06-02-2012 10:30 PM
كل الاردن -
نصوح المجالي
لا يختلف اثنان، ان هناك عاصفة تحوم فوق رأس سوريا، يصفها النظام السوري بالمؤامرة، وفيها كثير من عناصر التآمر الخارجي، لكن فيها واقعاً سياسياً، واجتماعياً متدهوراً ومؤلماً, يشكل استمراره والسكوت عليه ايضا مؤامرة على الشعب السوري.
والمطلوب اصلاح النظام السياسي لينتقل من نظام شمولي يحكم بعائلة تتوارثه, وطائفة تتمسك بالحكم, وتمسك بجميع مفاتيح السلطة, الى حكم ديمقراطي, يختار فيه الشعب بحرية من يحكمه، ويقبل بالنتائج اذا ما جاءت بانتخابات حرة ونزيهة.
تجربة الاربعين عاما الماضية في الحكم, لم تشجع الشعب السوري على الاستمرار في نفس النهج, فالحرية والمشاركة الشعبية, والتعدد السياسي حق اصيل ترسّخ في العالم بأسره, ولم يعد بالامكان تجاهله, او تبرير غيابه, تحت طائلة الخوف من الصراع مع اسرائيل, او بتعميم الخوف من اجهزة الأمن الداخلية.
قد يكون هناك مؤامرة على النظام السوري, هدفها تغيير النظام من الداخل, وتغيير ادواته القمعية ولكن المؤامرة الفعلية, جاءت من ادوات النظام القمعية نفسها فهي التي نقلت الصراع, من صراع شعبي سلمي, الى صراع دموي مفرط في العنف, فالمسؤول الأمني الذي امر باطلاق النار على المتظاهرين في درعا, جلب السخط على نظامه السياسي.
والذين افرطوا في قصف الاحياء السكنية في حمص وحماة, وادلب ودير الشغور, وريف دمشق, وأماكن اخرى في سوريا كانوا يسعون لحسم عسكري سريع، للازمة السورية, لكنهم بقدر ما افرطوا في استخدام العنف بقدر ما اضروا بنظامهم السياسي ووسعوا الهوة بينه وبين جموع الشعب المطالبة بالحرية والحياة الكريمة، فهؤلاء اضروا بالنظام وبالشعب في آن معاً.
فالمتطرفون, أينما وجدوا, سواء في الاجهزة الأمنية, او العمل السياسي, او العقائدي, لا ينجحون الا في خلق حالة واسعة من الرفض والحقد والغضب وردود الفعل بالاتجاه المعاكس, وهذا ما ستؤدي اليه عمليات قصف احياء حمص الأخيرة, ومئات الجرحى والضحايا, التي ستتحول الى سد منيع في وجه أي تسوية سياسية للأزمة السورية.
الأزمة في سوريا تكبر بالنار والدم وتُغرق معها الشعب والنظام في الفوضى والكراهية مع ان كلفة الاصلاح اقل من كلفة التدمير والخراب الذي يحدثه العنف.
كنا نتمنى لسوريا, ان تعبر الأزمة, بالسياسة, والتوافق والحوار, وتقديم تنازلات ضرورية على صعيد النظام, تؤدي الى نظام ديمقراطي, يخرج النظام السوري, من هيمنة الأمن ومخاوفه ونظرية الخوف التي تحكم بها سوريا, ويخرج النظام من الحكم الفردي, والصراع الطائفي, الى نظام يتبنى الديمقراطية والاصلاح التدريجي, لكن للأسف, النظام السوري فعل كل شيء, ما عدا العمل السياسي الذي ينقذ سوريا من الغرق في الصراع الأهلي ومخاطره.
قصف المدن, يدل على جزع وفزع, ولا يختار ذلك الا من, عقد العزم, على ان يحكم بلاده بخياري الخوف او الموت. وكلاهما حبل قصير سيلتف بالنهاية, حول عنق النظام الذي يتبنى مثل هذه الخيارات.
نريد لسوريا الأفضل, وهي تستحق الأفضل وكنا نتمنى ان يعبر النظام السوري, الذي تمتع بأربعين سنة من الحكم بدون حسيب او رقيب, ان يعبر الى الديمقراطية الحقيقية, بالاصطفاف الى جانب شعبه وليس في مواجهته, وان يندفع بشعبه الى الأمام بالحرية والديمقراطية والاصلاح السياسي, وليس ان يدفعه الى الوراء بكل ما اوتي من قوة وسلاح.
لا ندري, هل ما زال شعار البعث الحاكم, يبدأ بالحرية, والأمة الخالدة, وهل ستكون الامة خالدة في الموت, أم الحياة الكريمة؟؟. نريد للشعارات ان تكون لصالح الشعوب ايضا وليس فقط لصالح الأنظمة.