أضف إلى المفضلة
السبت , 01 شباط/فبراير 2025
السبت , 01 شباط/فبراير 2025


المعشر : بين مصر والأردن: هل هناك أمل لقوى ثالثة؟

24-06-2012 10:46 AM
كل الاردن -

مروان المعشر : ترأست الأسبوع الماضي، مع د.عبدالكريم الأرياني رئيس وزراء اليمن الأسبق، وفداً من مركز كارتر للسلام لمراقبة الانتخابات الرئاسية المصرية. وقد أتاحت لي هذه الفرصة الالتقاء بالعديد من القوى المدنية والدينية في مصر، منهم الفريق أحمد شفيق، وعمرو موسى، وحمدين صباحي، وخيرت الشاطر، وشيخ الأزهر، وعمرو حمزاوي، ورئيس حزب النور، وممثلين عدة عن الحركات الشبابية، وغيرهم.
ثمة ملاحظتان رئيستان استوقفتاني بعد قضاء عشرة أيام في مصر: الأولى، هي استمرار احتكار المشهد السياسي من قبل ثنائية 'العسكر والإخوان'. وهو احتكار لا يقتصر على مصر وحسب، بل على العديد من البلدان العربية أيضاً. أما الملاحظة الثانية، فهي أن هناك بدايات لنشوء قوى ثالثة تؤمن بالديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة، ولا تقبل هيمنة دينية أو عسكرية على المجتمع. لكنها قوى ما تزال في حاجة إلى تأطير فكري لبرامجها، وقدرات تنظيمية وتمويلية، إن هي أرادت بلورة منافسة جدّية للقوتين الأوليين اللتين تثبتان يوماً بعد يوم مدى ما تتمتّعان به من إمكانات تنظيمية ومالية. ومعروف أن هذه الإمكانات أتاحت وصول مرشحين للرئاسة يفتقد كلاهما إلى العديد من الصفات القيادية التي تؤهّلهما لقيادة أكبر دولة في العالم العربي.
وللأسف، فإن البداية المشجعة للثورة المصرية في العام الماضي، والتي شهدت تعاوناً جاداً بين القوى الشبابية من مختلف الاتجاهات السياسية، من مسلمين ومسيحيين، رجالا ونساء (والتي شهد عليها ميدان التحرير الذي أعطى بارقة أمل، لا في مجال التوحّد لإسقاط نظام مستبدّ وحسب، بل التوحّد أيضاً للعمل من أجل التعدّدية والديمقراطية للجميع)، هذه البداية تبدو اليوم في تراجع.
كل هذا يبدو للوهلة الأولى وكأنه أصبح جزءاً من الماضي، وأن التعددية والوسطية التي لاحت بوادرها في العام الماضي، اختزلت هذا العام في خيارين لا يعطي أي منهما الثقة بإيمانه العميق والواضح بهذه التعددية، على الرغم من الالتزامات اللفظية كافة بذلك. وهكذا، بات مشروع بناء الدولة المدنية التعددية منحسراً أمام أولوية إقصاء الآخر.
ما تشهده مصر من كلا هذين المعسكرين على صعيد التطبيق، لا يبشّر بالخير. فقد راعني موقف العديد من القوى المدنية التي كان واضحاً أن خوفها من وصول الإسلاميين إلى السلطة طغى على مواقفها المعلنة بالالتزام بالديمقراطية والتعددية، ما أدّى إلى دعمها، بشكل علني أحياناً، لممارسات المجلس العسكري غير الديمقراطية، طالما أن ذلك يضعف الحركات الإسلامية. وبذلك، فإن هذه القوى تمارس فعلاً ما تتهم به الحركات الإسلامية والنظام السابق من مواقف إقصائية ومحاولة الاستئثار بالسلطة.
كما أن ممارسات الحركات الإسلامية، حتى الآن، لا تبشّر بالخير أيضاً؛ من تركيزها في مجلس الشعب على قضايا تتعلّق بالحريات الفردية وخفض سنّ الزواج للنساء وغيرها، بدلاً من القضايا الحياتية التي تهمّ معظم أفراد المجتمع، إلى محاولة الهيمنة على اللجنة المكلفة بصياغة الدستور، بشكل لا يأخذ بعين الاعتبار التعددية الثقافية والدينية والفكرية للمجتمع المصري. وقد أدّى ذلك إلى خسارة هذه الحركات تأييد العديد من أفراد الشعب المصري بعد أشهر قليلة من عمل مجلسي الشعب والشورى.
واضح أن مفهوم الديمقراطية الحقة ما يزال هشاً وسطحياً لدى كل من هاتين القوتين، وأن التزامهما بالدولة المدنية والتعددية والتداول السلمي للسلطة، كما في وثيقة الأزهر، بحاجة إلى براهين عملية وليس التزامات لفظية، وهو ما يبدو عليه الحال الآن.
لكن الأمل اليوم في الحركات الشبابية والمجتمعية التي التقيت مع العديد من ممثليها. فأفراد هذه الحركات واعون تماماً لضرورة بناء الدولة المدنية التعددية على أسس ديمقراطية، ويتمتّعون بفهم عميق وفكر مستنير وإدراك تام لضرورة العمل المنظم على الأرض من أجل بناء قوى ثالثة، تكون لها امتدادات شعبية وقدرات تنظيمية وبرامج واضحة، تحدّد ليس فقط ما تقف هذه الحركات ضده، وإنما ما تؤمن به من أهداف، وما تنوي فعله لتحقيق هذه الأهداف. كما أنها تهتمّ بآراء ومصالح منتسبيها من نقابات وحركات اجتماعية.
من الواضح أن تطوير هذه القوى الديمقراطية سيحتاج إلى وقت مديد، وإلى قدرات مالية وتنظيمية لن تتحقّق بين ليلة وضحاها. لكن من الواضح أيضاً أن قطاعات واسعة من المجتمع المصري لم تعد راضية بالخيارات السياسية المتاحة أمامها اليوم، وهي خيارات مشكوك في قدرتها على تطوير مجتمعات تعددية تؤدّي إلى تنمية مستدامة وحريات فردية تشجّع على الابتكار والإبداع.
ما علاقة ذلك كله بما يجري في الأردن؟
إن النجاح الذي حقّقه الإسلاميون في مصر، يدفع الدولة الأردنية باتجاه المزيد من التشنّج والسياسات الإقصائية، عوضاً عن دفعها باتجاه مشاركة القوى الفاعلة كافة في الحكم، ومن بينها الإسلاميون، بشكل عادل وجاد يضمن التدرجية والجدية في آن، ويؤسّس لدولة تعددية حداثية لا يطغى فيها فكر على فكر أو فئة على فئة أخرى ويتشارك فيها الجميع، ويشجع قيام أحزاب متعددة بشكل تدريجي، تتنافس في تداول سلمي للسلطة يحدّده الشعب من خلال صناديق الاقتراع في الأوقات والظروف كافة.
للأسف، لا يوجد وعي كاف بهذا التوجّه. بدلاً من ذلك، نجحت القوى التقليدية المحافظة في الدولة في إقرار قانون انتخاب في مجلس النواب أقل ما يقال عنه إنه تكريس للوضع القائم الذي لم يعد مقبولاً ولا مستداماً، وفيه تجاهل، بل واستخفاف بقطاعات واسعة من التيارات السياسية والاجتماعية، وليس الإخوان المسلمون وحدهم. هذه الجهات تريد قانوناً يكسر احتكار السلطة والإخوان، ويسمح بتطوير قوى ثالثة مدنية تعددية ديمقراطية تعبّر عن تطلّعات الغالبية من أفراد المجتمع الأردني؛ وهي غالبية شبابية لم تعد ترغب أو تقبل بالعيش وفق أنظمة ريعية تحابي البعض على حساب الكل، وأنظمة سياسية لا تسمح بكسر احتكار ثنائية السلطة التي تحكم بدون نظام من الرقابة والمساءلة، ومعارضة تهدّد الصفة التعددية الوسطية للمجتمع الأردني.
لقد صرّح جلالة الملك في أكثر من مناسبة، كما سمعت منه شخصياً قبل حوالي أسبوعين، عن رغبته في قانون يشرك فئات المجتمع كافة، بما في ذلك الإخوان المسلمون، بشكل جدي يتعدّى نسبة
الـ13.7 % التي حدّدت للقائمة الوطنية. وقد بات واضحاً أن هناك قوى في الدولة لا ترغب في خسارة امتيازاتها، ولا تؤمن بما يقوله رأس الدولة نفسه.
من غير المفهوم كيف تسمح الدولة بتجاهل رأي عام عارم يريد تطوير الحياة السياسية، وخلق أنظمة من المراقبة والمساءلة، وانتخاب مجالس نيابية قوية وقادرة على مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها، إلا إذا كان البعض ما يزال يعتبر نفسه الحارس والقيّم والوصي على الأردن، بغض النظر عن تطلعات شعبه، ويسعى إلى قانون يعيد إنتاج التركيبة نفسها التي يشكو منها الجميع الآن.
لا يصح، ولا يجوز أن تسكت الفاعليات السياسية، الموالية منها قبل المعارضة، على مثل هذا القانون الذي يتجاهل ما يجري من حولنا، ويقود البلاد نحو المجهول. ولا يجوز أن يتم إقراره من قبل مجلس الأعيان لمجرّد التذرّع بعامل الوقت. ولا أبالغ إن قلت إن هناك مسؤولية وطنية على مجلس الأعيان للوقوف ضد هذا القانون الرجعي، كما أن هناك مسؤولية شعبية لإسماع صوتها وإفهام القوى المحافظة أنها تتلاعب بمستقبل البلد.
قد لا يتم تطوير قوى ثالثة بين ليلة وضحاها، وسيستغرق ذلك بالضرورة سنوات وربما عقودا، ولكن العجلة بدأت، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء.

*نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-06-2012 01:19 PM

تحليل وكلام يحتاج أن يقرأه صاحب القرار والموالي والمعارض. كلام هادئ ومنطقي وليتهم يفهمون بأن عقارب الساعه لن تعود إلى الوراء بل ستطحن الأغبياء والفاسدين والمتعفنين عاجلا أو آجلا. ليت الجميع يفهم بأنهم لن يستطيعوا هزيمة شعب عرف طريقه.

2) تعليق بواسطة :
24-06-2012 06:41 PM

The issue is very complicated as you are well aware as many others do.The Muslim brotherhood party is not and have not been ever a political party . They rely on Heaven to resolve earth issues and use this as an advantage against opposition .They have failed over almost one century to develop a Manifesto to meet modern societies requirements and be real partners in politics. This has resulted in their failure to come up with plans on how to fix our economical issues, Birth control, Social Justice,…….and many other issues . For example, they resist on birth control because they believe REZK comes from heaven when children born, which is untrue and they convince people with this , but when poverty strikes , and no jobs the only thing they do they blame government . Every one in life is responsible for his advise except them because they have believes that if the FATWA is wrong then the person who issued it get s one HASSANA and if he is right he gets two HASANA. They never come up with plans to help birth control, because they think the west behind it plus numbers matter to tham more than quality. This is evident in Engineers association where they keep reminding the nation that there are 90,000 engineers , where in fact their achievement is negligible if compared with any western country.They also resist insurance enforcement on doctors as a way of social justice to patients so they can be compensated , because they believe and think it is KADA WA KHADAR i.e they blame GOD for the death caused by negligent doctors, drivers
They rely for their popularity on faith and others corruption, both does not provide them the necessary skills and tools to run a country. A religious person is not the right fit or has the criteria to be able a to be political leader .The Msulim brotherhood must address many major issues to be able to be real partners . First come up with political party , where young generation lead the way far from the traditional leadership i.e separation between current Muslim brother hood and this proposed party. This new party objectives should in my opinion be based on Human rights Charter, where people are equal based on this greatest invention of mankind which is an International base line where people able to be free to believe , free to express their opinion…and treated equally.

From the political point of view , this new born party should be loyal and only loyal to Jordan .We can not accept that a political party main objectives to be tied up with HAMAS, IRAN, PAKISTAN, TALBAN…………etc.We want our if this happen future prime minister if elected be Jordan man and not HAMAS man or IRAN or any other country .
I am afraid to say that if the King or the country decides to allow the Muslim brother hood to be partners; this will not solve our issues. The onus on the Muslim brotherhood to be creative , come up with modern political party, respect Human rights , have modern ideas to run the country for the best interest of Jordan and only Jordan , and participate in the international community with respect and not to isolate Jordan .In Jordan, the way I see it is quite impossible to see this third power coming up but I think if I were in the King shoes , have free transparent elections for the MPs, fight corruption fiercely , have your government perform with transparency . restrict the royal family members from taking advantage of their status , come up with a law for this purpose. Hiring process for his majesty government for key positions should be based on ethical hiring process to fill key positions .I suggest 200 to 300 positions key to be open public competitions. Alwasta and Almhasobia will diminish and other private sectors will follow suit. This will lead to transparency and more efficient government .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012