أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 07 كانون الثاني/يناير 2025
الثلاثاء , 07 كانون الثاني/يناير 2025


الخرزة الزرقاء

بقلم : سهم محمد العبادي
05-01-2025 07:48 AM

الخرزة الزرقاء، هذه القطعة الصغيرة التي تُعلق على السيارات، على الأبواب، على الصدور، وحتى على مكاتب المسؤولين، أصبحت رمزًا قوميًّا في معركتنا اليومية ضد «العين الحسود»!
يبدو أن الخرزة الزرقاء أصبحت «سلاحًا» جديدًا في ترسانتنا، نواجه بها التحديات التي يعجز عنها المنطق.
لو تأملت المشهد، ستجدها تزين مرايا التاكسي، وتعلو مفاتيح المسؤول، وحتى أنها أصبحت جزءًا من «إكسسوارات» توقيع اتفاقيات.
الخرزة الزرقاء ليست مجرد زينة للسيارات والمكاتب، بل اقتحمت البيوت الأردنية لتصبح حاضرة في كل المناسبات. تجدها معلقة فوق مهد الطفل حديث الولادة «عشان ما ينحسد»، وفي يد العروس عند خطبتها «لدرء عين العوانس»، وترافق الناجحين في التوجيهي حتى لو كان معدلهم 56، فالحسد لا يفرق بين معدل مرتفع أو متواضع.
بل وحتى أزماتنا الكبرى، كالبطالة والفقر، قد تحتاج إلى خرزة زرقاء عملاقة علّها ترد عنا «عين الحاسدين» وتفتح أبواب الفرج!
أمام كل مصيبة، الحل موجود: علق خرزة زرقاء! الاقتصاد في تراجع؟ ضع خرزة. التعليم يعاني؟ خرزة صغيرة كافية لتصحيح المسار. حتى الشوارع، تلك التي تمتلئ بالحفر وكأنها ساحة حرب، يكفي أن نضع خرزة زرقاء على اللوحات الإرشادية لتتحول الحفر إلى طرق سريعة.
هل تعلم أن الخرزة الزرقاء يمكنها حل أزمة الطاقة؟ تخيل لو قمنا بوضع خرزة ضخمة فوق أبراج الكهرباء، كنا سنصبح دولة مُصدرة للطاقة النظيفة، بفضل «بركات» هذه الخرزة. حتى أزمة المياه، كل ما نحتاجه هو خرزة عائمة في سد وادي شعيب، وستتدفق المياه كما لو أننا نقلنا نهر النيل إلى بلادنا.
لكن أكثر ما يثير الضحك المبكي هو اعتقادنا الجماعي أن الخرزة الزرقاء قادرة على حماية كل شيء، إلا الواقع نفسه. نضعها لصد «عين الحساد»، لكننا ننسى أن مشكلاتنا لا تحتاج خرزة، بل تحتاج «عيونًا» ترى، وأيديًا تعمل، وعقولًا تخطط.
الخرزة الزرقاء ليست الحل، هي فقط زينة صغيرة. أما التحديات التي تواجهنا، فلا تحلها إلا إرادة بحجم جبالنا، وعيون تنظر إلى الأمام، لا إلى الخرزة المتدلية من المرآة، وسلامتكم.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012