13-02-2012 10:06 PM
كل الاردن -
سميح المعايطة
300 ألف فرصة عمل بيد العمالة .. ماذا قدمت تجارب تأهيل الشباب?!!
ارقام متجددة وليست جديدة لكنها مهمة التي تحدث عنها وزير العمل خلال زيارته الى الزرقاء قبل ايام ونشرتها 'العرب اليوم' السبت الماضي التي اشار فيها الى ان عدد العمالة الوافدة في الاردن ضعف عدد الاردنيين العاطلين عن العمل, وان عدد العمالة الوافدة في الاردن (300) ألف عامل وهم ضعف عدد العاطلين عن العمل من الاردنيين.
لكن هذه المعلومات لا تعني ان حل مشكلة البطالة سهل وميسر بمجرد استبدال نصف الوافدين بأردنيين, لان الارقام معلومة, بل ان ارقام الوافدين وفق التقديرات العامة اكبر من هذا, واحيانا هناك مع عامل وافد واحد عائلته المتكونة من اربعة او خمسة افراد, اي ان الامر ليس خاصا بالرقم المجرد للعاملين من غير الاردنيين بل بعائلاتهم, اضافة الى ارقام لا نعلمها عن عمالة وافدة ليست في سجل الحكومة وتعمل دون تصاريح عمل او موافقات.
ليس المطلوب التخلص من العمالة الوافدة لان كل بلدان العالم فيها هذه العمالة, ونحن الاردنيين لنا عشرات الآلاف من ابنائنا يعملون في كل دول العالم, لكن المطلوب حلول لمشكلة البطالة, وهنا نتحدث عن حلول واقعية وليست خيالا او تنظيرا.
اولى الخطوات ان نعلم جميعا من هم الذين بلا عمل حقيقي من المتقدمين لديوان الخدمة المدنية, وكما اشرت مؤخرا فان مشروع تنقيح سجلات الديوان وفقا لسجلات الضمان الاجتماعي ضرورة, وربما يعتمد ديوان الخدمة معيارا يشطب من خلاله اسم اي متقدم يعمل في وظيفة يزيد دخله فيها على (300) او (400) دينار, اضافة الى العاملين في الخارج او ابناء الجهاز العسكري.
والخطوة الثانية ان ندرك ان نسبة كبيرة من البطالة هي في حملة الشهادات الجامعية, وان هناك تخصصات تجد لها اسواقا في القطاع الخاص والخارج, واخرى الابواب مغلقة امامها في القطاعين العام والخاص إلا اذا وجد وظيفة لا علاقة لها بما يحمل من شهادة.
علينا ان نعترف ان إقناع فئة حملة الشهادات في العمل في المجال المهني او الدخول الى سوق العمل الذي تعمل فيه العمالة الوافدة امر ليس ناجحا حتى الآن, وان النسبة الكبرى منهم تفضل الانتظار سنوات حتى تحصل على وظيفة مكتبية او تتناسب مع تعليمها على ان تعمل في وظائف مهنية, وهذا الامر لا ينفي وجود فئة من الشباب الجامعي الذي كسر الحواجز ولم ينتظر الوظيفة وعمل في فرصة العمل المتاحة, وهي نماذج كثيرة لكنها بنسبة لا تحل المشكلة.
وعلينا ان نعترف ايضا ان المبادرات والمؤسسات التي عملت الدولة عليها خلال الفترات السابقة مثل التدريب المهني والشركة الوطنية للتدريب والتشغيل لم تحقق الكثير من الاهداف المرجوة من 'اختطاف' ايجابي لشبابنا الى المهن المهمة وتحديدا في مجال المقاولات وما حولها, وكانت الفكرة خاصة في مشروع الشركة الوطنية ان نقدم لسوق العمل آلاف الشباب بمهن نحتاجها وذات دخل شهري جيد, لكن عوامل عديدة وظروف وثقافة جعلت المشاريع والدورات لا تحقق ما يراد منها خاصة في بعض المحافظات التي تعاني من ضعف في المشاريع التنموية او نسب بطالة اكبر من غيرها.
لست في طور تقييم تجربة الشركة الوطنية او غيرها, لكن السؤال الذي نحتاج جميعا الاجابة عليه:- كيف نستطيع تخفيض نسبة البطالة من خلال احلال منظم ومنهجي للعمالة الاردنية في المساحة الكبيرة التي تشغلها العمالة الوافدة وهي اكثر من (300) ألف فرصة عمل او لنقل نصفها او ثلثها?!
وهل من الممكن ان يكون هناك عمل مثمر يقابله تعاون من المجتمع وكل الجهات بحيث لا نكرر عدم نجاح التجارب السابقة?
ولعلي اتوقف عند مثال وهو خادمات المنازل حيث لدينا حوالي (50) ألف خادمة اجنبية في منازلنا, وهو رقم منذ سنوات ومن المرجح ان يكون قد زاد, اي (50) ألف فرصة عمل وسبق لاحد الوزراء وهو الدكتور عبدالله عويدات عندما كان في موقعه قد اقترح ان يتم فتح معهد او كلية لمدبرات المنازل, اي وظيفة لها اسم وقيمة, وان تحصل الفتاة على شهادة تمكنها من العمل في المنازل من الصباح حتى المساء ثم تغادر الى بيتها, دون ان تكلف اصحاب العمل الاقامة وتبعاتها, وفي المقابل تتقاضى راتبا محترما, وتقوم خلال ساعات العمل برعاية الاطفال او كبار السن او المرضى او تدبير شؤون المنزل.
كانت الفكرة جميلة والهدف توفير فتيات اردنيات لادارة المنازل وهذا يحمي المجتمع من عاملات بثقافة مختلفة تنعكس على الاطفال وغيرهم, ولو تم المضي في الفكرة ووفرنا 20% من عدد عاملات المنازل للفتيات الاردنيات لكان انجازا كبيرا, وهي فرصة عمل لا تقل في قيمتها عن العمل في شركات المدن الصناعية بل تفوقها.
هذا مثال لفكرة ضاعت, ولدينا قطاع الزراعة الذي بحاجة الى 'توطين' بأردنيين لان نسبة كبيرة منه تحت ادارة عمالة وافدة, وايضا قطاع المقاولات الذي يشكو من ندرة الاردنيين.
الخلاصة اننا بحاجة لنجرب مرة بعد اخرى, وعلى المجتمع ان يدرك ان البطالة بلا حل كامل اذا بقينا ننتظر الحكومة لتجد فرصا لابنائنا في ظل نمو اقل من المأمول لقطاع خاص وازمات عالمية تحد من الاستثمار.
sameeh.almaitah@alarabalyawm.net