أضف إلى المفضلة
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025


استقالة في الآستانة

بقلم : ماهر ابو طير
27-04-2012 01:55 PM




«الآستانة» اسم لمدينة «اسطنبول» التركية، وتعني باللغة العربية «عتبة الحكومة». ورئيس الحكومة استقال بشكل صادم وهو في تركيا، وهكذا تأتي اول استقالة لرئيس حكومة في تاريخ الدولة الاردنية، من خارج البلاد، والشكل يكشف ما في الدنيا من ضيق.

يُكنّ كثيرون للرئيس احتراماً كبيراً، غير ان هؤلاء شعروا بصدمة بالغة ازاء تقديم رئيس الحكومة استقالته وهو خارج البلد، فهذا كسر للاعراف والتقاليد، وفيه مساس بالقيم العامة، فوق ارسال الاستقالة مع موفد، اياً كانت رتبته الوظيفية الى القصر الملكي.

في المعلومات، ان استقالة الرئيس كانت تكتيكية، ولم تكن بهدف الاستقالة الفعلي، فقد توقع ان تتم مراجعته بها، وحثه على العودة عنها، لان ظرف الاردن لا يحتمل، وفي قلبه عتب وشكوى مريرة من قضايا كثيرة كان يرغب بفردها في سياق الاستفسار عن سر الاستقالة، ولم يكن يتوقع ابدا قبولها!.

تسرب للرئيس ان استقالته قوبلت برد فعل سلبي للغاية، لانها جاءت وهو في سفر رسمي خارج البلد، ولان الغاية التكتيكية لم تتحقق، سرب نافذون قرب الرئيس خبر النفي، في محاولة لتبريد الاجواء، والتوطئة للتراجع عنها.

كان الرد على الاستقالة التكتيكية التي لم تحقق غايتها، صادماً ايضاً ومباغتاً، فلا احد يضغط على المؤسسة العامة في البلد، ولا على الملك في توقيت تعهدات بالاصلاحات امام الاردنيين والاوروبيين، وتم قبول الاستقالة بشكل صادم لذات الرئيس الذي كان يتدلل عملياً.

خبر نفي الاستقالة الذي تسرب من بطانة الرئيس لانقاذ الموقف، جوبه بتسريب آخر حول قبول الاستقالة قبل صدورها رسميا لان هناك من التقط الغاية من التسريب الاول، وان الرئيس تراجع عن استقالته، ويريد «ضب الطابق»!.

المحزن ان شخصية مثل عون الخصاونة، وهي شخصية وازنة ومحترمة ورفيعة، وقعت ضحية تحريض ونفخ بعض طواقمه، الذين ادخلوه في معارك هامشية مع اجنحة عديدة في الدولة.

يوم الخميس، جاء بقرار الملك ايضاً بالتمديد للدورة العادية، من اجل انجاز الاصلاحات، ولا يعقل ان يصر الرئيس على دورة استثنائية، من اجل قوانين الاصلاحات، وان يتم تأجيلها ايضا، فالملك ملَّ كثيراً من تكرار تعهداته.

هذا في الوقت الذي شكلت فيه الحكومة والبرلمان تحالفاً مقدساً، عنوانه تأجيل الاصلاحات والمماطلة، لان النواب يخافون من الحل اذا اقروا القوانين، والحكومة تخاف من الاستقالة اذا حلت البرلمان، وهكذا توفر للطرفين «عقد شرعي» للتحالف.

نحن اليوم اننا امام احد سيناريوهين، الاول يقول ان الانتخابات سيتم عقدها هذا العام، وهذا معناه اننا سنواجه ثلاث حكومات حتى نهاية العام الجاري، الاولى التي ستمرر قانون الانتخابات وتحل البرلمان، والثانية التي ستجري الانتخابات وتعلن النتائج، والثالثة التي ستقف امام البرلمان، وكل هذا في ثمانية اشهر، بمعنى ان متوسط عمر كل حكومة شهران ونصف!.

الثاني يقول ان الانتخابات سوف تؤجل الى العام المقبل، والحكومة التي ستأتي ستأخذ وقتها وعلى راحتها، وهذا يؤشر على تراجعات محتملة في كل الوعود، تحت وطأة ظروف محلية واقليمية لا يعرف سرها الا الله.

خسر الخصاونة فرصته، لانه افترض مثالية عالية في حياتنا السياسية، وكان الاولى ان يصمد ويحارب حتى النهاية، لان كلفة استقالته تصب على رؤوس من في البلد، قبل ان تكون قراراً شخصياً له.

استقالته التكتيكية التي لم يحتملها القصر الملكي في هذا الوقت، وتعامل معها بجدية، باعتبار ان الوقت ليس مناسبا للحرد لاي سبب، كانت ايضا انتصاراً لكل من حاربوه، وهزيمة لكل من راهنوا عليه.

ما خلف السطور يقول ايضا، ان استقالة الرئيس جاءت في توقيت ارتفع فيه منسوب القلق الملكي مما يجري، وكأن الاستقالة لاحت من حيث لاحت، فتم قبولها سريعا.

اصطحاب الملك لفايز الطراونة قبل ايام الى بروكسل كان يقول ان الرجل يعاد استكشافه تمهيدا للرئاسة، حتى لو تغطى في الزيارة برئاسته للجنة تفعل العلاقات مع الاوروبيين.

هذا يعني ان الرئيس المكلف لم يأت بغتة، بل كان تحت الضوء، فيما جاءت استقالة الرئيس لتمنحه الفرصة سريعا.

البلد لا يتحمل التكتيك، فقد وصلنا الى الحافة.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
27-04-2012 03:07 PM

بيجي يوم و بطير يا حبيب المدام

2) تعليق بواسطة :
27-04-2012 03:14 PM

منذ اربعة الى خمس سنوات خلت و خلال متابعتي للاخبار اليومية في الاردن كنت اقرأ خبر مفاده ان القاضي الدولي عون الخصاونه قد حضر الى الاردن و انه سوف يقوم بشكيل حكومة اردنية جديدة و انه اجرى اتصالات مع اعلى مستوى لهذه الغاية وبعد فترة بسيطة يتم تشكيل حكومة دون ان يكون الخصاونه من يقوم بشكيلها و كنت اتسأل عن سبب عدم تكليفه مع انه اجرى اتصالات مع اعلى المستويات مما دفعني لان اتحقق من خبر حضوره في الصيف و الشتاء و الاتصالات التي يجريها و قد علمت انه نوع من التلميع الاعلامي من قبل بعض الكتاب الذين يرتبطون بالخارج و انه لم يجري اي اتصالات سواء مع ادنى او اعلى مستوى مما اثار حفيظتي نشر هذا الخبر و ما هي الغاية و بعد قراءتي لتاريخ تونس و كيفية تلميع بورقيبة و كيف تم صناعة قائد وطني منه مع انه من اكثر الزعماء عمالة للغرب و انه من اكثر اعداء الاسلام ادركت حينها عملية صناعة الخصاونه و التلميع انه المنقذ و خاصة حين تحالفه مع الاخوان المسلمين الا ان هذه العملية و اقصد التلميع فشلت على تراب الاردن المقدس ليذهب الى الحجيم

3) تعليق بواسطة :
27-04-2012 03:47 PM

ظاهر الأمور ان البرلمان الحالي هو العبء الأثقل على الدوار الرابع والديوان وعلى مصداقية مسيرة الإصلاح وليس العكس. البرلمان استنفذ عمره الإفتراضي قبل ولادته، ومنطق الأمور ان عدم حله بإرادة ملكية سامية (تقطع الجدل الدستوري حول الآليات اللازمة لذلك) سيبقي العيب قائما في مصداقية مسيرة الإصلاح وفي شرعية اي مجلس تشريعي يكون هذا البرلمان سلفه.. بتواضع، وباقراري بالجهل في خفايا الأمور، ارى نقطة البداية لمسيرة الإصلاح في حل البرلمان وبإقرار قانون انتخابات مؤقت يعتمد النسبية والقوائم، يسمح بإختيار مجلس تشريعي ممثل يكتب مسودات القوانين بيده، ويتحدث بصوت ناخبه، واهم من ذلك، يسمح بضخ دماء جديدة وروح جديدة الى بركة اختيار القيادات selection pool في هذا الوطن المتخم بالقديم والمتجدد دون الجديد

4) تعليق بواسطة :
27-04-2012 04:22 PM

اولا ياابو طير مش عوايدك في هذا اللون من التحليل المنحرف هن نهجك 190 درجة. وثانيا ابارك لكل من باسم عوضالله ووليد الكردي حيث سيتم التصويت عليهما من قبل مجلس النواب الحالي.

5) تعليق بواسطة :
27-04-2012 06:15 PM

موسسة العرش ومجلس النواب يا ابا طير تلقى ضربه من العيار الثقيل وجهها له القاضي اللبيب عون الخصاونه .لقد اصاب النظام الاردني في مقتل وستظهر الايام القادمه ذلك وتخرس صحفيين التدخل السريع .انها ضربة معلم محترف يا ابا طير .

6) تعليق بواسطة :
27-04-2012 06:20 PM

من خسلر الجوله يا ابا طير هو النظام الاردني .منذ زمن بعيد لم يوجه رئيس حكومه لكمه بهذا الحجم الى موسسة العرش وفيها الكثير مما يقال .وانصحك بقراءة الصحافه العالميه هذا اليوم ومنها صحيفة الغارديان وما كتبت عن ذلك

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012