أضف إلى المفضلة
الأحد , 30 حزيران/يونيو 2024
الأحد , 30 حزيران/يونيو 2024


موت ملوّن

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
23-06-2024 05:59 AM

لا أستطيع بالضبط تحديد موقف أصبح بعده الموت خبرا طبيعيا، لا يؤثر في الناس، علما أن الناس كانوا يخشونه قبل هذا، ويتأثرون بخبره، وقال صلى الله عليه وسلم «كفى بالموت واعظا يا عمر».. لكن الموعظة المستقرة اليوم في أذهان الناس «ناسنا اعني»، ان حياة الآخرين «فانية»، وتنتهي في أي وقت، ولأي سبب، ولا أحد يكترث لا بالموعد ولا بالسبب، ولا يمكنني تشبيه حال الناس هذه الأيام بحال أي من الكائنات الأخرى، وفي كتابات كثيرة، وصفنا موت العرب الجماعي، بل قل قتلهم، وإبادتهم، خبرا يشبه إغراق قرية نمل بالمبيدات او مشتقات النفط أو «دعسا تحت الأقدام»، لكنه سؤال ما زال بلا إجابة: متى أصبح موت الناس هنا خبرا عاديا؟!.. هل هان هذا الخبر يوم تم إعدام الزعيم العراقي المرحوم صدام حسين، و المجازر في العراق، ثم تلاه بسنوات قتل الزعيم الليبي المرحوم معمر القذافي بطريقة همجية، ثم موت الليبيين بعده جماعات؟.
يمكننا اعتبار هذه الأحداث بدايات حديثة لتبهيت أثر ووقع الموت في نفوس الأحياء، لكننا شهدنا حدثا عالميا هان معه الموت، وأصبح مجرد حصيلة ورقم، وهو «حكاية كورونا»، وفي كل حكايات الموت وأخباره، لم نجد موتا أسرع وأقل قيمة من موت العرب والفلسطينيين منهم، فقد كنا نسمع عن المجازر التي وقعت بحقهم على امتداد حوالي 70 عاما، وإلى اليوم، أصبح خبر موت الفلسطيني خبرا يوميا لا يؤثر في الناس، سواء مات قتلا بسلاح أم جوعا أم كمدا وقهرا..
انتهت عطلة «عيد» طويلة؛ وعاد الموظفون إلى مكاتبهم، بعد 9 أيام كاملات من العطلة، ويجب أن أعترف بأنه كان عيدا «شلفقة»، فاقدا لكل معانيه، حتى الأضاحي تقريبا اختفت من الأخبار، ولم تتشح صفحات الفيسبوك باللون الأحمر وجثث الخراف المذبوحة بسكّين.
ومن أكثر الأخبار التي انطوت على وقع مميز لخبر الموت، هو الخبر الذي وردنا «بالتقسيط» عن موت بل قل استشهاد مواطنين أردنيين في الديار المقدسة في الشقيقة السعودية، فإلى رحمة الله وجناته انتقل نفر من الحجيج، وغادروا من هناك، من رحاب مكة الطاهرة، فصعدت أرواحهم إلى السماء، وهي «موتة»، كان يتمناها الحجاج على امتداد التاريخ الإسلامي، وعلى الرغم من أحزان ذويهم، إلا أنهم كانت وما زالت نفوسهم عامرة بالرضا عن فقدان ذويهم في رحلة الحج المقدسة.
الحجاج استشهدوا، ونسأل الله القبول لهم ونسأله الصبر والسلوان لذويهم،، نحسبهم نالوا أحسن الحسنيين..
لكن: من سهّل لهم ظروف هذا الموت؟.. وكيف ماتوا؟ .. وهل طلبوا ماء ووجدوه حين لفظوا أنفاسهم الطاهرة؟.. كل الأسئلة لها علاقة بطرف ثالث، وهم «تجار البشر»، الذين ينتشرون في كل الدنيا، وهم على استعداد لبيع سكان الكوكب وتصديرهم وتسفيرهم إلى المجهول مقابل حفنة من مال.
رحمهم الله، ولا ننسى أن نترحم على أيام كان للإنسان فيها قيمة، ولحياته احترام وأهمية.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012