سميح المعايطة

 

6.5 مليون اردني جديد خلال الثلاثين عاما المقبلة.. اي سياسات تخدمهم !!

قبل اسابيع كتبت مقالا يحمل سؤالا عن شكل الاردن بعد 20 عاما, وكنت اقصد شكل المجتمع الاردني في ظل تزايد اعداد السكان واوضاع التعليم وكيفية توفير فرص العمل او التأهيل لشبابنا, والبنية التحتية والطرق وشبكات الكهرباء, وبخاصة ان الاردن لا يكون فيه النمو السكاني طبيعيا فقط بل هناك (طفرات) سكانية نتيجة الهجرات من بلاد الاشقاء سواء كانت هجرات دائمة ام مؤقتة, كما هي حال الاشقاء من العراق وسورية.

ومرة اخرى لا بد من تأكيد ان هذا الملف ليس ملف 'تنظيم الاسرة' او تشجيع على استخدام موانع الحمل, بل هو ملف التنمية والتخطيط لحاضر ومستقبل الدولة, فكل شخص يدخل الى الحياة في الاردن سواء كان مولودا او مهاجرا او وافدا للعمل, فانه يتحول الى جزء من معادلة الموارد الطبيعية والبنية التحتية وارقام البطالة وعدد الأسِرّة في المستشفيات وحملات التطعيم وكمية القمح المستوردة والدعم المالي الذي تقدمه الخزينة لبعض المواد والسلع, فضلا عن ازدحام الشوارع وحوادث السير.

بين يديّ ملخص عن تقرير حالة سكان الاردن عام 2010 ، يحمل ارقاما ربما من الضروري لكل اردني, مواطنا كان ام مسؤولا, ان يطلع عليها, وبعضها ارقام ايجابية تدلل على جهد منظم لضبط النمو السكاني, ومنها مثلا ان معدل النمو السكاني شهد تراجعا واضحا, فمن نسبة نمو 4% قبل عام 1994 الى 2.2% عام 2010 ، حيث لم يتجاوز عدد سكان المملكة (2.1) مليون نسمة في تعداد عام 1979 ولكنه تضاعف عام 1994 ليصل الى 4.2 مليون, واستمر النمو حتى اصبح عدد السكان 6.1 مليون عام .2010

ويقول التقرير ان المملكة شهدت تغييرات جوهرية انتقل من خلالها المجتمع السكاني من مستويات الانجاب المرتفعة الى مستويات اقل, وادى هذا الى ظهور ما يسمى 'الفرصة السكانية' التي تتميز بانخفاض في نسبة الاطفال دون سن 15 عاما وتزايد كبير في نسبة السكان في الاعمار المنتجة, لكن هذا بشرط استمرار الانخفاض في معدلات الانجاب وعدم تعرض المملكة لموجات هجرة جديدة.

لكن.. 'الفرصة السكانية' تعني تزايد نسبة المنتجين, اي ستفرض تحديات توفير فرص التعليم الثانوي والجامعي والتأهيل المهني وايضا فرص العمل, فهي فرصة سكانية من ناحية وجود اعداد كبيرة من الشباب القادرين على الانتاج والعطاء, لكنهم يتحولون الى شيء آخر اذا لم يجدوا ما يكفي من فرص التعليم العالي او التأهيل المهني واسواق العمل المختلفة.

ومن الارقام الاردنية الايجابية التي تضمنها التقرير انخفاض معدلات الانجاب من (5.6) مولود لكل امرأة في سن الانجاب عام 1990 الى (3.8) مولود عام 2009 ، وانخفض متوسط عدد افراد الاسرة من (6.9) فرد عام 1994 الى (5.4) فرد عام 2004 والى (5.1) فرد عام 2009 .

ومن الارقام المهمة انه اذا استمر معدل النمو السكاني الاخير على حاله من دون انخفاض فان هذا سيؤدي الى تضاعف عدد سكان الاردن ليتجاوز 13 مليون نسمة خلال ثلاثين عاما, اي ان المساحة والامكانات ذاتها عليها احتضان ضعف سكانها اليوم..

ومن الارقام التقديرية وفقا لثبات معدلات الانجاب ان عدد السكان سيصل الى (10.2) مليون عام ,2030 و (15.7) مليون عام ,2050 اما العاصمة فسيصل عدد سكانها عام 2030 الى (3.8) مليون نسمة, والى (5.7) مليون عام 2050 ، اي ان عدد سكان العاصمة بعد 38 عاما سيكون عدد سكان الاردن نفسه اليوم, ويذكر التقرير ان محافظة الطفيلة باعتبارها الاقل سكانا سيرتفع عدد سكانها من (84) الف نسمة عام 2009 الى حوالي (138) الف نسمة عام 2030 والى حوالي 184 الف نسمة عام 2050 ، وكل هذا حسب السيناريو المتوسط.

ويقول التقرير ان عدد صغار السن من (6-15) عاما وهم طلاب المرحلة الاساسية سيرتفع من حوالي (1.450) مليون نسمة عام 2009 الى (1.71) مليون عام 2050 اي ان الاردن بحاجة الى الانفاق بشكل اكبر على المدارس الاساسية والثانوية والمعلمين, اما المساكن فان المملكة ستشهد زيادة كبيرة في انشائها حيث سترتفع اعداد المساكن من (1.521) مليون مسكن عام 2009 الى (3.246) مليون مسكن عام 2030 .

هذه بعض الارقام والخلاصات نضعها بين ايدينا نحن الاردنيين لنعيد السؤال على انفسنا مرة اخرى:- كيف سيكون الاردن بعد عشرين او ثلاثين عاما, وماذا على الحكومات ان تعمل وتقدم من برامج, وكيف سيفكر الناس حينها, والمهم ماذا سنقدم اليوم حتى تكون الاجابات عن المستقبل اكثر امانا واقل قلقا?!

sameeh.almaitah@alarabalyawm.net