أضف إلى المفضلة
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 11 كانون الثاني/يناير 2025


عندما تصحو الشعوب وتنام النخب

بقلم : د. رحيّل غرايبة
02-05-2012 11:48 PM
د. رحيّل غرايبة - ثورة العالم العربي ثورة مختلفة, فبدلا من أن تكون النخب في موقع القيادة, وتتصدر المشهد, وتقوم بدورها النشط في التوعية وايقاد مشاعل اليقظة, وتعمد إلى التعبئة العامّة القادرة على تحريك الأغلبية نحو تحقيق أهدافها وغاياتها, وتبقى دائماً تراقب المشهد العام في تجلية المعاني وإزالة اللبس والغموض عن معالم التحرك الاجتماعي, وتصحيح الأخطاء أثناء السير, نجد أنّ الأمر مقلوبٌ تماماً; فالنخب أقرب إلى السبات وحالة اللاوعي, بعيدة كلّ البعد عن نبض الشارع, غارقة في أوهامها وأحلامها المصطنعة, وبعضها يغيب خلف غسق الفساد, وشبح الثراء من خلال التواطؤ مع أرباب الفساد, وسدنة الاستبداد.

تمضي الشعوب العربية وحيدة وعزلاء, بكلّ طهر ثوري وببساطة القاعدة المسحوقة, التي يؤرقها الخوف على مستقبل الأجيال, والخوف على المقدرات العامّة, والخوف على الوطن, أمام سبات التهميش والاستغفال والازدراء التي طال عليها الأمد, ولكنّهم رغم بساطتهم يختزنون الوعي الفطري, والإصرار الجمعي على التمسك بحب الوطن, وعمق الانتماء لمشروع الأمّة الكبير, الذي تعرض لأبشع محاولات الإقصاء والتشويه والانتقاص والطعن من الأعداء ومن الأبناء الذين مارسوا العقوق ببلاهة أحياناً, وبصلافة أحياناً أخرى.

رغم خذلان النخب وتخاذلها, سوف تبقى ثورة الشعوب العربية الحدث النادر والأبرز في التاريخ الإنساني الحديث, وسوف يولد من رحم الثورة جيل جديد, يمتلك مقومات الوعي والإدراك لمشروعه النهضوي الحديث, وسوف يتحدون كل وسائل الخداع والتضليل, وسوف يتجاوزون النخب الثقافية الذين مارسوا طعن الثورة من الظهر, ومارسوا التخريب الفكري والثقافي, وحاولوا التدليس على الشباب الناهض عن طريق استدعاء كلّ نقاط الضعف, وكلّ النقاط السوداء في تاريخ الأمّة المليء بالصفحات المشرقة والانجازات الحضارية المرموقة, والمليء بالقيم النبيلة التي تشكّل تراثاً فكريّاً وثقافياً غنياً يصلح لاشتقاق مشروع الأمّة الحديث, الذي يملك الأصالة والاستقلال, بعيداً عن كلّ أنواع التبعية والارتهان لشرقٍ أو غرب, وسوف يصبح العالم العربي بؤرة الحضارة البشرية بعد تحقيق الانتصار, والتخلص من كلّ مصادر العفن الثقافي, ومن كلّ بؤر الهزيمة والتبعية, والتحرر من رق الخوف والرهبة من أصحاب النفوذ والقوة, والتحرر من شهوة الخنوع للباطل المسيطر, وامتلاك القوة والقدرة على مواجهة النفاق والتزلف الذي يغري المستبدين لمواصلة استبدادهم وفسادهم.

rohileghrb@yahoo.com


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
03-05-2012 12:01 AM

مع إحترامي لرأي الكاتب .. ألم تصطف الحركه الإسلاميه في الأردن تحديدا إلى جانب النظام السياسي هنا (منذ الخمسينات) وحتى في ظل مرحلة الأحكام العرفيه.. وهو الإصطفاف الذي جنبها الملاحقه والسجن بخلاف التيارات السياسيه الأخرى.

2) تعليق بواسطة :
03-05-2012 09:42 AM

إن إصطفاف الإسلام السياسي مع الأنظمه
وتحالفهم مع (الشيطان الكبير) من جهه وإستغلالهم لمشاعر المواطنيين الدينيه من خلال تكفير الأخرين من ناحيه والإغرأت الماديه والمعروف مصدرها من ناحيه أخرى كانت ولاتزال الأسباب الرئيسيه التي أدت إلى إقصأ النخب في المجتمعات العربيه كما نراه اليوم بوضوح كامل في مصر !!

3) تعليق بواسطة :
03-05-2012 12:51 PM

مقالة رائعة

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012