28-03-2012 12:00 AM
كل الاردن -
سامي الزبيدي
الحراك ليس حزبا وان كان قادته اعضاء في احزاب سياسية وبالتالي فان غياب البرنامج السياسي لحراكات مبرر من وجهة تنظيمية اذ انه لا يمتلك شكلاً تنظيميا قائماً على توصيل القرار من اعلى الى اسفل بعد ايصال التوصيات من اسفل الى اعلى.
قد يسأل مراقب: وماذا يريد الحراك الشعبي وهل هو حالة سياسية دائمة ومرنة وعقلانية ذات اهداف ترتفع وتنخفض تبعاً لميزان القوى السائد محليا؟
الاجابة بالقطع لا فالحراك وان كان قادته اصحاب خبرة حزبية الا انه لا يمتلك برنامجا قابلا للاشتباك الحواري معرفياً وسياسياً. وبالتالي فان الحراك حالة اعتراض مؤقتة على انزياح الدولة عن اهداف المجتمع مؤقتا وبالتالي فان الحراك وسائر اشكال المعارضة تريد تعديل سلوك الادارة العامة وعندها لا يصبح هناك من مبررات للحراك لانه كأفراد سيندغم في الحالة السياسية - الحزبية السلمية في اطار دولة ديمقراطية تتبنى التداول السلمي للسلطة اطارا مرجعيا لها.
واذا كان الحراك ليس حالة حزبية فهل مطالب بان يكون له برامج قابلة للنقاش؟
اظن ان هناك جملة من الفروق بين البرنامج والمطالب فالبرنامج يتطور تبعاً للحالة التي وصلت اليها الدولة اما المطالب فهي تنتهي لحظة تلبيتها او تلبية جزء منها لكن المطالب السياسية والبرنامجية لا يمكن ان تكون مقنعة ان لم تكن مرتكزة الى رؤية تلظم حباتها ومفرداتها ومن هنا فان الحراك وان لم يكن مطالبا ببرنامج واضح الا انه مطالب بان يمتلك رؤية سياسية يمكن الاشتباك معها حواريا.
من الاخبار السارة ان الحراكات الشعبية تجتهد الان على محورين:
الاول: انتاج جملة من التصورات الواقعية التي تشكل رؤيتها لاستكمال حلقات الاصلاح.
الثاني: الاتفاق على مبادئ الحد الادنى لصياغة قوائم انتخابية تقدمها للانتخابات المقبلة.
لقد استقرت القناعة لدى قادة الحراك ان حدة الشعار لم تكن آلية مناسبة لتوسيع قاعدة الحاضنة الاجتماعية وادرك هؤلاء بحدسهم السياسي اهمية انتاج رؤية موضوعية لا تستبدل الواقع المعاشي بشعار حاد ينتهي لحظة اطلاقه.
ناقش الحراك الشعبي فكرة غاية في الاهمية وهي كالتالي:
ان كان النزول الى الشارع اداتنا للضغط من اجل تسريع الاصلاح فلا يجب ان تتحول الاداة الى هدف وبالتالي تغيب الحاجة الماسة لانتاج رؤى واقعية يمكن ان تسهم في بناء مستقبل الدولة.
هذا الاستنتاج في غاية الاهمية لانه يعكس نضجا سياسيا يمكن الوصول معه الى منتصف الطريق اذا ما وجدت عقول في الادارة العامة قادرة معرفيا وضميريا على انجاز التسويات السياسية التي تخرج البلد من الاستعصاء القائم.
وللحديث صلة.