18-02-2012 08:59 AM
كل الاردن -
عمر كلاب
إصرار النواب على التمسك بملفات الفساد التي لا يكون اطرافها او اطراف فيها وزراء او رؤساء وزارات فيه إضاعة لمجهودات نيابية يجب ان تتركز على ملفات الاصلاح وقوانينه الضامنة لمسيرة الاردن نحو العصرنة وطي صفحة الماضي , وفيه ظلال سوداء على النواب انفسهم , ليس اولها المصلحة الذاتية ولا اخرها اشارات وغمزات التنفع من هذه الملفات , والاهم ان حقهم في الاطلاع على مجريات السير في الملفات التي لا يكون اطرافها وزراء او رؤساء وزارات مضمون ومصان , فدور النائب الرقابي يؤهله لمتابعة القضايا لغايات الرقابة النيابية على السلطة التنفيذية واعمالها .
الحراك الشعبي الذي يريد ان يريح ويرتاح بتحقيق مطالبه الاصلاحية والتفرغ لما بعد الاصلاح , ينظر بقلق الى ابتعاد النواب عن دورهم التشريعي في مرحلة تشريعية بإمتياز , ويخشى ان ينغمس النواب في تفاصيل ليست من شانهم مباشرة على حساب قضايا اساسية ستوفر لاحقا ارضية صلبة لمحاربة الفساد واسترداد ما نهب من الخزينة او ما ضاع عليها , ولا يُخفي المواطن قلقه من محاولة اعداء الاصلاح والمتضررين منه من داخل الجسم النيابي ومن غير الجسم النيابي لتحقيق تحالف غير مقدس لتعطيل الاصلاح ومشاريعه عبر ادخال النواب في دوامة التفاصيل والحرائق الصغيرة لحرف وجهة النظر عن جذر الاصلاح واساسه التشريعي المطلوب إنجازه بشكل سريع .
كما ستخلق هذه الملفات حساسية في العلاقة مع السلطة القضائية , بحيث يصبح التنافر والتنابز على الصلاحيات سمة العلاقة , ويلحق الضرر بالمشروع الاصلاحي على جبهتين , جبهة التشريع وجبهة حماية الحقوق الفردية والوطنية , بعد ان حقق القضاء انجازات على مسار الحرب على الفساد وبات جهازه جاهزا للامساك بهذا الملف الحساس , وينتظر من مجلس النواب نفسه الدعم في انجاز القوانين اللازمة لدخوله هذه الحرب دون ثغرات ينفذ منها الفاسدون , وما زال القضاء ينتظر تعديل تشريعاته .
بدون مواربة او خجل , نحن نعرف ان خلايا الفساد منتشرة في جسد الوطن , ولم يسلم عضو في منظومة الدولة من هذه الخلايا السرطانية وبالقطع فإن الجسم النيابي لم يسلم ايضا , بل كان اكثر الاعضاء هجوما من قبل الخلايا السرطانية بشكل افقده الكثير من الدور وحرم خبرات كثيرة من دخول ملعبه , عبر تزوير الارادة الشعبية والعبث بإرادة الناخبين ودخول المال الحرام من خلفه وامامه وجنباته .
والفرصة ما زالت قائمة لغسل الجسم النيابي من درن سرطان الفساد ومحاصرة خلاياه النائمة او المستيقظة , بالاسراع في انجاز التشريعات اللازمة للاصلاح والصلاح معا , والضغط على الحكومة للدفع بالقوانين الاصلاحية الى مجلس النواب ومناقشتها وإقرارها بعد الرجوع للخبراء في بعض القوانين وفتح حوار وطني سريع في قوانين اخرى , وعدم اضاعة فرصة تاريخية في إعادة الهيبة والدور للسلطة التشريعية وهذا المجلس على وجه الخصوص كي يكون معبّرا عن مرحلة تاريخية هو ابرز صنّاعها وابرز داعميها ومنجزيها.
الشعب كله ومن ورائه قيادته ينظرون الى مجلس النواب كعامل تسريع للاصلاح وعامل امان للقوانين الاصلاحية مع الاستمرار في دوره الدستوري بالتحقيق مع الوزراء ورؤساء الوزارت في ملفات الشك والريبة او ملفات الفساد , وتحويلها للقضاء العادل كي يكمل المهمة المتصلة في حلقات دستورية واضحة , وعدم الانجرار الى شعبوية انية سيكون ثمنها تعطيل الاصلاح وكسر حلقاته المتصلة ليستفيد الفاسدون من هذا الخلط في الادوار والوظائف .
وبعدها سيحمل النواب وزرا تاريخيا يورثونه لابنائهم بدل ان يصنعوا نصرا اصلاحيا يفاخرون به العالم ويتركونه إرثا لمن خلفهم , وعلى النواب اختيار مجد التاريخ او عقابه ؟
omarkallab@yahoo.com