أضف إلى المفضلة
الأحد , 12 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 12 كانون الثاني/يناير 2025


الفقيد لم يمت بعد

بقلم : حسين الرواشدة
28-05-2012 12:48 AM
كنا نعتقد بعد نحو عشرين عاما من تجربة “الصوت الواحد” المجزوء الذي مزق مجتمعنا وجرح سمعة مؤسسة “النيابة” في بلدنا، ان الفقيد انتهى عمره، وان ما ينتظره –فقط- هو اعلان الوفاة واقامة مراسيم الدفن.. حتى لو لم نقرأ على روحه الفاتحة.

لكن يبدو ان ثمة من يريد ان “ينفخ” الروح في هذا الجسد “الميت” ويعيده من قبره الى الحياة من جديد، والمسألة لا تتعلق بانطباعات –فقط- استخلصناها من رسائل عديدة صدرت في الفترة الاخيرة على لسان بعض المسؤولين، وانما هنالك معلومات شبه مؤكدة تشير الى وجود توافقات سياسية بين بعض الجهات في الدولة لاعادة صياغة قانون “الانتخاب” وفق مبدأ الصوت الواحد مع محاولة “تزيينه” بتخصيص (15) مقعدا لقائمة تمثل المحافظات.

اذا صحّت هذه المعلومات فاننا سنكون امام “نازلة” جديدة، من شأنها ان تعصف بما بقي من “امل” لدى بعض الناس بمشروع الاصلاح، او هي –ان شئت- اخر طلقة تستهدف هذا المشروع الذي يفترض ان يكون خيارنا الوحيد للخروج من ازمتنا “المعقدة” على صعيد السياسة والاقتصاد معا.. لن نحتاج الى احياء ذاكرتنا لنستعيد بعض التصريحات الرسمية التي بشرتنا “بدفن” الصوت الواحد، او بعض الآمال التي علّقت الاصلاح على اجراء الانتخابات البرلمانية وفق قاون “توافقي” يحظى برضى المجتمع الاردني بكافة اطيافه، لكن في موازاة ذلك نتذكر –ايضا- ما جرى من “توظيف” لاستطلاعات رأي ذهبت الى ان الصوت الواحد هو خيار الاغلبية، وما حدث في الاسابيع الماضية من “استدارة” في توجيه النقاش العام حول”القانون” من دائرة عمان ونخبها واحزابها الى دائرة المحافظات والاطراف، والمقصود هنا واضح تماما وهو ان وصفة “الصوت الواحد “ هي الوحيدة القادرة على ارضاء هؤلاء الذين يخرجون للشارع في المحافظات البعيدة، وهي –ايضا- الضامن لبقاء الاوضاع على حالها، وبالتالي انتاج مجلس نيابي “طيّع” ويمكن الاعتماد عليه في فرملة الاصلاح ومواجهة اية مستجدات جديدة تفرضها استحقاقات اللحظة الراهنة او القادمة.

اخر ما يفكر به صنّاع القانون هو ردود فعل الناس، ومصلحة الجماعة الوطنية، وجدوى مشاركة “القوى” السياسية في الانتخابات، واخطر ما يخطر الى بالهم ما حدث من تداعيات لتجربة “الصوت الواحد” على صعيد المجتمع وعلى صعيد “القرار السياسي” الذي اختطفته بعض الحكومات في غياب “البرلمان” القوي الذي يمثل ارادة الاردنيين ويدافع عن حقوقهم وقضاياهم.

يمكن ان نفهم –الآن- لماذا اصرت الحكومة الجديدة على “بقاء” القانون في عهدة النواب؟ ولماذا رحلت الحكومة التي “هندست” القانون رغم انها لم تكن راضية عنه؟ ولماذا بدأ الغزل بين الحكومة الجديدة وبين النواب وانتهى الى ثقة 75 نائبا بها.

اخشى ما اخشاه ان يكون ثمة خطأ قد حصل، فبدل ان ندفن “الصوت الواحد” ونبدع قانونا جديدا يسمح “للحزبية” في بلادنا ان تتنفس الهواء، ذهبنا الى “دفن” مشروع الاصلاح، ظنا منا ان الفقيد هو هذا الذي انشغلنا به على مدى عام ونصف، لا “الصوت الواحد” الذي اثبت بجدارة انه حيّ يرزق.. وانه صالح لكل زمان ومكان.. وان من صنعه “كسر القالب” من بعده لدرجة انه لا يوجد له أي بديل!

(الدستور)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012