05-02-2012 08:09 AM
كل الاردن -
سميح المعايطة
معظم المساعدات لتغطية نفقات الكهرباء وملاحقة ارتفاعات النفط
مهما تكن القضايا السياسية وتشريعات الانتخاب والاحزاب وغيرها مهمة فان هناك تحديا كبيرا يواجه الدولة الاردنية وهو جزء من جذر المشكلة, كما ان غياب الحلول الحقيقية يعني ان تقع الدولة في لحظة ما في مواجهة هذا التحدي وربما حينها لن نملك حلولا كافية وستكون الاثمان كبيرة ومكلفة حتى على سيادة الدولة وهويتها.
ومن اهم التحديات المياه والطاقة, ونحن هنا لا نخترع العجلة لكننا نذكر بأن هذين الملفين لا يمكننا ان نغمض العيون عن شبحيهما يقفان على ابواب الحكومات والاحزاب والإعلام, واذا كانت هناك مقاييس لنجاح الدولة فان معالجة الملفين من هذه المقاييس.
اليوم تمثل فاتورة الطاقة العبء الثقيل على الاقتصاد والموازنة الاردنية, والارتفاعات في اسعار النفط والانقطاعات المتكررة في إمدادات الغاز المصري والتحول الى الوقود, كل هذا جعل فاتورة انتاج الكهرباء تستهلك نسبة كبيرة من المساعدات الخارجية, ووفق ما نسمع من اهل الاختصاص فان فاتورة الطاقة لغايات انتاج الكهرباء تصل هذا العام الى حوالي (2) مليار, كما ان استمرار الدعم الحكومي للمشتقات النفطية خلال العام الماضي فرض على الخزينة اعباء كبيرة وتزداد هذه الاعباء مع اي ارتفاع لاسعار النفط نتيجة اي ازمة سياسية في الملف الايراني او غيره.
والاردن مجتمع ينمو اي ان حاجته للطاقة تزداد يوميا, فضلا عن مئات الآلاف من الوافدين وضحايا كوارث بلادهم الذين يستهلكون الطاقة على شكل كهرباء وتدفئة وبنزين مدعوما من الخزينة ومستفيدين من الظرف السياسي الداخلي الذي منع أي حكومة من العودة الى التسعير وفق اسعار السوق.
هناك سؤال آني يتعلق بعجز الموازنة والمديونية وتجيير المساعدات في هذا الباب على حساب التنمية, وسؤال بعيد المدى يتعلق بالسنوات والعقود القادمة:-
التحدي امام الجميع: كيف نوفر الطاقة بأشكالها بتكلفة معقولة واعتمادا على مواردنا, لاننا نعلم ان المساعدات الخارجية قابلة للزيادة وللنقصان ايضا او الذهاب?!
مشروع انتاج الطاقة واهمها الطاقة الكهربائية من خلال المفاعلات النووية احد المشاريع الاستراتيجية التي قطعت الدولة شوطا مهما فيها, والمشروع يتم بمتابعة ودعم من الملك واعتقد ان الدولة يجب ان تحافظ على مسار انجاز المشروع لانه كفيل بتأمين الاردن بنسبة كبيرة من الطاقة الكهربائية التي يحتاجها, فضلا عن دور المشروع في تحلية المياه ما يوفر للاردن كميات كبيرة من مياه الشرب ويساهم في تقديم نوع من الحلول لمشكلة المياه.
هناك معارضة وتخوفات لدى بعض الجهات من المشروع النووي لاسباب تتعلق بالبيئة والسلامة اعتقد اننا يمكن تجاوز هذا من خلال حوار علمي غير مسيس وغير مرتبط بمواقف شخصية, واقصد بالحوار العلمي الحوار القائم على المعلومات العلمية ووجهات النظر المستندة الى حقائق, فهذا هو السبيل لحسم الجدل لكن المشروع تطور نوعي في ادارة الدولة لمواردها من اليورانيوم والبحث عن حلول لمشكلة فاتورة الطاقة.
ورغم اهمية هذا المشروع الا اننا يجب ان نمتلك خيارات اخرى مثل الصخر الزيتي والطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح والغاز, لكن المهم ان تمتلك الدولة خارطة خيارات وحلول لمستقبلنا وحياة اجيالنا المقبلة.
اما تحدي المياه فهو يواجه دولا كثيرة, واذا كان مشروع جر مياه الديسي قد تعثر طويلا فانه اليوم في مراحل متقدمة من التنفيذ, واصبحنا نرى مواعيد قريبة لبدء ضخ المياه في الانابيب, وهو مشروع حيوي لكن هذا لا يمنع من التفكير بخيارات اخرى ممكنة, واستمرار مشاريع المياه الاساسية مثل تحديث الشبكات وتقليل الفاقد الذي نجده اليوم بنسب كبيرة, اضافة الى مشاريع السدود ومشاريع الاستفادة من المياه في الصحراء ومنع الضخ الجائر ووقف عمليات الحفر غير القانونية ...
اعلم اننا لا نبدأ من الصفر وان هناك الكثير مما تم, لكن ملف الطاقة هو جزء من الملف الاقتصادي العام الذي لم نسمع فيه كلاما عميقا وحلولا جادة, وحتى الحكومات فانها تمارس هروبا من الحلول بحجة الظرف السياسي.
ربما علينا ان ننظر الى الشقيقة مصر التي اصبح ملفها الرئيسي اليوم ملف اقتصادي, الشارع لا يتحدث به لكنه الملف الرئيسي حيث توقفت السياحة والتصدير واضطرت مصر الجديدة الى ان توافق على قرض من صندوق النقد الدولي وهو اول اجراء بعد الثورة. وحتى نكون منصفين فان ما نقوله لا يعني تحميل الناس المسؤولية لكنها استحقاقات المرحلة لان المواطن تعنيه اولا فرصة العمل والراتب والماء والدواء فاذا لم يحصل عليها فلا يهمه ان كان تحت حكم الثوار او النظام السابق او الاخوان او العسكر.
لا مجال للمقارنة لكننا مطالبون بأن نفكر بجدية وجرأة لمعالجة الملفات الكبيرة لانها تحديات لا يجوز ان نتركها تحت رحمة ضعف بعض الحكومات او غياب القدرات او أي ظروف اخرى.
sameeh.almaitah@alarabalyawm.net