14-03-2012 10:29 PM
كل الاردن -
نبيل غيشان
المشهد في الشارع الأردني غير مريح , الحراكات الشعبية تراوح مكانها منذ عام لكن سقوفها 'الجنوبية' آخذة في العلو, والاستجابة الرسمية ما زالت متواضعة وتتعامل 'بالقطعة' وردة الفعل الآنية ولا تبحث عن حلول ناجعة, وربما حوار الشوارع لن ينتج تفاهما.
حجم الاشاعات كبير جداً, وحجم جلد الذات فاق التوقعات, والأردنيون تفاجأوا بحجم الفساد المستشري, بعضه صحيح وبعضه الآخر مبالغ فيه, لكن للشارع منطقه وقوانينه وقد يكون من الصعب الحوار معه بالمنطق والعقل.
ايضا المشاهد في الاقليم اسوأ, فالنار حولنا ما زال لهيبها يتصاعد ونحن في عين العاصفة, 'فالغول غربي النهر' غارق في انانيته وحقده ومصالحه وغير راغب ان يعطي الاطراف الأخرى 'مجرد ضوء في نهاية النفق' الأمر الذي زاد أعباء التحديات على فلسطين وضاعف من مشاكل الأردن الداخلية.
وجارنا 'الشمالي' غارق في أوهام القوة , فلا المعارضة قادرة على إسقاط النظام ولا النظام قادر على خنق المعارضة, وعلى كلا الحالتين فالأردن قلق من تداعيات النار التي قد يصلنا لهيبها.
كل ما يجري عندنا وحولنا أصابنا باضرار بالغة وأعطاب شديدة , أودت بهيبة الدولة وأجهزتها, وادت إلى حالة من عدم الاستقرار واليقين, لكننا تعلمنا درساً كبيراً, بأن القديم لن يبقى على قدمه.
فالمنطق اليوم يفرضه الحكماء ولا يمكن للقوة ان تفرضه, واخطاء الماضي لا بد من الاعتراف بها من اجل تجاوزها, فنحن لا نريد نصب المشانق للمخطئين والسُرّاق, ولا نريد حتى 'بهدلتهم' بل نريد استرجاع أموالنا المنهوبة, ونريد إغلاق الابواب التي دخلوا منها على فسادهم.
أما الدرس الأهم الذي تعلمناه من الشارع, فهو من دون مبالغة سقوط النخب السياسية 'الفارغة' التي جاءت بالصدفة والنّسَب والمصاهرة والجيرة وزمالة المدرسة او الجامعة, هذه النخب الجاهلة والفارغة والمعزولة عن محيطها الاجتماعي, لم يعد لها مكان في الأردن الجديد الذي نسعى جمعيا إلى إعادة ترتيبه, الأردن الذي يقوم على مبادئ العدالة والمساوة و والحداثة والشفافية والمساءلة, والمسؤولية الشخصية عن الأخطاء.
هذا كله بحاجة إلى إعادة إنتاج مؤسسات مقنعة للشعب وقادرة على مجاراة روح العصر ومنطقة, فالاصلاح مطلوب وحدوده الدستور الأردني, بعيدا عن المغامرة والمقامرة, والديمقراطية لا تُبنى إلا على قاعدة قانونية واقتصادية وثقافة قابلة للاستمرار والتطور, ديمقراطية يحملها الناس ويدافعون عنها بقناعة.
nghishano@yahoo.com