أضف إلى المفضلة
الأحد , 12 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 12 كانون الثاني/يناير 2025


فرصتنا التي تضيع..

بقلم : ناهض حتر
19-05-2012 11:48 PM
ان شيخ التاريخ ليقهقه وتهتزّ لحيته البيضاء من ركام الثرثرات عن ' الكيان المصطنَع' الذي تتصلّب صلابته الوطنية بينما تنوء الدول القومية بشرعيتها والدول النفطية بثرواتها بتشققاتها.
لم يكن ذلك بسبب السياسات الرسمية التي عملت, بكل طاقتها, على ارتكاب الاخطاء والخطايا واختيار نهج انتحاري يقوم على تفكيك الدولة والمجتمع, بل بالضدّ منها. الفضل يعود, حصريا, إلى تطابق الدولة والوطنية الاردنية, تطابقا عضويا من حيث التاريخ المحلي والجغرافيا السياسية والتركيب الاجتماعي الثقافي للجماعة الوطنية الاردنية.
منذ تأسيسها, لم تحظ الدولة الاردنية بالفرصة المتاحة اليوم; يمكنها إعادة ترتيب أوراقها الداخلية بمنأى عن الضغوط, وانتزاع مكانتها الاقليمية بوصفها الدولة الوطنية الاكثر جدارة في المنطقة العربية.
دعونا نلاحظ ما يلي:
لم يسبق أن كانت الولايات المتحدة في حالة من الوهن والشلل كما هي اليوم. فهي غارقة في أزمتها الاقتصادية المتصاعدة, وتدبّر آثار هزيمتها في العراق, وظهور التحدي الاستراتيجي الروسي في سورية, وتنامي التحدّي الاقتصادي الصيني وصعود دول البريكس في مقابل التردي الاوروبي.
ربما تقلق نخبة الحكم من وهن الحليف الامريكي, لكن, بالنسبة للدولة الاردنية, تكمن الفرصة في الغياب الامريكي بالذات. صحيح أن هذا الغياب يمنح الاسرائيليين أيضا الفرصة المواتية لجنون غير منضبط, لكن يوازنه الرد الايراني العنيف الممكن. ما يبقى تصعيد سياسي ينبغي امتلاك الجرأة للرد عليه بتصعيد مماثل.
العامل الفلسطيني لم يعد يشكل عنصرا ضاغطا على الدولة الاردنية; ' السلطة' تتنفس عبر عمان, و'حماس' خرجت من المعادلة.
حلف الاعتدال العربي في وضع الانهيار; مصر في حالة فوضى مديدة والسعودية في حالة قلق داخلي وحصار من التحدي البحريني والتحدي اليمني.
المشروع القَطري الاخواني الذي علت أمواجه في المغرب وتونس وليبيا ومصر وسورية, ذلك المشروع, بكل هيلمانه الاقليمي الدولي, انكسر في المحافظات الاردنية, ربما من دون أن يلاحظ كاسروه أنهم يخوضون صراعا إقليميا ودوليا!
دمشق وبغداد تحتاجان عمان اليوم; الاولى لتأمين حدودها الجنوبية, والثانية لتأمين ضبط المنطقة الغربية المتمردة بدعم سعودي. وهو وضع يتيح للأردن تنويع خياراته الاستراتيجية, فيخرج مستقلا وقويا. بوضوح, أقصد ولوج البوابتين, السورية والعراقية, نحو إيران. ولن يكون هنالك ثمن باهظ للقرار بحرية الحركة: طهران, موسكو, وبكين.
لكن تنويع الخيارات الاستراتيجية غير ممكن من دون الوقوف على أرض صلبة; فهناك أربعة ملفات داخلية لم يعد ممكنا تأجيلها: (1) تصفية قضايا الفساد والخصخصة والهدر, ليس بطيها المستحيل, وإنما بإعلان الحقائق واسترداد المنهوبات, (2) الحل الجذري لمشكلة المواطنة في قانون جديد موحد المعايير للجنسية الاردنية, والتوافق مع منظمة التحرير الفلسطينية على تصفية متعلقات فك الارتباط مع الضفة الغربية, (3) الاعلان الصريح عن إفلاس النهج النيوليبرالي والشروع في إعادة بناء القطاع العام كجزء من عملية تنموية شاملة, وطنية وديموقراطية ومحلية, (4) تصميم وتنفيذ خطة وطنية ذات مضمون اجتماعي للإصلاح المالي.
الفرصة المتاحة للدولة الاردنية - وهي مؤقتة بظروفها الراهنة طبعا أهمّ وأشمل وأعمق من تبديدها بلعبة انتخابات نيابية بائسة - وتحمل, رغم ذلك, مخاطر تفجيرية - أو بالبحث عن حل جزئي للأزمة المالية بالخضوع الامتثالي لصندوق النقد الدولي والدخول في نفق السجال حول الدعم ونسبه وتوجيهه إلى مستحقيه الخ من السذاجات قصيرة النظر وسواليف حكومات الموظفين.
يتمتع الاردن اليوم بفرصة استراتيجية.. وهي تحتاج إلى رؤى وقرارات ونخب توازي حجم الفرصة وتاريخيتها.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-05-2012 01:07 AM

الموقع الجيوستراتيجي للأردن كان مهماً من القدم . فقد كان المنطقه العازله بين الأمبراطوريه الرومانيه والفارسيه وليس غريبا أن يحوي حضارات متنوعة لا يشملها (مجتمعه)بلد آخر في المنطقه, فمن آثار الحضارة العربيه الوحيدة التي تركت أثاراً معماريه عظيمه (الأنباط) واعجوبتهم البتراء ألى مدن الديكا بوليس وجرش التي يقول عنها خبراء الآثار انها المدينه الرومانيه الوحيدة الباقيه في العالم بكامل مرافقها القديمه, ألى مواقع المعارك الأسلاميه العظيمه الى قصور الأمويين ألى قلاع الصليبيين وقلاع صلاح الدين وقلاع الفاطميين في العقبه. أما أمتداد التواجد العربي فهو قائم وبشكل مستمر منذ أن فتح الأمبراطور الروماني تراجان البتراء عام 106 قبل الميلاد ,انهى حضارتها حيث تحول أهلها الى الباديه بعد أفول التجارة والحضارة وأستمر اعقابهم (قبيله الحويطات )الأردنيه الى هذا اليوم يشهدون على تاريخ عربي قديم لهذة الديار .

2) تعليق بواسطة :
20-05-2012 02:45 AM

كلام معقول ولكن ما أنت ونحن إلا ركاب في سفينة لا نملك من أمر قيادها شيئا!

3) تعليق بواسطة :
20-05-2012 03:32 AM

Nahed is the best in analyzing the problem ,,BUT,, he is the worst in proposing the soliution

4) تعليق بواسطة :
20-05-2012 08:45 AM

في عام 67 دخل الاردن الحرب رغم محاولات الكثيرين اقناع الملك حسين رحمه الله بخطورة القرار وتداعياته وكان على رأس هؤلاء الشهيد وصفي التل وفي عام 90 وقف الاردن مع العراق رغم كل الضغوط التي مورست عليه من الامريكان ودول الخليج والاتحاد الاوروبي, في الحالتين كان الثابت الوحيد لقرار الملك هو الجبهة الداخلية وتوجه المجتمع الاردني الذي كان ميالا لدعم مثل هذه القرارات على الرغم من خطورتها وهذا يدل على قومية الاردنيين واستعدادهم للتضحية في سبيل قضايا عربية.
اليوم جبهتنا الداخلية هشّة الى ابعد الحدود وهناك انقسام داخل المجتمع الاردني حيال الملف السوري والملف الفلسطيني او التقارب مع ايران وهناك انقسام اخطر حيال ملف فك الارتباط وهناك انفصام و انقسام حيال بعض ملفات الفساد فاذا ما ظهر اسم بعض رموز ابناء العشائر في بعض الملفات هبت تلك العشائر للوقوف مع ابنها وللدفاع عن اسمها وهيبتها وهذا بسبب انتقائية النظام لملفات الفساد

العامل الاخر لعدم مقدرة الاردن على المناورة ولعب مثل هذه الاوراق ومغازلة الحلف الاخر هو ان النظام وبعد ان انحنى لعاصفة احداث البرجين عام 2001 وارتمائه الكامل في الحضن الامريكي وتعاونه الكامل في غزو العراق والتعاون الامني وغير الامني في العراق وافغانستان وفلسطين وطرد حماس عام 99 كل هذه القرارات تمت بدون اجماع وطني وكان النظام يتصرف بدون الرجوع للشعب او الاخذ برأيه او رغباته بل كان ينفذ رغبات واوامر الامريكان وبالتالي لا يستطيع النظام المراهنة على دعم الجبهة الداخلية لاتخاذ مثل هذا القرار او المناورة بعد تخبط النظام في قراراته لمدة اثني عشر عاما وضع فيها كل بيضاته في سلة الامريكان وهو غير مستعد للعب اي ورقة من اوراقه ولو من قبيل المناورة او الابتزاز المشروع في مثل هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الاردن سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي ويعتاش على المساعدات التي تقدمها هذه الدول التي تطالب ان يدير الاردن ظهره لها.
مثل هذا القرار يحتاج الى جبهة متماسكة واقتصاد يستطيع الصمود امام النتائج المتوقعه في مثل هذه التغييرات فالامريكان والسعودية لن يسمحوا للاردن بتغيير تحالفاتة دون ردة فعل والنظام اضعف من ان يستطيع ان يقوم بمثل هذا التغيير والجبهة الداخلية هشة ومنقسمة و تعاني من مشاكل اقتصادية بالدرجة الاولى وهذا شيء يعرفه الامريكان والسعوديون جيدا.

5) تعليق بواسطة :
20-05-2012 10:36 AM

الكمبرادورية نسيتها اليوم . لا تنسى حطها في مقالك بكرة ( ! )

6) تعليق بواسطة :
20-05-2012 03:12 PM

الى تعليق خمسة

المدعي أبن الوطن أضف سيحيج ينتظر المكارم الى أسمك وسحج وأدبك ولا يهمك.

7) تعليق بواسطة :
20-05-2012 03:43 PM

نعتذر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012