04-04-2012 07:30 AM
كل الاردن -
محمد أبو رمان
إصابة مدير شرطة معان العميد عارف وشاح، لا يجوز أن تمر لدى الأوساط السياسية والإعلامية مروراً عابراً؛ فهي حادثة خطرة ومقلقة، تكشف المدى الذي وصل إليه مطلوبون ومجرمون خطرون على أمن الدولة والمجتمع، وأمننا جميعاً. والقصة تتعدى حادثاً فردياً إلى مستوى أخطر من التمرد على القانون والدولة.الوشاح كان في مهمة رسمية لحماية الأمن والاستقرار، عندما بادر المطلوبون إلى إصابته وإطلاق الرصاص على دورية الأمن. وهي حادثة ندينها جميعاً، ولا نقبلها، لكنها كانت –بالضرورة- تتطلب خطاباً سياسياً وإعلامياً صارماً لحماية قيمنا الوطنية والأخلاقية، وتتطلب –كذلك- دعماً سياسياً ورمزياً لجهود الأمن في حملته في اليوم التالي ضد المطلوبين الذين حاولوا التحصن بأقربائهم ورفاقهم المطلوبين.ثمة خيط فاصل دقيق ومهم جداً بين دورنا جميعاً في المطالبة بالإصلاح السياسي، والدعوة إلى مكافحة الفساد والعدالة والحرية وقيم المواطنة والحريات العامة، ورفع الأغلال الأمنية عن الحياة العامة، وبين دورنا الموازي الرمزي المهم في منع التلاعب بالأمن والاستقرار، ودعم الجهود الأمنية في ذلك.الوطن سفينة تقلنا جميعاً، وثمة فرق واضح وجلي بين حرصنا على إصلاح العطب والخروقات فيها، كي تسير بسلام وأمان، وبين أن نتهاون مع المجرمين والخارجين على القانون، الذين يريدون خرقها وإغراقها وجعل البلد فلّة حكم، وبؤر من المتطرفين والخارجين على الدولة الذين يستقوون ضد تطبيق القانون على الجميع.لا شك لدي بتاتاً في أنّ المعارضة تدين قلباً وقالباً هذه الأعمال القبيحة، وتقف صفاً واحداً مع الوشاح ورفاقه في حماية البلد والأمن والاستقرار. لكن أفراد الأمن، مثل أي جهاز آخر في الدولة، يحتاجون إلى دعم معنوي ورمزي، ووقفة سياسية وإعلامية، عبر بيان أو زيارة أو مقالة تقول نحن معكم في هذه المهمة النبيلة والأخلاقية.أقول ذلك لأنني أسمع عتباً في كثير من الأحيان من أصدقاء في الأمن على الإعلام والسياسيين الذين يسارعون إلى انتقاد وتقصير الأمن وأخطائه في التعامل مع ملفات معينة، في الوقت نفسه لا يجد هؤلاء الأفراد دعماً في المهمة اليومية التي يؤدونها دفاعاً عنا جميعاً، وحجم الضغوط التي يتعرضون لها في السنوات الأخيرة، مع ارتفاع وتيرة القضايا الأمنية والجنائية ومحاولة البعض القيام بخرق القانون والاعتداء على الناس.جميعنا مع حق التعبير والحريات العامة، وضد الاعتقالات التي تحدث على هذه الخلفية، وضد تحويل الناس إلى القضاء بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية، لكننا في الوقت نفسه مع دعم جهاز الأمن العام في القيام بمهمته، فهذه المعادلة لا بد أن تكون حاضرة في الأوقات كافة، حتى لا تختلط الأمور، ولا يحاول بعض الخارجين على القانون استثمار مناخات التوتر السياسي والاجتماعي لجرّ البلاد إلى حالة من التهاون والفوضى الأمنية.ما وقع مع العميد الوشاح ليس سابقة، والعنف الاجتماعي والبلطجة والتطاول على هيبة امتحان التوجيهي في بعض المحافظات وخرق القانون كلها أحداث تقع في الحزمة نفسها، وتتطلب منا التأكيد هنا وهناك على مبدأ سيادة القانون واحترام الأمن وعدم المساس به. وهذا يتطلب وقفة سياسية وإعلامية صارمة وموحدة، فهي رمزياً وسياسياً واجتماعياً تعني الكثير لشعورنا بالأمن الوطني والاستقرار والأمن الاجتماعي.تحية صادقة للعميد الوشاح، ولكل مرابط على ثغرات الأمن والوطن، فهم من يقفون خلف المشهد ليحموا عرين الوطن. ولا ننسى أبداً حجم العبء والتضحية التي تقع عليهم. وهذا لا يمنع الآن وغداً أن نبقى نطالب بإصلاح الأمن وتطويره والتزامه بحقوق الإنسان، فهي معادلة متكاملة لا متناقضة!
m.aburumman@alghad.jo