أضف إلى المفضلة
الإثنين , 08 تموز/يوليو 2024
الإثنين , 08 تموز/يوليو 2024


لا نخترع العجلة بل نتعلم من أخطائنا

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
04-07-2024 05:35 PM

العبارة في العنوان، تظهر لي منذ أسبوع كعنوان خبر، لكنها مبدوءة بكلمة «نحن»، ومنسوبة لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، وأؤكد هنا بأنني لم أسمعها منه ينطقها عبر أية وسيلة إعلام، ولم أقرأ أي خبر اتخذها عنوانا، ولا أعرف بالضبط منذ متى أصبحت أكتفي بالعناوين ولا أقرأ متون الأخبار فهي التي فيها جلاء الشك والرّيب.. لكن دعوني أغوص قليلا بهذه العبارة والعنوان، مكتفيا بأن قائلها هو رئيس وزراء أسبق، يبذل جهدا ونشاطا «إعلاميا» هذه الأيام، ويكتب زملاء مقالات حول نشاطاته وتصريحاته، باعتباره رئيسا للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية..
حين يقول الرفاعي «نحن لا نخترع العجلة بل نتعلم من أخطائنا»، فيمكنني الاعتقاد بأنه يتحدث عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لكن تلك اللجنة انتهى عملها وتمت صياغة تشريعات وتوجهات سياسية، أصبحت قيد التنفيذ الآن، ونحن على أبواب انتخابات تشريعية تغير قانونها، بموجب توصيات تلك اللجنة، فاحتمال أن الرفاعي يتحدث عن أخطاء في تلك اللجنة ليس مقنعا ولا محتملا بأنه هو الذي يعنيه سمير الرفاعي بعبارته تلك.
الاعتقاد الثاني متعلق بالدولة، سلطاتها ومؤسساتها ومسؤوليها، فهو ربما يقصد كل هؤلاء حين يقول لا نخترع العجلة ونتعلم من أخطائنا، وهذا هو الاحتمال الأرجح بين كل الاحتمالات، فدعوني أزعج الناس قليلا بكلمات عن هذه العبارة إن كانت انطلقت من هذا الرجل على وجه التحديد، في وصفه «لمبدأ» عمل المسؤول وصاحب القرار في أية جهة أو مؤسسة أو سلطة..
العبارة صحيحة، وهي ترتقي إلى مستوى «نظرية سياسية» مطلوبة، وتنطوي على مفاهيم إصلاحية وديمقراطية واسعة، فإدارة شأن الدولة أو الشأن العام، هي عمل عام مطلوب تنفيذه بموجب قوانين، ويستند إلى غايات وأخلاقيات نابعة من حياتنا وهويتنا وثقافتنا، وهو عمل الدولة ومسؤوليها وموظفيها وكل مؤسساتها لتحقيق غايات وأهداف هذه الدولة، وتحقيق تطلعاتها وحمايتها وتنظيم علاقات وشؤون مواطنيها، والمهم في هذه العملية هو تحقيق الأفضل للدولة ولكل هذه المكونات والعناصر والأطراف، وبالعودة للعبارة نفسها فإنها تعبر عن معادلة أي حوار وتفاعل ديمقراطي، وإن مقولة «فولتير»: «قد أكون مختلفا معك في الرأي، ولكنني مستعد لدفع حياتي ثمنا للدفاع عن رأيك»، ما هي إلا جزء من عبارة أو مقولة سمير الرفاعي، لأن الشخص السليم المتوازن المستقيم، وفي حال كان لديه قناعة أو رأي ما، فهو يجتهد في أي حوار ليثبت وجهة نظره، لكنه أي الشخص نفسه وفي حال اقتنع بخطأ وجهة نظره أو رأيه أو عمله، واقتنع بوجهة النظر الأخرى، فهو يصبح من جنودها ويقوم بتطبيقها في عمله وكل حياته.
الكلام ليس فلسفيا، ولا أكتبه لأسباب شخصية، حيث لا علاقة شخصية تربطني بسمير الرفاعي، بل إنني انتقدته كثيرا حين جاء خلال رئاسته للحكومة بمدونة السلوك الإعلامي، التي تخطفتها الأيدي آنذاك، وتعاملت معها بمزاجية، فظلمت صحفيين وأغدقت على آخرين، ثم تم التراجع عنها، بعد أن أثخنتنا بالمشاكل، ولو كانت اختراع عجلة لما تراجعت عنها الحكومة آنذاك..
هل أبوح لكم باستنتاج يختمر في عقلي، وله كل العلاقة بالأخطاء وبالتراجع عنها؟ إنه استنتاج من السياق نفسه، ولا أدري كيف أربطه بسمير الرفاعي؟ فهو لا علاقة قانونية له به لا من قريب ولا من بعيد، واستنتاجي باختصار متعلق «بالغاية نفسها التي دفعت بسمير الرفاعي لإصدار مدونة السلوك تلك»، فأنا اليوم أشاهد المدونة تلك توسعت وامتدت لتطال كل موظفي الدولة وليس الصحفيين فقط، وذلك بعد أن انطلق العمل بنظام الخدمة العامة في القطاع العام، حيث هناك عقوبات بحق أي موظف من القطاع العام يعمل بوظيفة أخرى، فهل هذا خطأ يتطلب أن نتعلم منه ونراجعه، ونقوم بتصويبه، كما يدعو سمير الرفاعي وأي شخص يخشى على الناس والدولة؟!.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012