31-03-2012 07:58 AM
كل الاردن -
عمر كلاب
إذا كان أهل الجليل والمثلث قد ثاروا لحماية وجودهم وأرضهم في فلسطين الطبيعية المحتلة عام 1948 , فإن الاعوام التالية نقلت ساحة الثورة للحفاظ على أرضي ال 67 والقدس الشرقية وما بينهما من تسميات ومفاوضات , والآن نسعى للحفاظ على مبنى المقاطعة وقطعتي الكيكة “ غزة واريحا “ , واحدة تحت حكم فلسطيني ذاتي وموحد.
الى ما قبل الربيع العربي كانت فلسطين حاضرة في بيانات القمم العربية واللقاءات الثنائية , وفي الربيع باتت حاضرة في هتافات الشارع وتقاسمت العواصم العربية معها الحضور والتشارك , في الدعاء بأن يحفظ الله العواصم من كل سوء , ومن كل فتنة وتمزق وفرقة .
النتيجة العربية واحدة في المحصلة , فالتمزق اكثر خطرا من الاحتلال , والاقتتال الطائفي والاهلي اخطر من العدوان الثلاثيني المدمر , فالاحتلال قد يوحد الصفوف , والعدوان لا يمايز بين هويّات الضحايا وطوائفهم , كما تفعل الفتنة والهويات القاتلة .
قبل عقود كانت زنازين العواصم تلتقطنا قبل يوم الأرض , كي لا نخرج في مسيرات وتظاهرات , والان تلتقطنا زنازين الثوريين وتنفتح لنا شوارع الانظمة , كي نهتف فيها للقدس وفلسطين والحرية , تمنعنا قوى الثورة من رفع راية غير راية تنظيمية واحدة وتمنع الهتافات الا هتاف واحد , قديما كانت الحناجر طليقة والشوارع مقفلة , اليوم الشوارع طليقة والحناجر معتقلة ومستهدفة الا لمن يحظى بطاقية خضراء .
في يوم الأرض لا نتذكر الجليل والمثلث ولا نهدر بتحرير كامل التراب , بل نهتف كي نجد قبرا في ارض غير محتلة او منهوبة , ونطالب اهل الجليل ان يتظاهروا من اجلنا كي نحافظ على اراضينا , وان تكون اكفاننا بيضاء من غير الوان قانية , وان نغتسل بمياه نظيفة من غير دنس الفساد والافساد .
امس , كان يوم الارض محتكرا شرقي النهر , ومحتلا غربي النهر , وعبثيا في باقي العواصم , فكل الارض لا تنطق بالعربية كما قال صاحب الاغنية التي نحفظها عن ظهر قلب , وربما لو رددناها امس لقذفتنا جموع بالحجارة لإختلاف اللكنة , كما حاول البعض امس الاعتداء على مناصرين الارض من حركة ناطوري كارتا .
يوم الارض في الربيع العربي كان يوما مغبرّاً , بضجيج الهتاف الواحد واللون الواحد وإنكار الشريك , عكس كل ما يُقال , ونشكر مصر فقد كانت مختبرا قبليا لمفهوم المغالبة ومفهوم المشاركة المهدورة عند اول فرز لاوراق اقتراع مسبوقة بتحالفات الليل والمزارع , فما علق في الحنجرة ليس غبار الاغوار ولسعات شمسه , بل عبارات وشعارات ظلّت اسيرة حناجر حامليها .
في الربيع العربي صار خوف صاحب الرأي المخالف مزدوجا , بل واكثر كلفة مما سبقه من مراحل , فما عاد الاعتقال موجودا ولكن الادانة حاضرة وتهم الخيانة والانخراط في حلف الشيطان اكثر حضورا وعلى الهامش لا بأس من تهم المتاجرة بالدم ونصرة الانظمة او فلولها وسدنتها .
يوم الارض الذي نعرفه كان يأتي في الربيع الوطني والطبيعي , اما يوم الارض الان فله مذاق الغبار والحناجر المخنوقة في موسم الفضاء المعلن والمفتوح , يوم بلكنة واحدة ولون واحد وهتاف واحد .
omarkallab@yahoo.com