أضف إلى المفضلة
الأحد , 12 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 12 كانون الثاني/يناير 2025


كفى!

بقلم : د.محمد ابو رمان
12-05-2012 11:58 PM
على الأغلب لا يأتي في ذهن المسؤولين، وهم يخططون للنظام الانتخابي، سوى معادلة الأزمة مع جماعة الإخوان المسلمين، وعلى هذا الأساس تجرى استطلاعات الرأي الداخلية، ويتم من خلالها تقييم الموقف من أي نظام انتخابي مقترح، وهو ما يجعل قانون الصوت الواحد هو المفضل أو الخيار رقم (1) لدى دوائر في القرار الرسمي، أو الحرس القديم الذي ما يزال متحمسا للفرضيات نفسها التي تحكم اللعبة السياسية في البلاد!هذا المنظور هو الذي جاء بقانون الصوت الواحد ابتداء، وهو الذي يفسّر استنساخ نماذج شبيهة منه في اتحادات الطلاب، وهو الذي يحكم السياسة الرسمية الداخلية، وهو – في الوقت نفسه- ما يفسّر الإصرار الرسمي عليه، أو على أشباهه، ويشي بذلك تصريح رئيس الوزراء فايز الطراونة، بأنّ 'قانون الصوت الواحد لم يدفن بعد'!حسنا، لماذا لا نحاول النظر إلى النظام الانتخابي من الزوايا الأخرى، أي نضع جانبا قصة 'الإخوان'، ونفكّر فيما جرّه علينا الصوت الواحد، ثم عبقرية الدوائر الوهمية، وما نتج وتوازى معه من سياسات ليس فقط على سمعة مجلس النواب وصورته، بل حتى على علاقة الدولة بالمجتمع، بل وأكثر من ذلك على المجتمع نفسه!قانون الصوت الواحد كان سببا رئيسا من أسباب نمو الهويات الفرعية، والعودة إلى العلاقات البدائية، وتهديم مبدأ دولة القانون والولاء للدولة، لحساب الولاءات والانتماءات الأولية، لأنّه أعاد ترسيم ولاءات المجتمع والأفراد بناء على العلاقات الأولية والفردية، على حساب المصلحة العامة والشخصيات الوطنية والحسابات السياسية، فنقل الناس من طور 'نحن الوطن والدولة والمجتمع' إلى 'نحن العشيرة.. الحارة..'. الأنكى من ذلك أنّ هذا القانون اللعين تسبب في تدمير الإدارة العامة، عندما أخل بالمنطق السليم والصحي للعلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فأصبحت تقوم على الابتزاز والمنافع المتبادلة، ومن بينها الضخ الجائر لآلاف الموظفين خلال العقد الماضي، فقط لتحقيق مكاسب انتخابية للنواب، الذين جاؤوا عبر تمثيل العشيرة لا الوطن أو المجتمع، فأصبحت الأزمة مزدوجة ومضاعفة.يكفي هذه النتائج الوخيمة وحدها، ولسنا بحاجة إلى تعداد عشرات المصائب والكوارث التي جرّها هذا القانون علينا جميعا، لكي نذكّر المتحمسين له أنّ القصة أكبر من نظام انتخابي أو مناكفة أو صراع مع حزب سياسي معارض، مثل جماعة الإخوان!اليوم، تتفتق العبقرية التقليدية ذاتها، التي قادتنا نحو الوضع الراهن، وتدرجّت بالأزمة إلى المستوى الحرج الحالي، لتفرض على رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة، قانون 'الصوتين'، أو تلوّح بالاستمرار على قانون الصوت الواحد، لكن بصورة أسوأ، وفق ما يتم تسريبه حاليا، من استنساخ النموذج البريطاني، أي 'صوت واحد لمقعد واحد في دائرة واحدة'. وهذا يعني الانتقال من المحافظة إلى الحي، وربما الحارة كدائرة انتخابية، ما يمعن في التأزيم وتدمير المجتمع ونواته الوطنية وبذوره السياسية، وتضخيم من خطر الهويات الفرعية والعنف الاجتماعي والجامعي، وتكسير القيم العليا، وضرب مشروع الإصلاح الوطني بأسره عرض الحائط!من أجل ذلك، أحسب أن من واجبنا جميعا، أن نقوم بالضغط على دوائر القرار، وندشّن حملة شعبية وطنية ضد قانون الصوت الواحد والصوتين، نطالب فيها بقانون انتخاب محترم يليق بدولة فيها أكبر نسبة متعلمين في العالم العربي، وتحظى بميراث سياسي أفضل من أغلب الدول العربية، ونقف ضد من يصمّمون على أن نسير إلى الخلف لا إلى الأمام، ويقودونا من نفق إلى آخر، أن نقول لهم: كفى!

(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012