28-03-2012 12:01 AM
كل الاردن -
سميح المعايطة
النقابات ليست للمطالبة فقط بل للتخطيط والتنفيذ وتحقيق مطالب المجتمع لدى المعلم
التاسع والعشرون من آذار يوم مهم في تاريخ المعلم الأردني, حيث سيقوم بانتخاب مجلس نقابته الاول, هذه النقابة التي كانت حكاية اختلط فيها القانون بالدستور بالسياسة, وجاءت هذه المرحلة السياسية لتقدم لقطاع المعلمين خدمة كبيرة باخراج النقابة الى حيز الوجود وليُسجل لمجلس النواب الحالي انه المجلس الذي اقر القانون ووضع الاساس التشريعي لنقابة المعلمين.
وعلى خلاف كل النقابات فان نقابة المعلمين تبدأ رحلتها بجسم نقابي كبير جدا يتجاوز عشرات الالاف, وهو قابل كل عام للتوسع مع كل دفعة من المعلمين والمعلمات يدخلون مدارس المملكة, وهذا الجسم الكبير يفرض على النقابة الوليدة ان تعمل بسرعة صاروخية لتقديم خدمات ملموسة لمنتسبيها, وهنا لا اقصد ما هو لدى الحكومة, لان هذا اسهل الطرق وتحقق منه الكثير, لكن الخدمات الاهم هي التي يقدمها كيان النقابة للمعلمين على صعيد كل ما يحتاجه المعلم من خدمات وتعليم لابنائه وتكافل وتمويل وتقاعد نقابي, تماما مثلما نجحت به نقابات مهنية وفشلت فيه نقابات اخرى.
النقابة التي سيتم انتخابها غدا لا تحتاج الى اشخاص يحملون مواقف عامة او يتبنون مواقف سياسية موالية او معارضة, بل تحتاج النقابة في اول مجالسها الى عقول هادئة ذات خبرات فنية كبيرة قادرة على التخطيط والتفكير وانجاز خطوات مقنعة للمعلم على صعيد تحسين شروط حياته ومهنته, واذا كانت مطالبة الآخر بتحقيق المطالب امرا سهلا فان اختبار القدرة وحسن القيادة عندما يكون المسؤول النقابي هو المطالب من زملائه بالتفكير والتخطيط وتقديم ما يخدمهم, وهذا ما يحتاجه قطاع المعلمين اليوم, فالنقابي ليس شخصا يقود اعتصاما او اضرابا, لان هذا قد يحدث مرة كل عدد من السنوات, لكن النقابة جهاز تنفيذي مثل الحكومات عليه واجب التخطيط والتفكير والتنفيذ, وهو الفرق بين المعارضة والسلطة, وما يحتاجه المعلم اليوم سلطة تنفيذية وحكومة مهنية قادرة على خدمته, ولهذا فقوة المرشحين ليست في مواقف عامة او خطابات سياسية او عبارات لا يمكن تحويلها الى امر واقع وتقدم ملموس في حياة المعلم.
النقابة المقبلة ستتحمل مسؤولية كبرى أمام المجتمع, وهي مسؤولية المساهمة في حل مشكلات التعليم, وكما ان النقابة مسؤولة عن المطالبة بحقوق المعلمين فهي ايضا مسؤولة عن حقوق المجتمع واولياء الامور لدى قطاع المعلمين سواء كانت حقوقا على افراد من المعلمين او على قضايا كبرى في التعليم ستظهر تباعا عندما يظهر جسم النقابة وتدب فيه الحياة.
المعلمون لا يحتاجون الى حزب جديد يضمهم,ولا يحتاجون الى منبر سياسي او ان يكونوا واجهة سياسية لاي طرف, ليس لان العمل السياسي سلبي, بل لان هناك احزابا قائمة يستطيع اي مواطن ان ينتسب اليها لكن قطاع المعلمين بل قطاع التعليم يحتاج الى نقابة مهنية تحمل رؤية لتطوير المهنة واعادة هيبة المعلم سواء كان هو او غيره يتحمل المسؤولية عن تراجعها. اقول هذا وكلنا ندرك ان من بين المتقدمين حزبيين واصحاب مواقف سياسية وهذا امر طبيعي بل قد يكون مصدر قوة للمرشحين لكن القضية الكبرى ان يكون الخطاب مهنيا ووفق رؤى قابلة للتنفيذ بما يخدم المعلم الذي يحتاج الكثير, اما ان يتقدم البعض بهدف السيطرة السياسية بشكل اساسي فهذا قد لا يحقق الكثير للمعلم.
من الطبيعي ان يكون من بين قيادة النقابة حزبيون, لكن ما هو غير طبيعي ان يعتقد بعضهم ان النقابة منبر سياسي جديد وليست نقابة جاءت لتحمل هموم عشرات الالاف من المعلمين وتقدم لهم وللمهنة الكثير من الخدمات والتطوير والحضور, مع وقوف الى جانب كل القضايا الوطنية والعامة.
تحية للمعلمين وهم يضعون اقدامهم على اولى خطوات بناء نقابتهم التي تستحق كل الدعم والاحترام وبما يتناسب مع مكانة المعلم والتعليم.
sameeh.almaitah@alarabalyawm.net