|
|
آن لنا أن نخرج من مرحلة البطء والتردد
بقلم :
03-05-2012 01:08 AM نصوح المجالي - نستطيع القول إننا في الاردن قد مرننا بعام او يزيد من الربيع العربي, اتسم بالابطاء السياسي غير الخلاق, رغم ان التعديلات الدستورية شكلت نقلة نوعية غير مسبوقة, كذلك التوجهات الملكية التي شكلت ارادة سياسية ملزمة رسمت خارطة طريق واضحة لمعالم الاصلاح الضروري في المرحلة المقبلة, ومع ذلك ما زلنا نراوح في المربع الاول. ندرك ان المرحلة الراهنة, ضاغطة سياسياً على الحكومات بشكل غير مسبوق, فهناك تخوف وحسابات سياسية تتعلق بالتطورات الساخنة في الاقليم وخاصة في جوارنا المباشر, والابطاء مرده استكشاف ما ستسفر عنه تلك التطورات من أثر على الاردن. كما ان الشارع الاردني والحراكات الشعبية والمطلبية شكلت حالة ضغط شعبي مستمرة على الحكومات برزت معها احتياجات المجتمع كأولوية غير قابلة للتأجيل, فالحكومات وجدت نفسها بين شقي رحى بين ظروف المنطقة وتفاعلاتها وظروف المجتمع وحركته النشطة المطالبة بالتغيير والاصلاح. كما ان العوامل الداخلية الاخرى كالعلاقة بين الحكومات والبرلمان على ما فيها من اعتبارات لعبت دورا في ابطاء المسار الاصلاحي فضلا عن تركيز الحكومة والبرلمان في المرحلة السابقة على قضايا فرعية ورغم اهميتها لا ترقى لاهمية انهاء الجانب القانوني من تشريعات الاصلاحية وبخاصة قانون الانتخاب والقوانين ذات الصلة بالانتخابات. وهيمنت على المشهد حمى مطاردة الفساد وطغت المعلومات المرسلة على الحقائق الثابتة وصخب الاعلام على قناعات العدالة مما زاد من حجم التوقعات الشعبية وضآلة النتائج الامر الذي انعكس سلبا في المجتمع. وفي اشارة واضحة لهذه الحالة نبّه جلالة الملك في خطاب التكليف ان مقارعة الفساد منوطة بالقضاء والبينات وليس بالتوقعات المسبقة ولا بالاماني التي يخالطها الغرض فمقارعة الفساد واجب وطني وضرورة وطنية, أما السرعة والتسرع فقد تضيّع الحقائق وتـُخل بسير العدالة والحكومة القادمة ستواجه هذه الضغوط وحالة من الانقسام بين النخب السياسية حول قانون الانتخاب، فهناك قوى سياسية تسعى الى تجاوز المكونات الاكبر في المجتمع، لتجعل من نفسها اغلبية فوق الاغلبية الاجتماعية الحقيقية وهناك قوى تتمسك بالمكاسب التي تحققت لها في قانون الانتخاب السابق ولا تمانع في اجراء تعديلات محدودة، وهناك البرلمان الذي جاء من رحم الصوت الواحد، وهذه اعتبارات لا يمكن تجاهل اي منها. اما العامل المقلق الذي ستواجهه الحكومة فهو الوضع المالي الذي يُستنزف منذ فترة بالمطالب الاجتماعية التي تأتي بالجملة ولا مجال لتجاهلها، وتكلفة الطاقة التي اصبحت فلكية، ولا بد للمجتمع ان يتحمل جزءاً من كلفتها حتى لا تدخل الدولة في اوضاع شبيهة لما حدث عام 1989. وكذلك، تزايد المديونية المقلق الذي دأبت الحكومات على ترحيله، بمزيد من الديون والعجز المالي، وكذلك تفاقم الازمة الاقتصادية في المنطقة، بسبب الاحداث في المنطقة وذيول الازمة الاقتصادية العالمية، وتباطؤ الاستثمار المحلي والخارجي في هذه المرحلة. ومع ذلك هناك فسحة كبيرة من الامل فالاردنيون يختلفون على كيفية اصلاح دولتهم، وكيفية تعزيز بُنى النظام السياسي، ولا يختلفون على نظام الدولة فالسرعة في ايجاد الحد المقبول للتوافق الوطني والسياسي الذي يمكننا من العبور السريع في الانتخابات البلدية والنيابية، واعادة رسم الاولويات الاقتصادية، ووقف الهدر والاولويات غير الضرورية، مع الافادة من التوجه الخليجي المعلن، لدعم الاردن ماليا وتنمويا في المرحلة المقبلة، قد يشكل المدخل الصحيح لمواجهة تحديات ومصاعب المرحلة الراهنة. فالاصرار على الفوضى، لاستنزاف الدولة او لابتزاز مطالب سياسية واجندات مرتبطة بما يجري في الاقليم لن تؤدي الا لارباك واعاقة عملية الاصلاح. كما ان الانتظار والمراهنة على ما ستسفر عنه اضطرابات الاقليم قد يضعنا في المستقبل في اوضاع اصعب. يحتاج الامر، الى سياسات تنبع من تقدير حقيقي للمصالح الوطنية وقراءة حقيقية للمشهد الداخلي، مع اعطاء اولوية لوحدتنا الوطنية وامن الوطن واستقراره.
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|