أضف إلى المفضلة
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025


الاردن نسيج خاص من صدق ابنائه وحكمة قيادته

بقلم : سميح المعايطة
12-04-2012 12:33 PM


جولات الملك .. فعل سياسي وطني وقراءة لعيون وعقول الاردنيين .

احدى الميزات الاساسية للدولة الاردنية انها من اكثر الانظمة السياسية استقرارا في عالمنا العربي وثباتا, وان مؤسسة الحكم التي اسست مع الاردنيين الدولة الاردنية الحديثة منذ اكثر من تسعين عاما ما زالت قائمة وتدير امور البلاد في دولة تعاني شح الموارد, وتدفع ثمنا لاقليم غير آمن يعيش فيه كيان صهيوني محتل وطامع.

استمرار مؤسسة الحكم لم يكن خيارا قسريا على الناس بالنار والبارود والقمع, بل بعلاقة قل نظيرها اصلها الحب والارتباط الصادق والثقة, ولهذا ورغم كل المحطات الصعبة التي عاشتها الدولة, ورغم كل الهزات الناتجة عن معادلات الاقليم فان الاردنيين ومعهم قيادتهم كانوا يجدون سلاحهم الحقيقي في صدق متبادل وقناعة كل اردني بان قيادته هي الخيار الوحيد, كما قناعة القيادة بأن الحصن الحصين للدولة هم الاردنيون وعلى رأسهم البسطاء في حياتهم العميقين في وعيهم, وهم بحبهم لوطنهم وقيادتهم خط الدفاع الاول عن استقرار معادلة الدولة.

وكلمة السر الاهم في معادلة الدولة ان الاردنيين كانوا دائما يشعرون ان الملك منهم ومعهم, وبالتعبير السياسي ان مؤسسة الحكم هي خط الدفاع عن هوية الدولة, وانها القريبة من ابسط الناس وتدرك هموم الاردنيين, فالملك بين الناس والعسكر والمزارعين بلا حواجز وتكلف, فلم يكن الملك يوما حاكما بل ابا وشيخ عشيرة وقائد جيش وزعيما..

ومن يعرف الاردنيين يعرف ان اعلى مراحل التبجيل من الاردني لمليكه عندما ينادي جلالة الملك الحسين رحمه الله »ابو عبدالله« او ينادي جلالة الملك عبدالله »ابو حسين« لان هذا مؤشر على قرب وروح الاسرة, ولانه جزء من تجربة اردنية بتواضع القيادة وروح العائلة, وحتى في مراحل الغضب او اي شعور بالغبن فان مؤسسة الحكم بقيت وما زالت المرجعية السياسية والوطنية لدى الاردنيين, وحتى عندما يأتي الى مواقع المسؤولية حول الملك رجال لا يعرفون كيمياء المعادلة الاردنية فان تواضع ومبادرة الملك كانت تلغي حضور هؤلاء, فنبض الاردنيين كان يصل الى الملك عبر قنوات عديدة تجعل من الصعب على ضعف مسؤول او عدم ادراك اخر ان تمس جوهر العلاقة معادلة بشقين هما عنوان العلاقة وسر بقائها الاول قناعة الاردنيين الممزوجة بالحب لقيادتهم, والثاني قدرة الحكم على قراءة عيون الناس وعقولهم, فهذه القراءة المبادرة تعالج الاخطاء وتغلق طرق الجفاء وان كانت محدودة, وايضا تُبعد من الطريق كل مسؤول يتعامل مع علاقة الملك بالاردنيين بلغة »المستشرقين« ودون ادراك لمعادلاتها.

ربما مع التطور الذي يشهده محيطنا تحتاج ادوات التواصل الى مزيد من التنوع والتغيير, لكن جوهر العلاقة قوي متين, وما بين الخطاب الوطني والحديث السياسي التفصيلي والاتصال الشخصي والبحث العميق في قضايا التنمية والمطالب, يكون التواصل.

لم ينقطع الملك يوما عن التواصل بل زار قرى وبلدات ومنازل لم تعرف الحكومات ولا الاعلام اسماءها الا بعد ان دخلها الملك, واليوم ونحن نعيش هذه المرحلة خاصة بعد ان قطعنا اكثر من عام على المطالبات الاصلاحية وما تم من استجابات تأتي مبادرة الملك لمزيد من التواصل والقرب من كل الجغرافيا الاردنية حيث يكون الحديث بين القائد وشعبه في كل القضايا وطرح كل الامور ولعلها فرصة لازالة كل ما تجب ازالته.

وكما هو الملك شخصية عملية يحب الوصول الى جوهر القضايا والبحث عن الحلول فان جولاته التي بدأها بزيارة الاردنيين الكرام في البادية الشمالية ستكون فرصة للحديث العميق الدافئ بين رأس الدولة ومرجعيتها وابناء الاردن الذين تدفع بعضهم غيرتهم على بلدهم وحرصهم وحبهم لها الى الحديث بلغة غاضبة لكنه غضب الرجال المؤمنين بوطنهم المنتمين لقيادتهم.

الجولات الملكية فعل سياسي حقيقي وهي تحقق هدفا وطنيا واصلاحيا كبيرا وهو التواصل بعث كل اشكال القوة في العلاقة بين مؤسسة الحكم والاردنيين وهي رسالة لمن ذهب خيالهم بعيدا في لحظة ما الى ان الاردن معادلة مختلفة وان اي ظرف طارئ مهما كان صعبا فانه يبقى طارئا, وان حكمة القيادة وصدق الاردنيين هما السلاح الاهم في تحويل اي تحديات الى فرص تطور من خلالها امورنا الى الافضل.

الاردن حالة متميزة ونسيج خاص فالناس يؤمنون بفكرة الدولة ويثقون بقيادتها التي تشاركهم مطالب الاصلاح وتتقدم المسيرة بمبادرات اصلاحية غير عادية.

جولات الملك واقترابه الدائم من الاردنيين دائما وبخاصة ما سيأتي من تواصل نريده عملا سياسيا وطنيا نعمق فيه المعادلة الاردنية الايجابية, فالاردن خيارنا الوحيد الذي لا بدبل عنه, ويستحق منا ان تكون جهودنا لتقوية مؤسساته وحماية كنز الاستقرار فيه وممارسة الاصلاح الآمن.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-04-2012 02:02 PM

إشكالية السياسي والثقافي
في لبنان

مسعود ضاهر
لم يكن ما تعرض له الوزير شربل نحاس جديدا على السياسة اللبنانية، في الفكر والــممارسة معا. فقد سبقه وزراء أكفاء كانوا من أفـضل الطاقات العلمية والأخلاقية في لبنان، ومنـهم الوزراء اميل البيطار، والياس سابا، وهنري إده، وغسان تويني، وجورج أفرام، وجــورج قرم وغيرهم. وابتدع زعماء الطوائف أساليب متعددة لاستقطاب أفضل النخب الثقافيــة في لبنان، ممن حملوا شعارات الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد والعمل الديموقراطي وبناء دولة القانون والمؤسسات، وشكلوا لجانا لا حصر لها لإلغاء الطائفية السياسية، ونشر كتاب موحد لتاريخ لبنان، واعتماد اللامركزية الإدارية، ودعم الجامعة اللبنانية. فانخرط في العمل إلى جانبهم مئات المثقفين اللبنانيين الذي اصيبوا بالإحباط بعد فترة زمنية كانت تنتهي على الدوام بتهـميش مثقف التغيير والتنكر لكل الشعارات المشار إليها سابقا حرصا على مصالح زعيم الطائفة وورثته من بعده.
كان سلوك القيادات السياسية اللبــنانية واضحا من حيث تنكرهم لأي مثقف يخالف مزاج الزعيم أو يهدد مصالحه ضمن التركيــبة الطائفية. فهو أدرى بتلك المصالح، ولديه جميع الأساليب التي تستخدم فوق الطـاولة أو في الخفاء. وهو أسلوب لا يشجع المثقفين اللبنانيين من دعاة التغيير الجذري غير الطائفي في لبنان على دخول العمل السياسي. فمن عادة مثقفي السلطة، أن يكونوا متلهفين للحصول على رتبة وزير، حتى لو كان الثمن طأطأة الرأس أمام زعيم سياسي نصب نفسه حاميا للطائفة ومتحكما بأجهزة الدولة وأموالها وإدارتها بحيث يضطر الناس للخضوع له، على غرار ما هو سائد في الأنظمة التسلطية العربية. وهو يرفض بشدة طريق التغيير الديموقراطي، وضمان حقوق العمال والفلاحين، وتمكين المرأة، وتأمين فرص عمل كافية لمتخرجي الجامعات خوفا من فقدان السيطرة عليهم.
في هذا السياق، لم تكن استــقالة الوزير شــربل نحاس من وزارة العمل مــفاجأة لأحــد في الوسط السياسي والثقافي اللبــناني. فقد أجبر الوزير على الاستقالة بضغط من أرباب العمل، وقيادة الاتحاد العــمالي التي نعتــها الوزير المستـقيل بأبشع نعـوت التبــعية، وزعماء الكـتل السياسية والطائفية. فسبق أن أجبرت نخب ثقافية لبنــانية نزيهة ونظـيفة الكف على الاستقالة لأن الوزير المختص طالب بتطبيق الدستور بعيدا عن سياسة المساومات والصفقات السياسية والمالية التي برعت بها الغالبية الساحقة من القيادات الســياسية وزعماء الطوائف ممن حكموا لبنان منذ قيام دولة الاستقلال.
أراد الوزير النحاس الاستفادة من وزارة العمل لإيجاد تشريعات علمية عــصرية تحافظ على حقوق العمال، واسترجاع ما كان سلــب منهم سابقا. فكانت معركة إدخال بدل النــقل في أساس الراتب لضمان تعويض عادل في نهاية خدمة العامل سببا في إجباره على الاستــقالة. لكن التوافق تم استنسابيا من خارج النصوص القانونية، بعد أن استمر تطبــيقه لمدة خمسة عشر عاما، ما جعله عرفا لــديه قوة القـانون وفق ما عبرت عنه قيادات عليــا في الدولة، رغم أنه أفقد العامل نسبة كبيرة من التعــويضات. وسانده في ذلك عــدد من رجــال القانــون، لأن بدل النقل يجب أن يدخل في صــلب الأجـر. وعندما تقرر الحكومة زيادة غلاء المعيـشة عليها أن تأخذ في الاعتبار الزيادة الطارئة على بدل النقل.
وبما أن الحكومة اللــبنانية الحــالية هي تحالف سيـاسي بين أرباب المـال والأعــمال وأمراء الحرب، فقد أصرت على التصويت لإعداد مشروع مرسوم غير قانوني، وطالبت الوزير بالتوقيع عليه ومخالفة القانون ففــضل الاستقالة. وأظهر التحالف غيرة خادعة على مصالح العمال في حين أن التدابير تظهر مخالفة صريحة للدستور اللبناني، واعتداء صارخا على حقوق العمال.
كان الخاسر الأساسي هو المواطن العامل والمثقف المؤمن بدولة القانون والمؤسسات. أما زعماء السياسة فلديهم خبرة واسعة في الدفاع عن مصالحهم الشخصية والطائفية، وذلك على حساب الدولة والمواطنين معا. فقد اعتادوا أن يكون المثقف في خدمة الزعيم الطائفي الذي يعتبر نفسه حامي حمى الطائفة بكل من فيها من رأسماليين ومثقفين وعمال وفلاحين. وبإسم هؤلاء تعقد الصفقات العقـارية والمالية والتجارية، بدعم من برلمان منتخب صرف في معركته الانتخابية أكثر من ملياري دولار، وفق تراشق فريقي الصراع بالتهم المدعمة بالوثائق التي تؤكد هيمنة المال السيـاسي على الوزارة، والفساد المالي على القضاء ومختلف إدارات الدولة ومؤسساتها. وهذا ما دفع الرئيس سليم الحص، وهو خير من خبر الإدارة اللبنانية، إلى وصف الثقافة السياسـية في لبنان بأنها «ثقــافة الفساد والإفساد». لذا لم يعد صراع القوى السياسية يستقطب اهتمام مثقفي التغيير الجذري في لبنان ما دام المطلوب إلحاق الثقافة بسياسة فاسدة لا تنتج ممثلين حقيقيين للشعب. وإلى جانب عامل الوراثة السياسة للزعامة الطائفية، يستخدم زعماء السياسة أساليب الاستزلام، والتحريض الطائفي والمذهبي، والرشوة، والمال الانتخابي كأدوات معتمدة في العمل السياسي في لبنان. وفي هذا المجال، تساوى من رفع راية التغيير والإصلاح، مع دعاة حماية المقاومة، ولبنان الواحد، وتيار الوسطية، وغيرها من مفردات الحرية والنزاهة والشفافية والديموقراطية، وكلها لم تنجب إصلاحا حقيقيا واحدا.
نخلص إلى القول ان ما يتعــرض له الوزير المثقف في السلطة يندرج ضمن فكر سياسي متخلف يهدف إلى نبذ أي مثقــف يرفــض الأعراف السياسية في لبنان والتي إعتـادت تهميش الدستور، وأجرت عليه تعديــلات متــتالية بصورة استنسابية لمصلحة زعماء الطوائف. فكان من الطبيعي أن يتخـلى قـادة النظام مجتمعين عن أي مثقف يريد التغيير والإصلاح، وأن يحاصروه لدرجة يصبح معها بقاؤه في الحكم أمرا مستحيلا لاعتبارات إنسانية ومهنية وأخلاقية.
إن من حق أي مثقف حر ألا يثق بحكومة لا تحترم الديموقراطية والرأي الآخر. ومن أَولى واجباته عدم الخضوع لزعماء يتعاطون مع وزرائهم كموظفين لديهم وليس كمسؤولين في دولة عصرية تحترم الأنظمة والقوانين وتعمل لمصلحة مواطنــين أحرار في دولة القانون والمؤسسات التي تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات. فزعماء طوائف السياسة في لبنان يرفضون من يخالفهم الرأي، ويتشددون في فرض مواقفــهم على الآخرين، من أنصارهم قبل خصومهـم السياسيين. ويتخذون تدابير أو قرارات هـمايونية تذكر بأنــظمة استبدادية لا مكان فيها لصاحب الرأي الحر في بلاط السلطان بل في القبر أو السجن أو المنفى. وهم لا يتورعون عن الإساءة إلى كرامته الشخصية والاستخفاف بطاقاته العلمية. وقد توهـمت الطبــقة الســياسية في لبنان أن الانتصار السهل على وزير مشاغب آمن بإمكــانية التغــيير في لبـنان وعمل من أجله يعزز موقعها في الحكم. لكنها تجاهلت دوره في كشف زيف شعارات التغيير والإصـلاح ومقاومـة الفــساد التي تنادي بها. وهي الآن عرضـة لانتــقادات حادة علها تؤسس لربيع قادم يقوده شــباب لبنان الذين سدت بوجوههم كل آفاق التغيير والاصلاح.

([) كاتب وأكاديمي ـ لبنان

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012