03-03-2012 09:36 AM
كل الاردن -
جميل النمري
أراح الزائر الأبيض هذه الجمعة الحراكيين في عمان والمحافظات من الخروج في المسيرات بدون تأنيب ضمير على التقصير. والحاصل أن بقاء الربيع الأردني بدون نتائج ملموسة، يديم مسؤولية الحراك بالحفاظ على الاحتجاجات. ولا بدّ أن جلالة الملك يستشعر الموقف، ولذلك لا يني يؤكد على إنجاز القوانين الإصلاحية وتتويجها بانتخابات بلدية ونيابية تقنع الرأي العام، وتعطي أوسع وأقوى تمثيل للأردنيين.
لكن في الأثناء، تتكالب على الحكومة تحديات ومصاعب تزود الحركات الاحتجاجية بالوقود، وكان آخرها الرفع 'الصاعق' لأسعار الكهرباء. وحتى الأمس، كانت هناك تحركات أو إنذارات تشمل عدة قطاعات؛ من الممرضين الذين حسموا قرارهم بالإضراب، وحتى المستأجرين من التجار الذين أجلوا إضرابهم الشامل الذي سيشلّ الأسواق في جميع المدن الأردنية لمدة أسبوع، من باب إعطاء فرصة أخيرة للحكومة التي كانت تخشى إجابة مطالب المعلمين حتى لا يكونوا قدوة لغيرهم، أكثر مما كانت تخشى زيادة عجز الموازنة بضعة عشرات من الملايين.
أسعار الكهرباء تثير غضب الجميع، في الأرياف والمدن؛ وجميع الشرائح، مرتفعي الدخل أو متوسطي أو عديمي الدخل على السواء، ومن شتّى المنابت والأصول. وقد عقد مجلس النواب الثلاثاء الماضي جلسة خصصت لنقاش هذا الرفع، وتبارى النواب في التعبير عن غضب الشارع وغضبهم. وهذا الثلاثاء، سوف يستكمل الحوار، لكن الشارع لن يقبل من النواب تمثيلية 'أشبعتهم شتما وأودوا بالإبل'؛ أي أن يُشبعوا الحكومة انتقادا ثم تنتهي الجلسة بلا نتيجة. وتحقيق نتيجة يفترض الانتقال من الكلام الشعبوي إلى الكلام العلمي عن الكلف والوسائل لتقليصها، وتمكين الفئات الشعبية على الأقل من الحصول على الكهرباء بسعر معقول.
والشيء ذاته ينطبق على قانون المالكين والمستأجرين. فكما توقعنا وحذرنا أثناء نقاش القانون، فإن بعض مواده أعطت حكما عاما على غرار 'بدل المثل' وإخلاء الأبناء الورثة لنفس المصلحة.. إلخ، بما يخلّف مشاكل معقدة، ويجب أن يلحق بها فورا نظام تفسيري ودليل إرشادي لمعالجة كل الاحتمالات بصورة عادلة ومتوازنة.
وها هي القنبلة تنفجر في حضننا. وقد وقع النواب على مذكرتين لمراجعة القانون، ولكن يجب أن يذهبوا خطوة أبعد بعقد ورشة سريعة تقدم بصورة دقيقة الحلول المقنعة، حتى يمكن فتح القانون مجددا للتعديل.
وعلى سبيل المثال، انعقدت في إربد، تحت رعاية غرفة التجارة، ورشة مفيدة من هذا النوع، يمكن إلحاقها بورشة مركزية في عمان لتبني مقترحات محددة.
الحكومة في وضع صعب، والحراكات المطلبية تضغط عليها، ولسان حالها يقول تقتّرون علينا الملاليم وأنتم أنفقتم أو أهدرتم الملايين. ولا يجدي أن يلجأ البعض إلى الإثارة الجانبية التي لا تطعم خبزا، مثل المذكرة النيابية لطلب استقالة وزير الطاقة، أو إعادة ملف الكازينو الذي ليس فيه فساد قرش واحد إلى حضن النواب، بينما تسحب منهم ملفات فساد تنطوي على شبهات بمئات الملايين!!
jamil.nimri@alghad.jo
الغد