11-02-2012 10:55 PM
كل الاردن -
نصوح المجالي
لم يرشح الا القليل عن محادثات قيادة حماس مع الجانب الاردني إذ تولى جلالة الملك هذه المهمة, مما يؤكد المفهوم الاردني بأن حماس فصيل فلسطيني مهم ومن غير الممكن استخدامه كورقة لاغراض السياسة الداخلية من أي جهة مهما كانت.
العلاقة الصحيحة مع الاخوة الفلسطينيين في المنظور الاردني تتم عبر ممثلهم الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية, فعندما ترأست حماس السلطة الفلسطينية بعد فوزها بالانتخابات عام 2005, لم يكن هناك أي اشكال بين حماس والاردن, وعندما حدث الانقسام بين فتح وحركة حماس وانفصلت حماس في غزة, وجد الاردن نفسه أمام مستويين من التعامل, احدهما من داخل الشرعية الفلسطينية ممثلة بالسلطة الفلسطينية والآخر من خارجها, فنأى الاردن بنفسه عن الدخول في اشكالات الصراع الفتحاوي الحماسي على السلطة, واستمر التعامل مع الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية كجهة معترف بها دولياً وكسلطة شرعية.
سبق الزيارة تسريبات اعلامية افادت أن حماس قد نأت بنفسها عن أخذ جانب النظام السوري في صراعه مع المعارضة السورية, وانها ابتعدت عن الاحتواء الايراني وقيل أيضاً ان حماس توسط دول الخليج وقطر بالذات لنقل قيادتها الى عمان.
لم يستقم الامر عندما كانت حماس في مواجهة السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس عباس, والاردن مع السلطة الفلسطينية ومع خيار الحوار السياسي والحل السياسي والدولة الفلسطينية, كما ان الذاكرة الاردنية لا تحتمل عودة فصيل عقائدي فلسطيني اساسي الى مخيمات الاردن, خاصة وان هذا الفصيل متزاوج مع حركة اسلامية حزبية رئيسية معارضة على الساحة الاردنية.
فالخطوط الحمر بدت واضحة في هذه الحالة بحرص الاردن على عدم الخلط بين علاقة حماس وفتح والشأن الفلسطيني وتعقيداته وبين علاقة الدولة الاردنية بأحزابها وساحتها الداخلية فلا يلّدغ المؤمن من جحر مرتين.
يستشف المتابع الفطن للعلاقة الاردنية مع الجانب الفلسطيني ومع حركة حماس خاصة ان الجهود الاردنية منصبة على دعم النضال والمطالب الفلسطينية المشروعة, مع الحرص الشديد على سلامة الوضع الفلسطيني ووحدة الصف الفلسطيني مع الحرص على الفصل التام في الشأن السياسي الداخلي المتصل بدور القوى الحزبية والسياسية الاردنية بحيث لا تتداخل تنظيمات الفصائل والاحزاب الناشطة في فلسطين تنظيماً مع أي تنظيمات سياسية في الاردن.
وهذا التوازن في العلاقة ضرورة لسلامة تكامل العلاقة بين الاردن وفلسطين ولا تستطيع أي جهة استخدام العلاقة مع هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك كورقة سياسية لحكومة أو حزب او طيف سياسي اردني لأنها بذلك تخل بالدور الاردني والامن الاردني, الذي يحرص على سلامة المسار السياسي الفلسطيني واستقلاله.
واليوم تعلن فتح وحماس من الدوحة ان النية انعقدت لحل جميع الاشكالات بين حماس وفتح، مع الاتفاق على الاجراءات السياسية، والتنفيذية لانجاح المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الرئيس عباس للاعداد للمرحلة المقبلة, مما يعني أن حماس ستعود لبيت الشرعية الفلسطيني، وهذا ما سعى اليه جلالة الملك والاردن من البداية؛ ان تكون السلطة الفلسطينية مظلة الشرعية الفلسطينية، مهما اختلفت طروحات الاطراف السياسية الفلسطينية، وأي كان الفريق الذي سيفوز بالانتخابات ويقود الحكومة الفلسطينية سيتعامل الاردن معه كطرف يمثل الشرعية الفلسطينية.
يريد الاردن للقوى والاحزاب الفلسطينية ان تتحد وتعمل على اقامة دولة فلسطين المستقلة، على ارضها وان يدعم الاردن بكل قواه السياسية اهداف النضال الفلسطيني للتحرر من الاحتلال، واقامة دولة حرة مستقلة دون التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني.
فلم يكن مقبولاً أن يكون لحماس الفصيل الفلسطيني ممثلين في جبهة العمل الاسلامي الاردنية ولم يكن مقبولاً على الصعيد الاردني ان يسعى أي فصيل سياسي فلسطيني لاختراق الساحة السياسية الاردنية أو قواها الحزبية، كما كان يحدث في السابق، لان ذلك لا يؤدي الا لسوء الفهم، وبدل حالة الاختراق التي تؤدي الى تسميم العلاقة بين جانبين شقيقين، شديدي الارتباط والالتصاق في المصالح والمصير, الوضع السليم ان تقوم حالة عالية من التفاهم والحوار والتعاضد والتوافق السياسي الذي يمهد لحالة خاصة من العلاقات تدعم تطلعات الشعبين، وتعمق الترابط السياسي والاجتماعي بين الاردن وفلسطين دون المساس بالهوية السياسية لاي من البلدين.
نتمنى ان تعود حماس الى وضعها الطبيعي كفصيل اصيل، داخل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية تنافس على قيادة السلطة الفلسطينية في الاطر الديمقراطية وان تنأى بنفسها عن محاولات بعض دول الاقليم استخدامها كورقة سياسية في الصراعات الاقليمية الدائرة في المنطقة، فقضية فلسطين يجب أن تبقى قطب الصراع في المنطقة الذي يستقطب كافة جهود الدول العربية والاسلامية لدعم هدف تحرير الارض وانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية.
المصالحة الفلسطينية هي المدخل السليم لتقوية الجبهة الفلسطينية وتوحيد جهود فصائلها وحشد كافة الاطراف الفلسطينية تحت مظلة الشرعية الفلسطينية, وهي المُنطلق الصحيح لبناء علاقة سليمة مع الاردن وكذلك مع الاقطار العربية الاخرى, على اساس وحدة الموقف والتضامن وتكامل الادوار.