09-03-2012 10:31 PM
كل الاردن -
د. رحيّل غرايبة
في ظل تدفق المرضى الليبيين على الأردن, تنتعش أسواق المستشفيات والفنادق, ويشكل ذلك مورداً اقتصادياً مهماً, ونحن مع إكرام الإخوة والأشقاء من الشعب الليبي ابتداءً, ومع تقديم أنواع الدعم والخدمة كافة للمرضى والجرحى, الذين صنعوا ثورة بلادهم المعاصرة التي استطاعت الإطاحة برمز من رموز الاستبداد والتخلف العربي والإنساني, وهذا الجهد الشعبي يستحق الشكر والتقدير.
هذا الموضوع أصبح يمثل قضية كبيرة في الأردن, لها آثار وتداعيات, فإذا لم تحسن الحكومة والأجهزة المعنية والقطاع الصحي الخاص, التعامل مع هذا الموضوع بطريقة مدروسة, ورؤية واضحة, ومنهجية سليمة, فربما يتطور هذا الموضوع ليصبح مشكلة أو أزمة يعاني منها الأردنيون.
المحور الأول في هذا الموضوع الذي يجب أن ينتبه إليه رئيس الحكومة والحكومة ابتداءً, هو أنّ المواطن الأردني له الأولوية الأولى في العلاج والعناية الصحية في بلده وأرضه ووطنه, ولا يجوز تحت أي ستار وتحت أي مبرر أن يجد المريض الأردني معاناة شديدة في حصوله على حقه في العناية الصحية في بلده ووطنه ولا يجوز أن لا يجد مريضٌ سريراً بحجة إشغالها من مرضى وافدين, وأجد أن المنطق والعدل يقتضي الالتزام بهذا المبدأ ويجب أن يتم حماية حق المواطن الأردني بالعلاج والعناية الصحية بتشريع قاطع لا يقبل التأويل.
المحور الثاني في هذا الموضوع أن يبقى القطاع الصحي الحكومي حكراً على المواطن الأردني, ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تتحول المستشفيات الحكومية والرسمية الى روح التجارة واستثمار الفرصة, وهذا ينطبق على مستشفى الجامعة الأردنية, ومستشفى الملك عبدالله المؤسس. ولا يجوز أن تتقدم أولوية الحصول على المال على أولوية تقديم العناية بالمواطن الأردني, وتفيد بعض المعلومات أنّ بعض المواطنين الأردنيين أصبحوا في وضع حرج للغاية ويعانون من عدم قدرة المستشفيات على استقبالهم, خاصة أولئك الذين يعانون من بعض الأمراض الخطيرة مثل السرطان.
المحور الثالث محور تنظيمي يقتضي تشكيل هيئة من كل الأطراف المعنية بهذا الموضوع من اجل تنظيم التعامل مع هذه القضية بطريقة منهجية سليمة وبرؤية صائبة بحيث يتم استثمار هذه الحالة دون مساس بأولوية العناية بالمواطن الأردني أولاً. دون استغلال جشع لوضع الوافد الليبي أو العربي, وهذا الموضوع يحتاج الى رقابة صارمة من استغلال بعض قصار النظر الذين يسيئون الى وطنهم وشعبهم وسمعة الدولة ومكانتها بدافع الجشع المادي.
اعتقد أن الحفاظ على كرامة المواطن الأردني أصبح سمة من سمات ثورة الربيع العربي ونتيجة بارزة من أهم نتائج ثورة الشعوب العربية الحديثة.
rohileghrb@yahoo.com