27-03-2012 11:49 PM
كل الاردن -
ناهض حتر
شهد العالم العربي, منذ أواخر ,2010 ويشهد موجة من الحركات الشعبية الواسعة التي شملت, بدرجات متفاوتة, معظم البلدان العربية. ويمكن توصيف هذه الحركات بأنها أكثر من حركات احتجاج عابرة وأقلّ من ثورات. فهذه الحركات, من جهة, واسعة ومثابرة, ولكنها, من جهة أخرى, تفتقر إلى البرامج الثورية والقيادات الثورية التي تضع أمام نصب أعينها, حكما, نقل السلطة من تحالف اجتماعي إلى تحالف اجتماعي نقيض, وليس فقط من مجموعة إلى أخرى في داخل التحالف الطبقي الحاكم نفسه. إنها, في رأينا, انتفاضات ناقصة. وهو ما سمح لقوى من داخل النَظْمة المسيطرة نفسها, القيام بانقلابات محدودة الأثر, كما حدث في دول معسكر الاعتدال المرتبطة, تقليديا, بالغرب, تونس ومصر واليمن, أو سمح للنظام القائم نفسه القيام باصلاحات سياسية محدودة كما حدث في المغرب والأردن.
ولإظهار الفارق الجوهري بين الانتفاضة الناقصة والثورة, نعود إلى تاريخ مصر, فنلاحظ أن انقلاب ,1952 تحوّل من إنقلاب عسكري إلى ثورة, لثلاثة أسباب, أولها أنه هدم النظام القديم وأركانه وكيانه الدستوري كله, وثانيها أنه وجّه ضربات اجتماعية وسياسية للطبقات القديمة المسيطرة, بداية من مُلاّك الأرض ونهاية بالرأسماليين, وأحلّ محلهم فئات جديدة من البرجوازية الصغيرة والمتوسطة, وثالثها انه سعى للسيطرة على الموارد الوطنية في مشروع تنموي مستقل, كما للسيطرة على العلاقات الخارجية للدولة المصرية باتجاه تحرري معاد للاستعمار, واصطدم, توا, مع إسرائيل. بالمقابل, رأينا أكبر انتفاضة جماهيرية حظيت بمشاركة 15 مليون مصري تتحول إلى مجرّد انقلاب داخل النظام نفسه, ومن خلال أجهزته وقسم رئيسي من قياداته, من دون المساس بنظام العلاقات الطبقية والطبقات المسيطرة, أو بالنهج النيوليبرالي القائم على اقتصاد السوق المعولم, أو بهيكلية علاقات مصر الدولية, سواء لجهة تبعيتها للولايات المتحدة ام لجهة الخضوع لمتطلبات الأمن والمصالح الخاصة بإسرائيل. ومع الأخذ بالإعتبار أن وضع مصر كارثي من كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والبيئية, فإن الخطوط الرئيسية للانقلاب المصري تنطبق, أيضا, على تونس التي أعلن زعيم الحزب المنتصر فيها, حزب النهضة الإسلامي, راشد الغنّوشي, التزام تونس الجديدة بما كان نظام بن علي ملتزما به: أولوية مصالح الشركات والاستثمارات الأجنبية, علاقات التبعية للغرب الرأسمالي خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية, وزاد ما كان بن علي يخجل من إعلانه, وهو إعلان التخلي الصريح عن القضية الفلسطينية. وفوق كل ذلك, خطوة إلى الوراء فيما يتصل بتبعية تونس للخليج, وخصوصا الوصاية القَطرية.
أما اليمن, فإن قضايا التغيير السالفة, لم تنطرح أصلا, لنبقى حتى أمام نصف انقلاب جل إنجازه أنه اجبرالرئيس علي عبدالله صالح على الاستقالة. وفي الملكيتين, المغربية والأردنية, تمكن النظامان من استيعاب الحراك الشعبي, نسبيا, من خلال إصلاحات سياسية متوسطة, هي في المغرب أكثر عمقا منها في الأردن.
ynoon1@yahoo.com