أضف إلى المفضلة
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025


سر الانعاش المفاجئ لعلاقة الاردن بالقدس؟!

بقلم : ماهر ابو طير
17-04-2012 01:12 AM



على مدى الاسابيع القليلة الماضية،زارت القدس ثلاث شخصيات اردنية،وذهب ثلاثتهم الى المسجد الاقصى للصلاة والزيارة،والتقاط الصور التذكارية مع مسجد قبة الصخرة.

اولى الزيارات كانت لرئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي وبرفقته وفد نيابي،ثم في وقت لاحق،زيارة قام بها الاميرهاشم بن الحسين وبرفقته وفد آخر،ثم زيارة وزير الداخلية.

مابين الحُكم الديني والبعد السياسي،اثارت الزيارات ردود فعل واسعة،ما بين من يقبلها او يرفضها،ومابين من يراها تطبيعاً،وذاك الذي يراها نصرة للاقصى وللمقدسيين،ولكل موقف،من يؤيده او يعانده.

الزيارات الثلاث،تخضع للتحليل السياسي،لانها جاءت في فترات متقاربة،بعد غياب سنوات طويلة عن القدس والاقصى،من حيث زيارات الشخصيات الاعتبارية والسياسية الى المدينة المحتلة.

هذا على الرغم مما يوليه الاردن للمقدسات،من رعاية واهتمام،الا ان الزيارات الميدانية ذات النكهة السياسية غابت عن الاقصى،لتجنب الاردن سوء التأويلات والحساسيات،او تحميل القصة اكثر مما تحتمل.

آخر زيارة رسمية للاقصى والقدس كانت قبل اربعة عشر عاماً،وقام بها المهندس عبدالهادي المجالي رئيس مجلس النواب الاسبق،برفقة وفد نيابي،ويومها تم الاعلان عن تبرع نيابي لمستشفى المقاصد في القدس.

تتم قراءة هذه الزيارات من زوايا مختلفة سياسياً،لان غياب المسؤولين الاردنيين عن القدس يقابل بعتب في حالات كثيرة،فيما زياراتهم تفتح الباب للحديث عن سيناريوهات بشأن علاقة الاردن بالقدس،او الملف الفلسطيني،وصيغ الحلول في المنطقة.

تخضع بعض هذه السيناريوهات لمبالغات وتوظيفات على صعيد الملفات الداخلية الاردنية،غير انه يبقى لافتاً هذا الانعاش المفاجئ لعلاقة القدس بالاردن،وعلاقة الاردن بالمدينة وبالمقدسيين وبالمسجد الاقصى.

معنى الكلام ان الزيارات لا يمكن تبسيط دوافعها كثيراً،والتبسيط لا يختلف عن المبالغات،والتوسط يقول ان الزيارات الثلاث لم تأت بالصدفة،وتحمل معاني كثيرة،خصوصاً،انها تأتي بعد فترة انقطاع طويلة.

ما يمكن استنتاجه هنا ان الزيارات جاءت اولا بتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية،وليس في اطار مزاحمتها او منافستها،ثم جاءت عبر خط بياني تصاعدي للعلاقات الرسمية بين الطرفين،تتجلى حتى في منح مسؤولين فلسطينيين جوازات اردنية بأرقام وطنية.

اللافت للانتباه ان السلطة الوطنية لا تتعامل مع هذه الزيارات بروحية قديمة تقوم على التشكك من اي تصرف اردني تجاه ملف القدس تحديدا،او العلاقة مع الضفة الغربية.

هل هناك توافقات غير معلنة،تقبل الانعاش السياسي لعلاقة الاردن بالقدس،في هذه الفترة بالذات،ولسبب غير معلن حتى الان.

في علاقة القدس والمقدسيين بالاردن،أرضية تاريخية شهيرة،جاهزة للانعاش بسرعة،والمؤكد ان المقدسيين يرحبون بأي اردني في المدينة،لاعتبارات كثيرة،ليبقى السؤال حول سر انعاش العلاقة السياسية بالمدينة،ام انها مجرد صدف متتالية،لا تحتمل التأويل؟!!.

علينا ان نلاحظ ايضا ان الجانب الاسرائيلي لم يحاول عرقلة هذه الزيارات بأي طريقة،او ان يعترض عليها،او يمنع اتمامها.

وتبقى الاسئلة كثيرة والاجابات النهائية غير متوفرة حتى الان.

اما العنوان الآخر فيتعلق «بالاقتصاد»، واعتقد انه من اخطر التحديات التي تواجهنا، لا على صعيد ما يترتب عليه من احتقانات في الشارع نظرا «لتردي» الاحوال المعيشية للناس، وخاصة في الاطراف، وانما على صعيد «قوة الدولة» وقدرتها على الصمود سياسيا في وجه استحقاقات يبدو ان ساعتها دقت على مستوى الداخل وما يحتاجه من «اصلاحات» عميقة ومقنعة او على مستوى «الخارج» بما يمارسه من ضغوط او الاقليم وما يعتمل فيه من صراعات وربما حروب قادمة.

نحتاج –بالضرورة- الى حسم «الجدل» حول هذين العنوانين قبل ان ندخل في «موسم» الانتخابات البرلمانية لان تجاهلهما او القفز من فوقهما سيضعنا في «تربة» مليئة بالاشواك والاحساك وسنكون –عندئذ- عاجزين عن مواجهة سؤال «الاصلاح» الحقيقي، وبالتالي سنعود الى المربع الاول الذي «توهمنا» اننا تجاوزناه، ولنا ان نتصور هنا بان مجتمعنا الذي يبدو «منقسما» على نفسه ومتعبا اقتصاديا ويعاني من مزاج عام مضطرب سيذهب الى «الصناديق» الانتخابية وهو بهذه الحالة فماذا ستكون النتيجة؟ هل يمكن ان نقنعه بالمشاركة؟ واذا نجحنا في ذلك فهل نستطيع ان نحميه من «المال» الساسي الذي يستغل فقره؟ وهل يمكن ان نساعده في «عزل» الفاسدين من قوائم الفائزين؟ لا اعتقد ذلك..

لنعترف بان «محطة» الانتخابات هي العتبة الثانية بعد عتبة «المصالحة» الوطنية، والمقصود بالمصالحة هو اشاعة مناخات جديدة من «الثقة» في صدور الناس تطمئنهم على سلامة الطريق وعلى «صوابية» حركتهم وجدواها ايضا، وما لم نحسم ملفات «الفاسدين» بالمساءلة والمحاسبة وملفات الاقتصاد بالدراسة وتغيير المناهج والادوات، فان اسئلة كثيرة حول «المواطنة» و»العدالة» و»هيبة الدولة» ستظل معلقة برسم «الشارع» لا برسم «صناديق الانتخابات» التي لم يستطع «قانونها» حتى الآن ان يردم الفجوة لا بين الناس ونخبهم ولا بين هؤلاء والدولة بمؤسساتها المختلفة.

قبل ان ننشغل «بالقانون» وبمواسم الانتخابات ومواعيدها وفرصها وحصصها، وقبل ان نختلف على «تكييف» المسألة سياسيا واجتماعيا، لا بد ان نواجه انفسنا بسؤال واحد وهو: ما الذي قدمناه للناس حتى نقنعهم بان الزمن تغير ومعه تغيرت نظرة السياسة اليهم؟ وما الذي انجزناه من اصلاحات لكي يدخلوا معنا الى غرف الاقتراع وهم مطمئنون بان «اصواتهم» ستؤسس لمرحلة جديدة وبان خياراتهم ستصب في جداول التغيير؟!

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012