أضف إلى المفضلة
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025


مبادرة ملكية تستحق التقدير من الحراك الشعبي

بقلم : باتر محمد علي وردم
16-04-2012 02:28 AM

باتر محمد علي وردم


مرة أخرى كان جلالة الملك هو المبادر في اتخاذ الموقف السياسي الصحيح وبعيد النظر والمنسجم مع هوية وخصائص الدولة الأردنية ونظامها عندما أوعز للحكومة بالإفراج عن الغالبية العظمى من موقوفي أحداث الطفيلة والدوار الرابع خاصة الموقوفين السياسيين الذين لم تثبت عليهم اية إدانة جرمية.

عدد المفرج عنهم هو 32 من اصل 41 وهذا يعني الغالبية باستثناء المتهمين بقضايا الطعن وتخريب الممتلكات العامة وهي تشكل إساءة إلى الحقوق العامة وكذلك جرائم ينبغي للقضاء أن يتعامل معها كما في كافة الدول التي تحترم القانون. في حالة الاتهام السياسي وأساليب التعبير فإن جلالة الملك صفح شخصيا عن المسيئين بحقه وبالتالي جاء هذا التوجه ليطوي ملف قضية الاعتقال.

مبادرة الملك في الإفراج عن المعتقلين وهي الثانية من نوعها بعد الإفراج عن الشاب عدي ابو عيسى تحمل رسالة واضحة ونتمنى أن تفهمها بشكل صحيح قوى الحراك الشعبي. هذه الرسالة مفادها أن النظام الأردني وكما هو طوال تاريخه ليس نظاما ثأريا ولا قمعيا ولا يضع اعتقال المواطنين في مقدمة خيارات الحكم، وأن الملك يمتلك من الصفات الشخصية ما يجعله قادرا وبمنتهى الثقة على العفو عن المسيئين، وهذا من الضروري أن ينعكس بشكل ايجابي على طريقة طرح الحراك الشعبي لشعاراته ومطالبه.

لا أحد يطالب بتكميم أفواه المعارضة والحراك الشعبي وحماية حرية التعبير هي قاسم مشترك لجميع الأردنيين ولكن لا يجوز الاستمرار في الإساءة اللفظية لمقام الملك بالطريقة التي شاهدناها وسمعناها في الأسابيع الماضية. ليست بطولة ولا شجاعة ولا إصلاحا أن يتم توجيه الإساءة إلى الملك، وقد عبر معظم الأردنيين عن معادلة واضحة في دعم حرية التعبير ولكن رفض الإساءة.

أتمنى بالفعل أن لا يعتقد الحراك الشعبي أو بعض اصحاب الرؤوس الحامية والمندفعين منهم ومن يحاول ركوب موجتهم أن المجال متاح للمزيد من الإساءات للملك. في حال حدث ذلك سيكون خيارا بعيدا تماما عن الحكمة ليس بسبب الرد الأمني الذي قد يحدث بل لأن الحراك سوف يخسر المزيد من المتعاطفين معه. في الاسابيع الثلاثة الماضية وقف الكثير من النشطاء السياسيين والإعلاميين مساندين لمعتقلي الطفيلة والدوار الرابع بموجب القناعة بضرورة عدم اعتقال المتظاهرين السلميين وعدم تحويل المدنيين للمحاكم العسكرية، ولكن الكثير من هذا التعاطف سوف يسقط في حال قرر اصحاب الرؤوس الحامية في الحراك مواصلة الإساءة لأن الغالبية العظمى من الأردنيين ترفض هذه الشعارات والسلوك، وهذا واقع يجب أن يدركه كل شخص يتمتع بالقدرة على معرفة ما حوله.

مع قرار الإفراج عن معتقلي الطفيلة يجب أن تدخل الدولة والمعارضة معا في مرحلة جديدة من احترام المواقف. على المعارضة وبخاصة الحراك المندفع أن تضع قيودا وضوابط صارمة على “الهتيفة” في المظاهرات والتركيز على خطاب الإصلاح السياسي الحقيقي وليس استفزاز القوى الأمنية وبقية المواطنين. وفي المقابل يجب على الدولة أن تتخلى عن خيار الاعتقال غير المجدي وأن يستمر الانضباط التام لرجال الأمن حتى في ظل الضغوطات الملقاة على عاتقهم. نحن الآن في مرحلة مناقشة قانون الانتخاب والدخول في مرحلة الإصلاح السياسي التشريعي والذي يحتاج إلى كافة أشكال التوافق وليس الاستفزاز والتصعيد الذين لن يفيد أحدا.

نرجو صادقين أن يقرأ الحراك الشعبي رسالة الملك بتواضع ودقة ومسؤولية، وليس بالحماسة والغرور!

batirw@yahoo.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012