28-03-2012 12:04 AM
كل الاردن -
ناهض حتر
في واحدة من أكثر اللحظات, رومانسية وبطولة, في حراك المعلمين النضالي, العام ,2010 كان المشهد ملحميا بحق, له عَبَق الشيح والقيصوم ووجدان البراءة والرجولة. وسيبقى خالدا.
المناضلة أدما زريقات, المعلمة الكركيّة الباسلة التي كانت في طليعة الجهد لبناء نقابة المعلمين, أحالتها الحكومة على الاستيداع عقابا لشجاعتها ووضوح رؤيتها والتزامها, وللحظة, أحسّتْ بالقهر, وتملّكتْها عَبرةٌ ...اشعلت غضب زملائها في لجنة عمان الحرّة, فانتخوا واقسموا أن يسيروا لنصرة أختهم من عمان إلى الكرك, مشيا على الأقدام! وقد فعلوا!
لثلاثة أيام, تحت الشمس وفي بهيم الليل, سار أعضاء عمان الحرة, تتابعهم قلوب تمتلىء بالوجد لأردن يولد من بين الرماد كطائر الفينيق. وحين وصل الشباب إلى الكرك, في تلك اللحظة, انتصرت نقابة المعلمين ... مذ ذاك لم تعد النقابة مجرّد مطلب, بل تحولت إلى عنوان حياة جديدة لعشرات الآلاف من أبناء شعبنا من كادحي التربية والتعليم...أصبحت ' عمان الحرة', بوصلة ... وغدت أدما زريقات رمزا!
لستُ معلما.. لكن نقابة المعلمين, شغلتني سنتين, لا لهدف نقابي أو سياسي. وإنما إيمانا برؤية تجديد المجتمع الأردني. ويعرف مناضلو النقابة الذين تشرّفت بالعمل معهم, أنني لم أبادلهم, كالسياسيين, موقفا بموقف. منذ اللحظة الأولى, كانت نقابة المعلمين عندي برق الأمل في سماء الأردن, تؤذن بالمطر والزهر والحياة.
كان همي, وما يزال, تحرير ما يربو على مئة الف معلم من الإمتثالية, وبعث الاعتزاز في نفوسهم وإيقاظ ثقتهم بالذات وتحويلهم من نُثار اجتماعي إلى كتلة اجتماعية سياسية تشكّل طرفا وازنا في الحياة السياسية والحركة الوطنية.
كل ذلك, رأيته, في عين الآتي, ينعكس في جودة الأداء في الصفّ, ويصل ألقه إلى الطلاب والطالبات, فتبدأ دورة حياة ونهضة لجيل جديد وأردن جديد.
ليست نقابة المعلمين مهمة بحدّ ذاتها فقط, بل مهمة أكثر لأنه جرى انتزاعها بالنضال. وهو نفسه درس لن يُنسى, درس سيظلّ محفورا في وجدان الآلاف والآلاف من المعلمين الذين يذهبون غدا, الخميس, إلى صناديق الاقتراع لانتخاب قيادة النقابة. وأملي ألا يبخل أحد من المعلمين والمعلمات بجهد الاقتراع ... فإذا غادرتم المدارس غدا في العاشرة, تذكروا أن المئات من زملائكم لم يعرفوا الراحة لسنتين من أجل هذا اليوم... وفي تينك السنتين, خَبر العشرات منهم قهر العقوبات والمخاطر وضنك الحياة, وهم ينفقون من قروشهم القليلة على نضال تطوّعي شبّ من قلب الأرض واعتلى شجرا.
غدا, ليس فقط يوم المعلمات والمعلمين, وإنما يومٌ للممارسة الديمقراطية الاجتماعية في بلدنا, يومٌ لانتصار إرادة البشر ... غير الخاضعين للبيع والضغوط والمساومات والصفقات, يومٌ للحرية والعقل والتنوير والمستقبل.
ynoon1@yahoo.com