20-03-2012 10:28 PM
كل الاردن -
سميح المعايطة
المؤسسة التي تعلم التضحية لا يمكنها ان تتحدث بلغة التجارة والعمولات .
لا يحتاج الجيش والمؤسسة العسكرية كلها وابناؤها من عاملين ومتقاعدين وقبلهم الشهداء الكرام والجرحى الذين قدموا لوطنهم اغلى ما يملك الانسان واعطوا للجندية عمقها ومعناها, فهي الصفاء والتضحية وخرجوا من الدنيا يحملون اسمى الالقاب دون ان تلاحقهم تهم او تمتلئ حياتهم بترف لا يجتمع مع شرف العسكرية.
لا يحتاج الجيش الى مناسبة لنذكره لكن يوما من ايام الله والامة مثل يوم الكرامة لا يمكن تجاوزه دون ان نتوقف عند المؤسسة العسكرية التي صنعت للاردنيين ايام عز ومجد, وقدم ابناء الجيش بصدقهم وشجاعتهم ملحمة اردنية عربية تجاوزت ان تكون معركة لتكون جزءا من هوية كل اردني, لان الشعوب التي تعيش دون ايام كرامة وعز لا يمكنها ان تبني هوية وليس اصدق من دماء الشهداء والجرحى وشجاعة المقاتلين في رسم هوية للدولة.
ومن صنعوا الكرامة كانوا رجالا بسطاء الا في رجولتهم وشجاعتهم, لكنهم كانوا في زمن دون امتيازات وكانوا يعرفون قيادتهم ويدركون من هو عدوهم ويعلمون كيف يحافظون على وطنهم ولديهم القدرة والرغبة بالتضحية والاستشهاد, ومن يقرأ تاريخ الجيش العربي حتى في المعارك التي تعرضت فيها الامة للهزائم يعلم كم كانوا رجالا وكيف كانت نماذج الشجاعة على ارض فلسطين وفي يوم الكرامة.
وحتى في المراحل التي لا تكون فيها للحروب مساحة, فان الجيش يبقى حالة الردع لحماية البلد ومصالحه, ويمكن له ان يمارس ادوارا تنموية وانسانية, ومن يتوقف عند مسيرة التربية والتعليم في الاردن يعلم الدور الكبير للقوات المسلحة في بناء اجيال في مناطق البادية وحتى المدن من خلال مدارس الثقافة العسكرية, وهو ما اطلق عليه احد الخبراء مصطلح 'دبلوماسية الصحراء', فمدارس الجيش التي كانت في مناطق لا تستطيع التربية ان تصلها صنعت اجيالا متعلمين وقادرين على بناء انفسهم ومجتمعاتهم المحلية.
ما بين صناعة الكرامة وصناعة الانسان والتنمية تكون ادوار المؤسسة العسكرية, وما بين الشهادة والشجاعة وخدمة الانسان رسالة الجيش, وهي الرسالة التي تحفظ للمؤسسة العسكرية مكانتها وقدسيتها الوطنية, لتظل المرجعية في القيم العليا, والهيبة والاهم انها هوية الدولة الاردنية.
ولان المؤسسة العسكرية بكل تفاصيلها الحصن الحصين للدولة فان اي اساءة لها من اي شخص جريمة كبرى, واكبر الاساءات من اشخاص تشرفوا بحمل اسمها ورتبها ثم نسوا أو تناسوا قداسة المؤسسة وغرقوا في امتيازات او تجارة واحيانا مسارات غير قانونية ورسم هؤلاء حتى لو كانوا افرادا بعدد اصابع اليد رسموا صورة رديئة الحقت الاذى بالمؤسسة خاصة انهم من الصفوف الاولى.
في الازمات الصعبة تكون الاولوية لحماية المؤسسات المفصلية من اي مسارات سلبية, وكل هذه المؤسسات يجب ان تبقى في اداء ادوارها الاساسية, بعيدة عن التجارة والاستثمار حتى لو كان نظيفا, لان عالم المال والعمولات لا يجتمع مع المؤسسات العسكرية بكل تجردها وقداستها الوطنية, فعالم الاموال فيه ربح وفيه فساد وفيه تجار, وعالم الجندية عالم التضحية والشجاعة والمؤسسة التي تعلم ابناءها على الشهادة والموت لا تستطيع ان تعلم فن التجارة وطرق الحصول على عمولة او تحمي فاسدا او تصنعه,. وفرق كبير بين التنمية والدور التنموي وبين التجارة والسعي للربح وفرق بين تراب المناورات وقصور المال الحرام.
في يوم الكرامة من واجبنا جميعا ان نستذكر كل الكرام من ابناء المؤسسة العسكرية الذين قدموا دماءهم وارواحهم خلال كل المعارك والحروب, ونستذكر صدقهم قبل صورهم وفقرهم قبل شجاعتهم ونحمل على جباهنا اسماء كل تلك المجموعات التي قضت او سالت دماؤها جريحة, او قدموا وما زالوا بيننا احباء شاهدين على تاريخ نعتز به.
الشهيد قيمة والجيش هو العباءة التي تحتمي بها الدولة وكل مخلص للدولة حريص على بقائها وقوتها لا بد له ان يحافظ على عفة العباءة ونقائها وقوة جوهرها ورسالتها.
تحية إكبار للشهداء في يومهم وعيدهم وللجيش في يوم من ايامه ولكل الذين ساهموا في صناعة 'الكرامة' فهو يوم عربي بلهجة اردنية صادقة.
sameeh.almaitah@alarabalyawm.net