحسابات المادة، وقوة الجيوش ولا يقاس الا بعظمة الجانب الروحي في رسالة محمد، رسالة الاسلام.
لم يُقِم النبي محمد ملكاً لعشيرته ولا لأمته، من العرب ولكنه اقام ديناً وشريعة للبشرية بأسرها، ولم يقل القرآن يا أيها العرب، بل قال يا أيها الناس، ويا أيها المؤمنون.
ديننا بدأ العولمة على قاعدة الايمان والخلق والقيم والشريعة السمحة، التي لم تغلق على الاعراق الاخرى، ولم تنحصر دعوتها في زمان او عهد محدد ، بل جاءت مفتوحة على جميع الازمان والعهود المتعاقبة، تنهل من الوحي وتُغْنى بالعقل الانساني والاجتهاد في كل ما استجد ويستجد وفيه صلاح للبشرية عبر العصور ولهذا كان عنوان رسالة النبي محمد وفاتحة آيات القرآن اقرأ، ولم يكن عنوانها احفظ واقرأ تعني زد علماً، وزد وعياً بما تقرأ، وتعني اقرأ واستكشف العالم، جيلاً بعد جيل، واضف من التجارب الانسانية كل صالح لا يخل بأركان العقيدة واغني العقيدة بالاجتهاد الانساني الخلاق، الذي يستجلب الخير والفرج للناس، ولا يضيق عليهم سبل الحياة، أو يحرفهم عن دينهم.
أي رسالة اعظم من رسالة محمد، فهي لم تأتِ لقوم دون قوم، ولا لزمان دون زمان، جاءت لترسخ الحق الذي يضيء حياة الانسان، بنور اليقين.
أي رسالة اعظم، من رسالة نبينا محمد، فالمسلم الحق يؤمن بجميع الاديان السماوية ويرى ان ما انزله الله بدون تحريف على انبياءه جاء من مشكاة واحدة، وان انبياء الله حبات عقد في شجرة الهداية المباركة، دعوا للهدى من قبل في زمانهم ، وجاء نبينا خاتم الانبياء، ليدعوا لما دعوا اليه جميعا، في فرقان اوحى الله به اليه ليكون خاتم محمداً خاتم وإمام الانبياء، فالنور من مشكاة واحدة، تختلف فيه التفاصيل وفق الازمان وتختلف فيه الادوات لكن اركان التوحيد والعبر والعبادة والصلة مع خالق الكون ووظيفة الانسان في الحياة، ومرده الى عالم الغيب بعد الحياة، جميعها عقيدة سماوية واحدة.
يا سيدي يا رسول الله لقد عصمك الله من الناس يوم اشتد اذاهم عليك، وعصم الله الاسلام من ان يُطفأ نوره، مهما اشتد الاذى على الاسلام والمسلمين. وأشد الاذى على المسلمين يأتي ممن ناصبوك العداء في خيبر، فما زالوا يؤلبون الامم على امتك.
وأخطر الاذى على الاسلام يأتي ممن يصرون من أمتك على تحنيط الثقافة الاسلامية حتى لا تستوعب التقدم الانساني الذي تفوقت به الأمم، وممن يقيمون الخصومة بين الماضي والحاضر ويتطرفون ويفرطون بذلك بالمستقبل.
 لقد جاء الهَدي الاسلامي في عهدك بقيم ارقى مما ساد في العصور التي سبقتك واتسعت اروقة الثقافة الاسلامية باتساع اطلاع المسلمين على ثقافات الشعوب الاخرى في العقود التي تلت، واغنى الاجتهاد الانساني الثقافة والحضارة الاسلامية وبقي العقل الانساني المسبار الذي يكشف اسرار المعرفة والعلم والايمان والتقدم وعظمة الاسلام، الى ان جاء في عصور تلت من صادر المسبار والعقل حتى يحل الحفظ محل الاجتهاد، والنقل مكان العقل، والشكل مكان الجوهر، وما كان عهدك يا سيدي رسول الله الا عهد اقرأ وتعلم يا مسلم وانهض واستزد علماً ووعياً ومعرفة وزين يقين الايمان، بحلاوة العلم واتساع بحور المعرفة.
كثيرون من بعدك يا رسول الهداية، وقفوا عند حرفية التفاسير والنصوص واكتفوا بنتاج عقول اجتهدت في زمانها، حتى لا يجتهدوا هم بما تُمليه عليهم ظروف زمانهم لمنفعة وخير المسلمين.
ولد الهدى فالكائنات ضياء – وفم الزمان تبسم وثناء
يا خير من جاء الى الوجود تحية
من مرسلين الى الهدى بك جاءوا
وعليك من نور النبوة رونق
ومن الخليل وهَدْية سيماءُ

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012