06-02-2012 10:24 PM
كل الاردن -
ناهض حتر
مساء السبت, 4 شباط ,2012 مع الأصدقاء في لوبي فندق بريستول المحسوب على التيار الحريري كنّا مع الرواد وموظفي الخدمة, نتابع مجريات جلسة مجلس الأمن حول سورية. ووسط التجهّم الحاصل, لم نخف فرحتنا بالفيتو المزدوج الذي أطاح مسعى كلينتون جوبيه حمد لانتزاع قرار دولي بالعدوان على سورية. رأينا العيون حولنا ترمقنا حانقة, بينما الوجوه الإستعمارية على الشاشة تختنق بغيظها وضحكنا بصخب أعربت مندوبة واشنطن المدحورة, عن 'إشمئزازها'! ثم انتقلنا إلى مطعم أرمني ربما على سبيل النكاية بالأتراك هناك شربنا نخب روسيا وبطرس الأكبر وتولستوي ودوستيوفسكي ولينين وتشايكوفسكي وآخرين من كل العهود الروسية. وذكّرنا الصديق عبد الأمير الركابي, مرارا, بالصين, فاكتفينا بماو, مكتشفين ضرورة تطوير معرفتنا بالشقيقة الصينية. وتداولنا, بالمناسبة, مشروع تأسيس جامعة عربية معها بدلا من قَطر.
بجدّ, دعونا نؤكّد الآن أن الجامعة العربية, بانتقالها الفعلي من قاهرة المعز إلى مكتب جانبي في القاعدة الأمريكية في قطر, قد أصبحت نكتة لا منظمة إقليمية, بينما تحوّل أمينها العام إلى مذيع في فضائية ' الجزيرة'. وتقتضي الجدية منا البحث عن تجمع عربي جديد من الواقعي أن يبدأ على مستوى الهلال الخصيب. والفكرة التي عشتُ ولادتها في مقهى بيروتي تستعيد ذكرى ولادة الحركات القومية واليسارية في المدينة التي لا تموت. وقريبا, سوف يتنادى أصدقاء عراقيون وأردنيون وفلسطينيون وسوريون ولبنانيون إلى بناء تيار شعبي جديد في مواجهة الموجة الاستعمارية الرجعية الليبرالية المذهبية من خلال تحالف وطني اجتماعي مدني, يعيد الإعتبار لقيم التحرر الوطني والإستقلال والتنمية والعدالة الاجتماعية وتوحيد مجتمعاتنا في مشروع عروبي تقدمي مقاوم للإمبريالية والصهيونية.
هذا التيار لم يعد, بعد 4 شباط ,2012 مجرد طموح; فقد انفتحت, بولادة العالم المتعدد الأقطاب, آفاق رحبة لولادة المرحلة الثانية من حركة التحرر الوطني العربية. إن كيس الملح الذي أثقل ظهورنا منذ تفكك الإتحاد السو ييتي العام ,1990 ذاب, الآن, في نهر التحالف الروسي الصيني الصاعد.
في بيروت - التي إنعجقت مطولا في زواريبها المحلية إهتمام مستجدّ بالشأن العربي. أهمّ صحيفتين لبنانيتين, 'الأخبار' و'السفير' تتوجهان إلى التوسع, كمّا ونوعا, في التغطيات والمناقشات والصلات العربية. والفكرة سابقة لمرحلة الإنتفاضات والتحركات الشعبية في العالم العربي, ورائدتها الصديقة الدكتورة نهلة الشهّال اليسارية العروبية المتجددة النشاط والقوة الدافعة للمشاريع الجديدة. لكن المناخ اليوم يساعد على بلورة الفكرة لدى غير مؤسسة ومجموعة.
شبكة الحوار تقوم على الإكتشاف المتجدد للتداخل اللبناني السوري الذي لا مناص منه. سورية حاضرة في لبنان في مفاصل صراعاته وهواجسه ومستقبله. وهذا 'الإكتشاف', اليوم, يقود, تلقائيا, إلى أسئلة الأردن. هذا البلد الذي طالما غاب عن البصر تحت الحضور الكثيف لمشهد يختصره النظام وخصوماته ومصالحاته مع الفصائل الفلسطينية, أصبح موضوعا للقراءة بوصفه ذاتا. أربعة أسباب متداخلة وراء ذلك: الحراك الأردني, والصراع الداخلي حول سورية, والظهور العلني للمطالب الأمريكية بالتجنيس وتفصيل قانون الإنتخابات بما يلائم التوطين السياسي, وإنتقال حماس من معسكر الممانعة إلى التحالف الأمريكي القَطري.
في العين العربية, لم تعد السياسات الرسمية الأردنية تلخّص الموقف الأردني, فقد ظهر عامل جديد هو موقف الحراك الوطني الذي لفت الأنظار من خلال مضمونه الوطني الاجتماعي, واعتصاماته ضد السفارة الأمريكية, واشتباكه مع حركة الإخوان المسلمين, تلك التي فشلت, عكس المتوقع عربيا, في تحشيد الأردنيين وراء المشروع الخليجي في سورية. باختصار, ظهر العامل الوطني الأردني, أخيرا, كعامل سياسي على المستوى الإقليمي.
ynoon1@yahoo.com