أضف إلى المفضلة
السبت , 05 تشرين الأول/أكتوبر 2024
السبت , 05 تشرين الأول/أكتوبر 2024


ونحن نختفل بعيد المعلم العالمي

بقلم : فيصل تايه
05-10-2024 06:09 AM

يطلّ علينا كما في كل عام 'يوم المعلم العالمي' الذي يصادف اليوم السبت الخامس من تشرين الأول ، ووفقًا لموقع «اليونسكو» فإن موضوع احتفالات 'اليوم العالمي للمعلمين' لهذا العام ٢٠٢٤ ، ستركز على موضوع 'تقدير أصوات المعلمين نحو عقد اجتماعي جديد للتعليم'. مع التاكيد على الدور المحوري الذي يلعبه المعلمون في تشكيل مستقبل التعليم والحاجة الملحة لدمج وجهات نظرهم في السياسة التعليمية وعمليات صنع القرار ، كما يُعد فرصة لمعالجة التحديات التي يواجهها المعلمون، وخاصة فيما يتعلق بنقص العدد وتحسين ظروف العمل ، ما يمثل دعوة للعالم للتكاتف من أجل دعم التعليم من خلال تمكين المعلمين وتقدير دورهم .

من الملاحظ ان شعار هذا العام يركز على ضرورة 'إبرام عقد اجتماعي جديد للتعليم'، وهو ما يعني إعادة النظر في العلاقة بين التعليم والمجتمع، مع ضمان مشاركة أصوات المعلمين في صياغة سياسات التعليم ، هذا الشعار يأتي استجابة للتحديات العالمية المتزايدة التي يواجهها المعلمون مثل نقص العدد، تدهور ظروف العمل، والحاجة المستمرة إلى تطوير مهني يدعم احتياجاتهم المتغيرة.

اما نحن في الاردن فان 'عيد المعلم العالمي '، يشكل مناسبة نستذكر فيها دور المعلِّم الاردني وعطاءه في مشهد تتجدد فيه الذكرى تكريما واحتراما ، وما يقدمه من جهد وعطاء وتجسيداً لمكانته الرفيعة التي يحظى بها ، ما يدفعنا اليوم الى ان نتطلع إلى دور أكبر وأكثر مواكبة وفعالية للمعلم لاسيما مع الرغبة الكبيرة وحجم التطلعات التنموية والطموحات الوطنية التي لا سقف لها والتي يشكل الإنسان محورها وركيزة أساسية في استدامتها وهو ما يستدعي منا جميعا حشد طاقات الميدان التربوي لخوض غمار المرحلتين الحالية والمستقبلية بواقعية وجدارة ، وبذلك فان الحاجة باتت حتمية لإيلاء المعلم أهمية كبيرة بصفته قائد العملية التعليمية والتربوية، فهو عمادها وركنها وموردها الأساس في التنمية المستدامة، حيث تكمن أهم الدعائم التي تركز عليها فلسفة التربية في تهيئة المعلمين وإعدادهم وتطويرهم بصورة مستمرة، مع الحرص باستمرار على تحسين فرص نموهم العلمي ، وتعظيم إنجازاتهم ، وتطوير مساراتهم المهنية والوظيفية الأفقية، مع التأكيد أن أي تطوير للعملية التربوية التعليمية ، يبدأ بتدريب المعلم وتسليحه بالمهارات التي تمكنه من التفاعل مع معطيات العملية التربوية، وبما يعود بالنفع على الطالب والتعليم برمته.

إن المرحلة المقبلة تفرض متابعة سير العمل في البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي الخاص بقطاع التربية والتعليم ، والذي يعتبر مرتكزا أساسيا في مشروع التحديث الشامل للدولة الأردنية ، مع التاكيد على أهمية الوعي
بالتحول المنشود في نظامنا التعليمي ليكون قادراً على إدارة إنتاج المعرفة ، والمنافسة عالميًا، سواء في التعليم العام أو التعليم المهني ، خاصة ونحن نشهد اليوم تطوراً معرفياً وتكنولوجياً متسارعا ، لذلك فاننا نعول على المعلمين ليكونوا الجنود الأوفياء في مشروع التحديث الشامل الذي يقوده جلالة الملك ، ويعضده فيه ولي العهد ، عبر توعية أبنائنا وبناتنا الطلبة ، خصوصا في مسار التحديث السياسي ، الذي يشكل الشباب فيه ركيزة أساسية ، باعتبارهم محور التغيير الإيجابي ، ونراهن كثيرا عليهم في إنجاحه ، فذلك هو التجسيد الحقيقي والترجمة لما يريده سيد البلاد من الحكومات ومن كل من يعطيه ثقته والتي أكدها 'جلالته' عدة مرات في مختلف كتب التكليف والخطابات واللقاءات والرسائل والتوجيهات الملكية

اننا نحتاج الى السعي إلى بناء تجربة نموذجية في دعم مكانة مهنة التعليم بمؤهلاتها وخبراتها ونظمها التشغيلية ، وصولاً الى تمكين المعلم في منظومة المدرسة الاردنية ، وتحفيزه وتعزيز قدراته التخصصية والمهنية ، وتقدير جهوده الوطنية في إعداد جيل يواكب التحديات ، ومتطلبات مهارات المستقبل ، بما يضمن حياة كريمة للأجيال القادمة ، وبما ينعكس إيجاباً على تعزيز المنظومة التعليمية وتحقيق المستهدفات وتطوير السياسات والتشريعات لبناء أجيال رائدة في كل المجالات.

انا اعتقد ان المحافظة على استمرارية وريادة الدولة في شتى الميادين يتطلب توفير تعليم رفيع المستوى ، قادر على تحقيق التنافسية باعتباره الكفة الراجحة في عالم ينطلق بتصوراته وأفكاره ونهضته وقناعاته من التعليم ، وإلى مدى نجاحه في توفير مخرجات بجودة عالية ، فإذكاء روح المنافسة الإيجابية بين الطلبة للتعلم والتفوق الأكاديمي شرط ضروري لإدخال الريادة التي نطمح لها بمختلف اشكالها في مؤسسات التعليم الاردنية وصولا إلى خريجين يتمتعون بقدر عال من المعرفة والكفاءة وهذا ما تسعى حكومتكم الرشيدة إلى تبنيه عبر ذراعها التنفيذي في هذا المجال 'وزارة التربية والتعليم' وما يحمله ربانها الطموح من افكار تطويرية ستقودنا باذن الله الى مخرجات إنتاجية اردها سيد البلاد تحمل مستقبل الاجيال وتلبي متطلبات الألفية وتجد توازناً بين مختلف احتياجاتنا بكل همة ومسؤولية.

ان رهان الاردن في السنوات المقبلة 'الاستثمار في التعليم' كما ارادة جلالة 'سيدنا' لأنه القاعدة الصلبة للانطلاق نحو المستقبل ، ولا يمكن لأي استراتيجية أو رؤية حول التعليم أن تحقق النجاح من دون وجود معلم متميز ، مدرك لأهمية دوره ، ويمتلك القدرات التي تمكنه من القيام بهذا الدور ، فمن هنا لا بد من إيجاد الدعم الكبير من قبل للحكومة الجديدة للمعلم ، إيمانا بأن المعلمين شركاء أساسيون في بناء حاضر الوطن ومستقبله ، فمهما كانت المتغيرات والتحولات التي تشهدها المنطقة فانها تزيد من أهمية هذا الدور ، فمن خلال 'المعلم الواعي' والمدرك لمسؤوليته الوطنية الكبرى في تخريج الأجيال المشبعة بقيم الوطنية والانتماء والحب لبلدها والمؤهلة لرفع راية الوطن في مضمار التنمية والتقدم والرقي ، والمحصنة ضد مؤامرات قوى التطرف والظلام والجهل التي تستهدف عقول أبنائنا لنشر سمومها وأفكارها المنحرفة.

ان إطار استراتيجية الأردن لبناء اقتصاد قائم على المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة ، تعطي أهمية كبرى لتعزيز قيم الإبداع في كل مواقع العمل الوطني ، وهذا بالتأكيد أول ما يبدأ عبر دور المعلمين ، من خلال تحفيز مهارات التفكير والاستنتاج والتحليل لدى ابائنا الطلبة ، وهنا يتضح أن دورنا يرتبط بكل خطط التنمية واستراتيجيات التطور ، والتي تنبع في أهمية تربية أبنائنا على حب العلم ، وغرس القيم الفاضلة ، والمثل العليا ، والمواطنة الإيجابية ، منذ لحظة تشكل وعيهم وإدراكهم ، حيث يبدأ ذلك من الحاضنة التعليمية الأولى لهم 'المدرسة' ، وهذا يتطلب معلماً واعياً مدركاً لمسؤولياته ، يتعهد بحمل هذه الأمانة العظيمة التي أوكلت إليه لكي يرعاها ويحسن بناءها وتنميتها وفتح آفاق رحبة أمامها ، كما وان التقدم الحقيقي لا يقوم على المنجزات المادية والعلمية فقط ، رغم أهميتها الكبيرة، وإنما يستند إلى أساس أخلاقي راسخ أيضاً ، يغرسه المعلم ، فمن دون الأخلاق تنهار الحضارات وتتراجع وتضمحل ، وأي تقدم مادي لا يقوم الا على الأخلاق والقيم الفاضلة .

وأخيراً ، لك أيها المعلم الأردني في عيدك كل حب وكل تقدير ، إليك في عيدك كل ورود بلادي من دحنونها إلى سوسنها ، ويبقى عيدك عيد الوطن ، فهنيئاً لك عيدك ، فمهما قدمنا لك في الخامس من تشرين الأول ومهما أعددنا لك ، ومهما وقفنا بإجلال واحترام نردّد الأمثال ونتغنى بالقصائد ومقولة: من علمني حرفاً كنت له عبداً ، فلن نفيك جزء من جميل صنيعك .

فكل عام وانتم بألف خير معلمو الوطن الكرام ..

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012