أضف إلى المفضلة
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025


دولة القطاع العام الديموقراطية
24-03-2012 12:17 AM
كل الاردن -


 ناهض حتر

لا يخفى أنني من المؤيدين العقائديين للقطاع العام الإقتصادي. فأنا إشتراكي. ولكنني أنظر, بصورة نقدية حاسمة, إلى إقتران دولة القطاع العام بالإستبداد, ليس فقط لأسباب أخلاقية, وإنما لأسباب إنتاجية واجتماعية; فمقرطة القرار في القطاع العام تزيد انتاجيته وتضمن توجيه فوائضه للفئات الكادحة, بدلا من الفئات البيروقراطية وشركائها من الرأسماليين.

غير اننا نريد استعادة القطاع العام في الأردن, أيضا, لأسباب وطنية بالدرجة الأولى. سأعددها الآن.

السبب الأول, ضرورة تحشيد الموارد المحلية لسدّ العجز في الموازنة العامة; إذ نلاحظ, في تجربتنا الراهنة القائمة على الخصخصة الشاملة واجتذاب الإستثمارات بالتسهيلات حدّ الفساد, أن الدولة لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها الأساسية من توفير فرص العمل والأجور العادلة والخدمات الأساسية ومستوى العيش الكريم للمواطنين. وهو ما يهددها بالإنفراط أو الإنكشاف التام أمام المساعدات الإنقاذية المشروطة سياسيا, وتاليا الإنفراط كمصير حتمي,

خلال عقد واحد من المرحلة النيوليبرالية, تفاقم الإفقار حتى شمل حوالي حوالي 50 بالمئة من شعبنا, ثلاثة ملايين بينهم حوالي المليون جائع بالمعنى الإصطلاحي لا المجازي, وتردى التعليم الثانوي والجامعي واختنقت فرص العمل والسكن والحصول على الأساسيات,

السبب الثاني, ضرورة تحشيد الموارد المحلية من أجل التنمية وإحداث التراكم الرأسمالي والإستثمار في المشاريع ذات الأولوية التنموية الشاملة والمولّدة لفرص العمل الكثيفة والسلع الإحلالية ( بديل المستوردة) والتصديرية ذات القيمة المضافة العالية, لموازنة ميزان التجارة والمدفوعات.

لقد واجهت تجارب الدول الوطنية الطامحة إلى التقدم الاجتماعي, هذه القضية, مرارا وتكرارا, واكتشفت أن الرأسماليين الأجانب وشركائهم الكمبرادوريين, لن يستثمروا إلا في القطاعات الكثيفة الربح لا الكثيفة العمالة,كالإتصالات والتعدين الخام والعقارات والقطاع المالي. وهم, فوق ذلك, يحققون معظم أرباحهم من خلال حرية التجارة التي تضرب ميزاني التجارة والمدفوعات, ويحوّلون, في النهاية, أرباحهم إلى الخارج, فلا يفيد البلد منهم في إحداث التراكم الرأسمالي التنموي.

وكمثال, كان الرئيس جمال عبد الناصر يعوّل على الرأسماليين في تمويل وقيادة التنمية الوطنية, لكنه اكتشف, بالممارسة, أن التمحور على هدف الربحية يناقض التمحور على هدف التنمية وإشباع حاجات المجتمع. ولذلك, اتجه النظام الناصري إلى القطاع العام, وحقق نجاحات كبرى. إنما بسبب غياب الديموقراطية - بمعنى تسييس الجماهير الكادحة - تمكن الكمبرادور من الإطاحة بالتجربة الناصرية والاستيلاء على الحكم والثروة وخلق طبقة من الحيتان على حساب تجويع الشعب المصري وتحطيم دولته ومنظومته و قواه الإنتاجية وتصدير قواه العاملة وتبديدها إلى درجة مريعة, بحيث أن ثورة 25 كانون الأول 2011 ، أمكن شراؤها - مؤقتا - بحفنة دولارت من قبل القوى المتوافقة مع إنحطاط التعليم والثقافة والفقر. وهي ظروف لا تسمح بالديموقراطية, بل بالفاشية الرثّة الموكول إليها إدارة مجتمعات الفقر المدقع,

السبب الثالث, يتعلّق بالطبيعة الاجتماعية النفسية والثقافية للأردنيين. وهم أنصاف بدو - انصاف فلاحين, ممن عاشوا قرونا في متحدات عشائرية إنتاجية تقوم على المساواتية والجماعية ونبذ النزعات التجارية والربحية. وهو ما جعل القسم الأساسي من الأردنيين متطابقا مع شروط الإنتساب للقطاع العام, والتفاعل مع الدور الإقتصادي - الاجتماعي للدولة. وبدلا من قسر شعبنا على تغيير طبائعه و العيش في ظل مفرمة القطاع الخاص, فإن الخيار الوطني والديموقراطي, يتطلب إعادة تنظيم الإقتصاد الوطني ليس فقط وفق احتياجات المجتمع الأردني, وإنما, أيضا, وفق ثقافته وخبراته وميوله النفسية.

نريد إستعادة وتوسيع وتطوير القطاع العام على أساس الإدارة الديموقراطية, ولا نغفل, بل نؤكد, بطبيعة الحال, إدخال وتعميم أشكال المُلكية التعاونية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتعاضدة مع شركات القطاع العام الكبرى في مشروع تنموي وطني واجتماعي.

ynoon1@yahoo.com

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-03-2012 07:18 AM

رجعنا للنيولبرالية...والكمبرادور ...والتراكتور...وتتيس الجماهير !!

2) تعليق بواسطة :
24-03-2012 08:08 AM

*-مقالتك اليوم هي من أجل الترويج للديمقراطية الاجتماعية ومن اساس اقتصادي .. هذا حقك ولا احد ينكره عليك لكن للناس الحق بالقبول والرفض لهذه الفكرة بالرغم من ان التجارب في دول "مجاورة" قد بينت فشل هذه الخطط بسبب الفساد السياسي والاقتصادي ايضاً لان المجال الناظم للأسلوب الاشتراكي هو مجال مغلق وهذه بحد ذاتها تفسح مجالا لهدم الفكرة الاساسية الخلاقة .
*-اما عن التجربة الناصرية فهي قد فشلت في مهدها واثناء وجود عبد الناصر لا بعده .. فهي اسست بطريقة غير رتيبة .. مثال : كان تعريف الفلاح او الكادح يشمل المزارع "الاجير" و المالك لفدان واحد وفي نفس الوقت المالك لعشرين فداناً ..!!!..
تعريف الراسمالي او الصانع يشمل صاحب ورشة الخياطة في السيدة زينب وصاحب ورشة الخراطة والمعمل الصغير لصناعة الطوب وفي نفس الوقت مالك مصنع الاسمنت ومصنع الحديد وصاحب الفندق 5 نجوم..!!... والمتعلم المثقف هو الطالب سنة اولى لغة عربية او اي تخصص آخر وفي نفس الوقت نجيب محفوظ !!!!!
لذا في ظل الفوضى الاقتصادية والسياسية والحقوقية في عهد عبد الناصر فإن التجربة الاشتراكية التي قادها لم تأتي بانجاز سوى في التأميم وبناء السد العالي وهي ان اتفقنا على انها تعتبر انجازات لكنها لم تؤثر على الوضع الاقتصادي العام للمواطن المصري ولم تؤثر حتى في انقاص استشراء الفساد في مؤسساته الحكومية والامنية التي شكلت ارضية خصبة للسادات من بعده .. يعني في تجربة عبد الناصر الاقتصادية لم يختلف شكلا عن فرانكو في اسبانيا الذي قدم المشروع الزراعي الأعظم في تاريخ اسبانيا ولكنه في نفس الوقت فشل في إدارة المؤسسات وهذا أمر طبيعي لكل نظام شمولي ديكتاتوري ..

3) تعليق بواسطة :
24-03-2012 08:26 AM

كل الجهاز الحكومي المتخم وبتقول إنه الدوله لم تعد حضره على توفير فرص العمل!!!

4) تعليق بواسطة :
24-03-2012 03:24 PM

بصراحة انا اتابع مقالات ناهض حتر من اجل ان اقراء تعليقات الاخ محمد السكر .................ارجو من الاخ محمد ان لا يتوقف عن الكتابه فانا من المعجبين باسلوبه.

كما ارجو لو امكن ان يقوم الاخ محمد السكر العدوان بكتابه مقالة رد على الاستاذ ناهض حتر.

5) تعليق بواسطة :
24-03-2012 04:58 PM

بالعكس فان دولتنا بحاجة لادارة وحكومة رشيقتين وان تتخلص تدريجيا وفي ظل ظروف شفافة ونزيهية من تركة القطاع العام الانتاجي وحتى الخدمي باستثناء قطاعات هامة كالتعليم والصحة والطرق..كنا في وضع صعب عام 89 والقطاع العام في عزه..استعرض شركات القطاع العام او اي مؤسسة انتاجية تشرف عليها الحكومة لترى انها خاسرة ويترتب عليها ديونا سنوية متراكمة بكفالة الدولة..من شركات الفوسفات الى الطيران مرورا بشركات تسويق الخضار والفاكهة وغيرها..نهج الخصخصة اسلم لكنه استغل من مسؤولين من ذوي الـ "نفوس ميتة" (مع الاعتذار لرواية روسية بهذا الاسم) وليس حتى المريضة..مخلوقات اشبه بالعلق..ارادت الاثراء ولو بمص دماء الناس وليس ببذل الجهد والمثابرة والتعفف..يعني فان ما حصل ليس خصخصة وانما تحويل ملكية عامة الى ملكية خاصة بدون مقابل..

6) تعليق بواسطة :
24-03-2012 07:29 PM

أريد شكر الأستاذ ناهض على طرق الموضوع .رغم الأختلاف مع رؤيه الكاتب . فالأردن والمنطقه العربيه التي تخلًفت في منطقه الأفكار الحزبيه التي تخاطب الرؤى الأجتماعيه والأقتصاديه , لديها فرصه في تطوير الفكر الحزبي (الغير عقائدي) ورفع الوعي عن طريق استغلال منبر الفضاء الألكتروني .
.....أما الفكر الأشتراكي , فيجب دراسه التجارب السابقه التي لم يكتب لها النجاح ,بل أن دولاً في منظومه الغرب تعاني مصاعب اقتصاديه جمه(اليونان ,البرتغال) وذلك كنتيجه مباشرة لأستلام احزاب اشتراكيه السلطه لعدة دورات(الباسوك الأشتراكي اليوناني) وقد قامت تلك الأحزاب بالتوسع في التوظيف في القطاع العام وتعزيز التأمينات الأجتماعيه على حساب المستقبل ومراكمه الديون .
أنه مع الأعتراف بفشل النسق الأقتصادي الليبرالي في الأردن ولكن الواجب هو أعادة التحليل بصورة واقعيه ,فما تم لا علاقه له بالأقتصاد الحر فالأقتصاد الحر لا يمكن أن ينمو دون اصلاح سياسي يسبقه يعمل على أشاعه روح الشفافيه والحكم الرشيد والتنافس العادل والأقتصاد الأنتاجي الموجه لمصلجه المواطن .

يحتاج الأردن الى دراسه ميزاته النسبيه (السياحيه والتعليميه والصحيه والخدميه واليد العامله) والبناء عليها , وهو بهذا المعنى بعيد عن الوصفات الأشتراكيه .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012